استكمال بناء النموذج التنموي الاقتصادي ورصد الأغلفة المالية لإنجاح المسار
استمـرار دعـم المـواد الغذائيـة الواسعـة الاستهلاك برغم ارتفاع أسعارها عالميا
تدابير استباقية لتعزيز الامتثال والشمول الجبائي وتقليص رقعة السوق الموازيـة
أوضح المحلّل الاقتصادي، البروفيسور رمضاني لعلا، من خلال قراءة عامة لمشروع قانون المالية 2025، أنه يهدف إلى استكمال بناء النموذج التنموي الاقتصادي الذي باشر به رئيس الجمهورية خلال عهدته الأولى وتعهد باستكماله خلال الثانية، من خلال رصد الأغلفة المالية لإنجاح هذا المسار التنموي. وكان وزير المالية خلال عرضه لمشروع قانون المالية أمام النواب قد ركز على تعزيز معدل النمو الذي سيصل إلى 4.5 خلال سنة 2025، إضافة إلى الأمن الغذائي والأمن الطاقوي والحماية الاجتماعية، إلا أن تحقيق ذلك يبقى مرهونا بمدى التسيير والمتابعة الصارمين للبرامج التي تضمنها قانون المالية ومدى اندماج الموارد البشرية ضمن هذه المقاربة.
أكد البروفيسور لعلا في تصريحات لـ “الشعب” أن مشروع قانون المالية لسنة 2025، يواجه عدّة رهانات، أهمها استمرار الدولة في دعم المواد الغذائية بالرغم من ارتفاع أسعارها على مستوى البورصة العالمية، إلى جانب استكمال المشاريع الاجتماعية التي التزم بها رئيس الجمهورية على غرار السكن والمنح لصالح الفئات المعوّزة من البطالين والنساء الماكثات بالبيت.
من جهته، يترقب المتعامل الاقتصادي، جديد مشروع المالية من حيث مرافقته للقطاع الخاص، والقضاء على العراقيل التي تعترض المشاريع الاستثمارية خاصة ما تعلق بالإجراءات الضريبية والجبائية. ويؤكد لعلا أن السلطات العمومية اجتهدت من خلال مشروع قانون المالية للعام 2025، في وضع منظومة مالية حمائية -مبنية على أساس معطيات محلية ودولية - خاصة وأن الاقتصاد العالمي، اليوم، يتعرض لهزات متتالية سواء من حيث الأسعار وعدم استقرارها أو الأسواق الدولية أو الموارد الأولية، وهو ما عبّر عنه صراحة وزير المالية لعزيز فايد خلال عرضه لمشروع قانون المالية، بحسب المتحدث، حيث اعتبر أن ذات المشروع يندرج ضمن التجسيد الفعّال لنمط الحوكمة الجديد، في ظل تحدّيات ميزانياتية كبيرة خاصة تلك المتعلقة بتحسين القدرة الشرائية للمواطن، من خلال الإعفاء من الضريبة على الدخل الإجمالي، وإرساء منحة البطالة ومراجعة معاشات المواطنين.
التمويــــــــــل الكلاســـــــــــيكـــــي
في السياق، أكد البروفيسور لعلا، أن العجز الميزانياتي بات تحديا كبيرا نظرا لارتفاع ما يعرف اقتصاديا “بالديون الداخلية” والتي بلغت 16 مليار دج، ومن أجل احتواء هذا العجز، أكد لعلا أن الدولة قد اتخذت تدابير حمائية من أجل تعزيز الامتثال والشمول الجبائي، وتقليص رقعة السوق الموازية إلى جانب توسيع الوعاء الضريبي مع الإصلاح التدريجي للوعاء الضريبي، الذي أصبح يفرض نفسه أمام النسبة المرتفعة التي سجلت فيما يخص التهرب الجبائي، والتي بلغت 40%، يقول لعلا، الذي شدّد على ضرورة توجه الدولة إلى البحث عن موارد جديدة للتمويل بعيدا عن تلك الكلاسيكية كالخزينة العمومية وموارد المحروقات، من خلال إصدار أذونات الخزينة أو الصكوك وبيعها للمتعاملين الاقتصاديين، أو البنوك وتنشيط الحركية الاقتصادية على مستوى القطاع الخاص، من أجل توفير مناصب شغل، وتخفيف أعباء الأجور على الدولة، التي بلغت 5843 مليار دج. وهي جملة الإجراءات التي تحدث عنها وزير المالية في أجوبته ردا على النواب بخصوص امتصاص العجز وتخفيف الأعباء على الخزينة العمومية، من خلال توسيع الوعاء الجبائي ومحاربة الغش الجبائي، والعمل على إدماج السوق الموازية مع السوق الرسمية وهو الانشغال الذي عبر عنه النواب بالإجماع.
وعن الرهانات والتحدّيات التي تواجه مشروع قانون المالية، بدءا بالقطاع النقدي والمصرفي، أوضح لعلا أن الأسواق المالية بما فيها البورصة، والبنوك ومؤسسات التأمين، كأهم الآليات التي تعوّل عليها الحكومة من خلال مشروع قانون المالية 2025، تدعمها في ذلك جملة التعديلات التي تم إدراجها على القوانين المؤطرة لهذا القطاع على غرار قانون النقد والصرف، وشدّد على أن النظام البنكي يعتبر الشريان الأساسي لتمويل التنمية الاقتصادية، فكلما كان متماسكا عبر استعماله للتكنولوجيا المالية، واندماجه بالأسواق المالية الدولية والتقنيات التي يعتمدها، كان أداؤه لصالح الخزينة العمومية، كبديل أساسي لتمويل التنمية الاقتصادية.
ومن الرهانات الأساسية أيضا التي تخوضها الجزائر حاليا، أضاف البروفيسور لعلا، الخوض في استثمارات ضخمة، سواء محلية أو عن طريق شراكة أجنبية، من أجل تلبية الحاجيات المحلية، كمواد البناء من الزنك والحديد، والطاقة والمواد الغذائية، كالحبوب والبقوليات والألبان.