غـــزّة تعــرف حــرب إبــادة جماعيـــة غــير مسبوقــة منــذ بدايــة العـدوان الصّهيوني
تطرّق سفير فلسطين بالجزائر السيد فايز أبو عيطة، أمس، خلال مؤتمر صحفي نشطه بمناسبة الذكرى 107 لوعد بلفور المشؤوم، إلى التطورات المأساوية الأخيرة على الساحة الفلسطينية، خاصة جرائم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. قبل ذلك، هنّأ السفير أبو عيطة الشعب الجزائري والرئيس عبد المجيد تبون بمناسبة الذكرى 70 لثورة نوفمبر المجيدة، معبّراً عن تقديره للدعم الجزائري الثابت للشعب الفلسطيني.
أشار السّفير في مداخلته إلى الرّسالة التي وجّهتها السّفارة الفلسطينية في الجزائر إلى السّفيرة البريطانية، تدعو فيها إلى ضرورة الاعتراف بالمسؤولية التاريخية لوعد بلفور والاعتذار للشعب الفلسطيني. وذكّر بأنّ هذا الوعد، الذي صدر عن وزير الخارجية البريطاني عام 1917، كان بداية مأساة الشعب الفلسطيني، مؤكّداً أنه كان جزءاً من مخطط استعماري هدفه زراعة «جسم غريب» في قلب المنطقة العربية ليخدم المصالح الاستعمارية في السيطرة على خيراتها.
واستعرض السّفير التاريخ الذي سبق هذا الوعد، مشيراً إلى أنّ الحركة الصهيونية بدأت بجهودها منذ مؤتمر بازل في سويسرا عام 1870، الذي بحث في عدة مناطق لتكون «وطناً» لليهود، منها أوغندا والأرجنتين، إلا أن وعد بلفور جاء ليحسم الخيار على أرض فلسطين العربية، برعاية بريطانيا وبمشاركة الولايات المتحدة، ليبدأ بذلك عهد من الهجرات الصهيونية المتتالية إلى الأراضي الفلسطينية، حتى تقسيم فلسطين في عام 1947 وإعلان إقامة دولة الكيان، ما أدى إلى نكبة عام 1948 وتشتيت الشعب الفلسطيني.
تداعيــــــــــات وعـــــــــــــد بلفـــــــــــــــــور
علاوة على ذلك، أكّد السّفير أبو عيطة أنّ الوعد المشؤوم كان البداية لمأساة الشعب الفلسطيني التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، مشيراً إلى أن هذه السياسة الاستعمارية وضعت أساساً لظلم تاريخي ما زال يثقل كاهل الفلسطينيين. وأشار إلى أنّ بريطانيا والولايات المتحدة تتحمّلان المسؤولية التاريخية عن هذا المخطط الاستعماري، الذي لا يهدف فقط إلى حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه، بل يهدف أيضاً إلى زعزعة استقرار المنطقة بشكل عام.
وفي سياق حديثه عن آخر التطورات في قطاع غزة، أكّد السفير أبو عيطة أن القطاع يشهد حرب إبادة جماعية غير مسبوقة منذ بداية العدوان الصهيوني في أكتوبر 2023، مشيرا إلى أن حصيلة الشهداء في قطاع غزة تجاوزت 53 ألف فلسطيني، فيما لا يزال آلاف الشهداء تحت الأنقاض، وبلغ عدد الجرحى أكثر من 102 ألف، وهو رقم غير مسبوق. وأوضح السفير أن أكثر من 80 ٪ من مباني القطاع قد تم تدميرها، بما في ذلك المباني السكنية والمستشفيات والمدارس، مشدداً على أن هذه الإبادة تهدف إلى تصفية الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه، خصوصاً في ظل تهجير قسري ممنهج يشهده شمال القطاع.
الضّفة الغربية تحت القمع
لم تقتصر جرائم الاحتلال على غزة وحدها، حيث أشار السفير إلى أن الضفة الغربية أيضاً تتعرض لعمليات اقتحام واعتقالات واسعة. وأوضح أن أكثر من 700 فلسطيني قد استشهدوا في الضفة منذ بداية العدوان، مع اعتقال أكثر من 10 آلاف شخص. وشدّد السفير على أن هذه الجرائم تهدف إلى فرض واقع جديد على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته بالكامل.وخلال المؤتمر طالب السفير أبو عيطة بريطانيا بالاعتذار للشعب الفلسطيني، وتعويضه عن الخسائر التي تكبدها جراء وعد بلفور، والاعتراف بدولة فلسطين. وأضاف أن المملكة المتحدة، بوصفها دولة مؤثرة، لا يمكنها الاستمرار في تجاهل مسؤوليتها عن الظلم الذي لحق بالفلسطينيين، داعياً إلى أن تكون هذه الذكرى فرصة لإيقاظ الضمير الدولي أمام الجرائم التي ما زالت تُرتكب بحق الشعب الفلسطيني.