الكيان الصهيوني يسعى إلى تفريغ شمال غزة من السكان ^ الوضع الإنساني الكارثي وليد الصدفة بل نتيجة لسياسة حرمان متعمدة فرضها الاحتلال
أكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، الثلاثاء، أنه يتعين على مجلس الأمن «العمل بحزم» لفرض وقف إطلاق النار في غزة، من أجل وضع حد للعقاب الجماعي الذي يتعرض له سكان غزة.
في كلمة ألقاها خلال الجلسة التي خصصت لمناقشة المجاعة في شمال غزة، قال السيد بن جامع إنه «يتعين الآن على مجلس الأمن التصرف بحزم، لفرض وقف فوري، غير مشروط ودائم لإطلاق النار، من أجل وضع حد للعقاب الجماعي الذي يتعرض له الفلسطينيون بغزة واحترام التزامنا تجاه القانون الدولي الإنساني».
وأكد المتحدث خلال جلسة مجلس الأمن الدولي الملتئم بطلب من الجزائر وغيانا وسلوفينيا وسويسرا، «أن تدهور الوضع في غزة(...) كان متوقعا، فالفلسطينيون الذين كانوا يعانون أصلا يواجهون الآن المجاعة».
وقد أعرب بن جامع عن أسفه، قائلا: «كانت المنظمات الإنسانية قد دقت مرارا وتكرارا ناقوس الخطر (حول الوضع في شمال غزة)، في الوقت الذي لايزال المجتمع الدولي عاجزا عن وضع حدّ للعدوان» الصهيوني، حيث سبق وأن أكد على ذلك رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أن «هذا الاعتداء وإن دل على شيء، فإنما يدل على فشل المجتمع الدولي في فرض احترام القواعد المعمول بها عالميا».
كما أصر ممثل الجزائر على أن «الوضع الإنساني الكارثي في غزة ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة لسياسة حرمان متعمدة فرضتها قوة الاحتلال»، مذكرا بما قاله مقرر الأمم المتحدة الخاص من أجل الحق في الغذاء «مايكل فخري»، شهر ديسمبر 2023، إن «الفلسطينيين في غزة يمثلون 80% من سكان العالم الذين يعانون من المجاعة أو الجوع المأسوي».
وأكد أن الكيان الصهيوني، يسعى إلى «تفريغ شمال غزة من السكان». مضيفا، أن الأمر يتعلق «بسياسة اعتمدها الكيان الصهيوني لتهجير الفلسطينيين، بصفة ممنهجة، من المنطقة». وأشار إلى أن السلطات الصهيونية «كانت قد أكدت بما لا يدع مجالا للشك أنه لن يرخص للفلسطينيين العودة مرة أخرى إلى منازلهم في شمال غزة».
كما ذكر أن هذا القرار «يمثل انتهاكا صارخا لقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2735 الذي يضمن حق النازحين في العودة إلى منازلهم».
وأوضح، أنه «بالرغم من النداءات المتكررة للمجتمع الدولي والقرارات التي اعتمدها مجلس الأمن والآليات التي وضعتها الأمم المتحدة، لم تدخل سوى 37 شاحنة من المساعدات الإنسانية يوميا إلى غزة خلال شهر أكتوبر الفارط»، مشيرا إلى أنه سنة من قبل كان عدد الشاحنات 500 شاحنة.
«وسط هذه الأزمة قررت سلطات الاحتلال إنهاء أنشطة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يمثل هذا القرار ممارسة جديدة في إطار العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني»، يضيف السيد بن جامع.
واستنكر تصريحات وزير المالية الصهيوني، الذي يرى أن تجويع مليوني ساكن في غزة أمر «عادل وأخلاقي»، ملحا «ونحن كأعضاء مجلس الأمن علينا أن نحترم التزاماتنا الأخلاقية والقانونية(...) إن حياة الأطفال والنساء وكذا كبار السن، بل كل المدنيين في خطر. لا يمكننا ترك هؤلاء الأشخاص يواجهون بمفردهم قوة الاحتلال(...) التي تحتقر حياة الإنسان».
تداعيات إنسانية كارثية متواصلة على المدنيين الأبرياء
أطراف النزاع بالسودان مدعوة للاتفاق على وقف إطلاق النار
دعت مجموعة A3+، الثلاثاء، بنيويورك، أطراف النزاع في السودان إلى «الاتفاق دون تأجيل» على وقف لإطلاق النار من أجل تمهيد الطريق لعملية سياسية هادفة وضمان حماية المدنيين في البلاد.
جاء ذلك في بيان مجموعة A3+، التي تضم الدول الإفريقية الثلاث وتحظى بالعضوية غير الدائمة بمجلس الأمن الأممي (الجزائر، سيراليون وموزمبيق)، بالإضافة إلى جمهورية غيانا من منطقة البحر الكاريبي، تلاه ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع، خلال جلسة رفيعة المستوى حول الوضع في السودان.
وقال السفير بن جامع، إن تدهور الوضع مستمر في السودان و»تداعياته الإنسانية الكارثية متواصلة على المدنيين الأبرياء الذين يدفعون ثمنا باهظا لهذا النزاع الفتاك، حيث تستهدف النساء والفتيات والأطفال يوميا في إطار فظائع لا توصف»، مؤكدا أن الأحداث الأخيرة في ولاية الجزيرة «تشكل حلقة قاتمة في هذا المسلسل».
وفي الأثناء، أبرز أنه رغم خطورة الأوضاع في الميدان، إلا أن «المجتمع الدولي عجز عن إحداث أي تقدم في جهود السلام، بالرغم من الدعوات الكثيرة والقرارات المتخذة».
في غضون ذلك، أوضح أن مجموعة A3+ ترى أنه «ينبغي أن تبقى حماية المدنيين أولويتنا»، داعيا الأطراف إلى «الاتفاق دون تأجيل على وقف لإطلاق النار، وذلك لتمهيد الطريق لعملية سياسية هادفة ولضمان حماية المدنيين في السودان».
وأوضح أن وقف إطلاق النار على المستويين المحلي أو الوطني، يستوجب من الأطراف «إرادة سياسية قوية»، مشيرا إلى أن «هذه الإرادة يمكن أن تنشأ من خلال خطوات صغيرة ومبادرات بناء الثقة، ومن ثمة فإن عقد جولة ثانية من مباحثات غير مباشرة، على غرار تلك التي جرت في يوليو في جنيف، يمكن أن يشكل إطارا ملائما لبناء الثقة بين الأطراف».
كما شدد بن جامع على أنه من الأهمية بما كان منح جهود السلام كل الفرص للنجاح، لافتا إلى «ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الديناميات والواقع في الميدان.
أي جهد يبذله هذا المجلس لدعم حماية المدنيين سيحتاج إلى صون الجهود الحالية للسلام، كما ينبغي أن ننشئ زخما ملائما لإعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات، أي خطوات ينبغي أن تتخذ بكل حصافة وبالتنسيق مع العلميات الجارية».
وشدد عمار بن جامع على أن حماية المدنيين في الظروف الحالية، تستوجب تحسين الأوضاع الإنسانية، مرحبا بالتدابير التي اتخذتها حكومة السودان، مؤخرا، ولاسيما القرار التي اتخذ بالتشاور مع أطراف سودانية أخرى بتيسير العمليات الإنسانية الجوية عبر جنوب كردفان.
من هذا المنطلق، أكد أهمية الإبقاء على هذه التدابير لضمان وصول المساعدة الدولية لكل من يحتاج إليها من السكان المتأثرين، داعيا المجتمع الدولي إلى «مواصلة زيادة الدعم المقدم لخطة الاستجابة الإنسانية والجهود التي تبذلها حكومة السودان للاستجابة لهذا الوضع المروع في الميدان».
وأبرز السفير بن جامع، أهمية توقف الهجوم على الفاشر وولاية الجزيرة والتمسك بالقانون الإنساني الدولي واحترام مبادئ حقوق الإنسان، مضيفا أن «عدم الامتثال لأي مدونة سلوك من طرف هذه القوات أمر يبعث على بالغ القلق».
وفي السياق، قال: «نغتنم هذه الفرصة لنكرر دعوتنا للأطراف الخارجية للامتناع عن تغذية هذا النزاع واحترام القانون الدولي»، مشيرا الى أن «استمرار التدخل الأجنبي في النزاع السوداني من أهم العوامل التي أدت إلى إخفاق جهود السلام جميعا».
وختم عمار بن جامع بالإشارة إلى أنه من الضرورة بما كان دعم مبادرات السلام التي تنفذ بنية حسنة على المستويين الإقليمي والدولي، مردفا أنه «ينبغي أن يبقى تنسيق الجهود هدفنا المشترك، مع صون الدور المركزي الذي يضطلع به كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي». كما جدد دعوة الأطراف السودانية الى «إعلاء مصلحة بلدهم وجعلها فوق أي اعتبارات أخرى».