بخصوص إجراءات تسقيف أسعار مواد غذائية.. خبراء لـ “الشعب”:

هكــذا تتدخل الدولة لضبط السوق وحمايـــة القدرة الشرائية

حياة.ك

مبدأ المنافسة لا يمنع من تصحيح الاختلالات ومحاربة المضاربين

العمل من خلال السياسات النقدية تمكن من التحكم والتقليل من ظاهرة التضخم

يرى المتتبعون للشأن الاقتصادي، أنه يمكن للسلطات العمومية التدخل بسهولة لضبط السوق من خلال الآليات القانونية والتنظيمية، وذلك من أجل تسقيف أسعار المواد، خاصة ذات الاستهلاك الواسع للحفاظ على القدرة الشرائية التي تمثل أهم أولويات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مثمنين مبدأ التشاور الذي تعتمده الحكومة مع الفاعلين في هذا المجال، وهذا ما سيرضي جميع المتدخلين، بمن فيهم الفلاحون، تجار الجملة والتجزئة وكذا المستهلكون.

يعتقد الخبير الدولي في الاقتصاد عبد الرحمان هادف، أن الإجراء الخاص بضبط الأسعار وتسقيفها يخص على العموم السلع واسعة الاستهلاك وأغلبها مواد مدعمة، يعطي للسلطات العمومية الحق في التدخل في هذا المسار، وخاصة في الأنشطة التجارية ونشاطات التوزيع، من أجل تطبيق هذه الآليات لضبط أسعار المواد واسعة الاستهلاك التي تعمل الدولة على توفيرها بأسعار معقولة، تتماشى والقدرة الشرائية للمواطن.
أوضح الخبير هادف في تصريح لـ«الشعب”، أن الدولة تعمل على ضبط السوق بآليات تقنية تعطيها القدرة على التطبيق في أرض الواقع، مثمنا مبدأ التشاور الذي تعتمده الحكومة مع الفاعلين بصفة تحافظ على القدرة الشرائية للمواطن من جهة، ومن جهة أخرى تحافظ على سلاسل الإنتاج والتوزيع، والتي تتعدى نشاطات مهمة في الدورة الاقتصادية، خاصة الدورة التجارية بالنسبة للاقتصاد الوطني.
يعتقد الخبير هادف، أن هذه الآليات لكي تكون فعالة وقابلة للتطبيق، لابد من انتهاج الذكاء الاقتصادي الذي يعمل أساسا على التحكم في المعلومة من خلال استغلال الأدوات الرقمية في هذا المجال، مشيرا إلى أن هناك أدوات يتم تطويرها حاليا خصيصا لتتبع الأسواق وضبط ومراقبة الأسعار. وأضاف، أن هناك مراقبة دقيقة لكل النشاطات والإمكانات في مجال الإنتاج والتوزيع.
ويرى هادف، أنه يجب العمل وفق مبادئ الذكاء الاقتصادي الذي يوفر الحلول التقنية والرقمية، من خلال تطبيقات تساعد في اتخاذ القرار، وعن طريقها يتم تسقيف هوامش الربح، موضحا أن تسقيف الأسعار سيكون في الجزء المتعلق بهوامش الربح فقط، لأن الجزء المتعلق بالتكاليف لا يمكن تسقيفه، ولأن الأخيرة (أي التكاليف) عبارة عن ضغوط على سلاسل الإنتاج، فإنها تحتاج الى حلول أخرى، تخص تكاليف اللوجستيك والنقل.
وفيما يتعلق بنشاطات اللوجستيك، أفاد هادف أن تكلفة المنتوج لا تتعدى 15٪، بينما تصل النسبة في الجزائر الى 45٪ من التكلفة الإجمالية للمنتوج، وتخفيض هذه الأخيرة، يعتبر تحديا بالنسبة للجزائر وفرصة للعمل على تقليل تكاليف الإنتاج، لافتا إلى أن العمل من خلال السياسات النقدية تمكن من التحكم والتقليل من ظاهرة التضخم التي عن طريقها يمكن التحكم في الأسعار.
كما يرى هادف، أنه من الضروري النظر في وضع وتجسيد آليات عملية جديدة في إطار التحكم الأنجع في السوق وإعادة تنظيم مجال ونشاطات التوزيع ومحاربة ممارسات المضاربة غير الشرعية على المنتجات الاستهلاكية، بالإضافة إلى الإطار القانوني المعمول به، مقترحا لذلك 3 حلول عملية.
تتمثل هذه الحلول، في إجبار الناشطين في مجال التوزيع، ولاسيما الذين يعملون في قطاع البيع بالجملة، بالتسجيل في السجل التجاري تحت صفة الشخص المعنوي على شكل شركات وليس أشخاصا طبيعيين، والعمل على إنشاء مركزيات كبرى للشراء في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إشراك الشركة العمومية “ماغرو” بالشراكة مع كبار تجار الجملة الفاعلين الذين ينشطون في تجارة البيع بالجملة، وذلك وفقا للمعايير المعمول بها عالميا.
كما شدد على ضرورة مراجعة الإطار القانوني المؤطر لنظام الفوترة من خلال إنشاء نظام معلومات وطني للفوترة رقمي ومركزي، مع إلزام جميع المتعاملين المقيدين في السجل التجاري التعريف بأنفسهم واستعماله، مما سيسمح بمراقبة وضبط السوق وتنظيم سلسلة التعاملات انطلاقا من المنتج إلى غاية المستهلك.
أما رئيس جمعية حماية المستهلك ومحيطه مصطفى زبدي، فقد أوضح أن هناك بندا في قانون المنافسة، يسمح للسلطات العمومية التدخل لأجل تسقيف أسعار بعض المنتوجات، ومن خلال هذا البند تدخلت السلطات العمومية لتسقيف سعر البقوليات واللحوم المستوردة والقهوة، مشيرا الى أن هذه الإجراءات شرع في تطبيقها بداية شهر أكتوبر الجاري.
أبرز زبدي في تصريح لـ “الشعب”، أن مبدأ المنافسة لا يمنع بأي حال من الأحوال تدخل السلطات العمومية لأجل تصحيح وتصويب أي اختلال، من خلال تحديد أسعار المنتوجات الاستراتيجية والواسعة الاستهلاك، إلا أن هذا الأمر بإمكانه أن يتسع الى مجالات أخرى، من خلال التوجيهات التي قدمها رئيس الجمهورية مؤخرا، تتمثل في وضع قوانين ومراسيم لأجل تدخل الأجهزة الرقابية، من خلال تسقيف هوامش الربح لبعض المنتوجات الموسمية.
أوضح زبدي في ذات السياق، أنه عندما يتم الخروج من المادة المتعلقة بالتسقيف من قانون المنافسة إلى إطار تنظيمي في حد ذاته، فهذا سوف يسمح بهامش مناورة كبير ويسمح كذلك بوضع الآليات وفق ما تقتضيه الضرورة، وعلى هذا الأساس يتم العمل على الأسعار المقنّـنة تطبيقا للإجراءات المتعلقة بها، مشيرا إلى أنه ستكون هناك نظم تنفيذية أوسع، ستمنح الحكومة صلاحيات أكبر لأجل حماية القدرة الشرائية للمستهلك.
كما لفت المتحدث أنه عندما يتعلق الأمر بالمنتوجات الموسمية، فإن دراسة تكلفة المنتوج ممكنة، وهذا الأمر تم العمل به في السابق، حيث تم تحديد سقف بعض المنتوجات الموسمية. وأضاف، أنه عندما تكون هناك مراجعة معمقة للمراسيم والقوانين، فإن تدخل السلطات العمومية من خلال الأجهزة الرقابية، يكون أسهل، وسيكون في إطار محدد يرضي جميع المتدخلين، بمن فيهم الفلاحون، تجار الجملة والتجزئة وكذا المستهلكون.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024