أكد مجاهدون وأكاديميون، أمس الأربعاء، بالجزائر العاصمة، خلال ندوة حول “المسار الثوري والنضالي للشعب الجزائري خلال الكفاح المسلح من أجل استقلاله”، أن الجزائر هي “نموذج” للشجاعة والتضحيات المقدمة أثناء الحقبة الاستعمارية من أجل استرجاع حريتها وسيادتها.
نظم هذا اللقاء حول التاريخ، الذي احتضنه قصر الرياس، في إطار إحياء الذكرى السبعين لاندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1954 المجيدة.
وأشرف على تنشيط هذه الندوة، التي نظمت بالتنسيق مع المنظمة الجزائرية للحفاظ على الذاكرة والإرث الثقافي وترقية السياحة والبيئة، الأستاذ في تاريخ الجزائر المعاصر بجامعة الجلفة حسان مغدوري والمجاهد صالح مزي ورئيسة المؤسسة المنظمة لهذا الحدث هادية شعبان ورئيسة جمعية “حواء” لولاية الجزائر العاصمة، دليلة حميس.
وسعى المتدخلون في هذا اللقاء، إلى إخضاع المسار الثوري والنضالي للأمة الجزائرية خلال الكفاح المسلح من أجل استقلالها، لموضوعية وصرامة النظرة الأكاديمية مدعمة بشهادة “عمي صالح”، أحد المناضلين الناشطين في القضية الوطنية في منطقة الجزائر العاصمة وهو رجل الميدان عاش وحشية وانتهاكات المستعمر الفرنسي.
وأجمع المتدخلون على أن أول ما قام به الجيش الاستعماري منذ احتلاله الجزائر في جويلية 1830، هو “تنفيذ المشروع المروع الذي تقرر على أعلى مستوى والمتعلق بنهب أملاك وأراضي الجزائريين الأصليين لفائدة المستوطنين الفرنسيين”، من خلال “فرض سياسة الإعدام وإبادة السكان المحليين”.
وتحت عنوان “الجزائر بين التضحية والحق في الذاكرة”، عاد الأستاذ حسن مغدوري إلى سلسلة الجرائم السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي ارتكبها الجيش الاستعماري، مستشهدا بمحطات تاريخية مثل مجازر 8 مايو 1945 والأساليب والوسائل المستعملة والمخالفة لقوانين ومبادئ القانون الدولي.
من جهته، تطرق المجاهد صلاح مزي، وهو مناضل نشط من أجل القضية الوطنية، مع إخوته في منطقة الجزائر العاصمة، إلى قوة القناعة والعزيمة التي كانت تلهم جميع المجاهدين، بالرغم من نقص الوسائل الذي شهدته السنوات الأولى من الثورة.
وأضاف عمي صالح، قائلا: “لقد تمثل عملنا في البداية في إضرام النار في أماكن استراتيجية وصنع القنابل وتنظيم كمائن ضد عناصر الشرطة أو كبار موظفي الإدارة الاستعمارية”، لأنه كان من الضروري دمج الثورة في ديناميكية الصمود الشعبي لجعل الجميع يدرك بأن “الشعب الجزائري قد نهض كرجل واحد وأن قراره بالتخلص من الاستعمار الفرنسي كان حازما لا رجعة فيه”.
من جهتها، ذكرت رئيسة جمعية “حواء”، دليلة حميس، بدور المرأة الجزائرية منذ السنوات الأولى للاحتلال، إلى جانب إخوانها في الكفاح عبر كافة أنحاء الوطن، وبمكانتها كمجاهدة أدت دورا قياديا بالنسبة للبعض منهن، على غرار فاطمة نسومر وحسيبة بن بوعلي وزهرة ظريف وجميلة بوحيرد وأوريدة مداد وزوليخة عدي وشايب دزاير وفاطمة أوزقان ولويزة إغيل أحريز وجميلة بوباشا وغيرهن.
وأردفت دليلة حميس، بتأثر، “أن التزام المرأة بالكفاح المسلح من أجل استقلال الجزائر جعل العالم بأسره يفهم أن الشعب الجزائري قد نهض بأكمله”.
بدورها، أكدت هادية شعبان على أهمية عقد مثل هذه اللقاءات “للمساهمة في إضفاء بعد أكاديمي على تاريخنا المجيد، من خلال تدخل الباحثين-الجامعيين والمؤرخين الجزائريين وإعادة كتابة تاريخنا بأقلام جزائرية ونقل شجاعة شهدائنا ومجاهدينا البواسل لأطفالنا، لأن لهم الحق في هذا الإرث الثمين وهذه الذاكرة الوطنية التي ستبنيهم”.