دبلوماسيونا أعلى من فخاخ المراوغات الإنشائية والتحايلات المخزنيـة
يعدّ قرار محكمة العدل الأوروبية الذي يبطل اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في إقليم الصحراء الغربية، تأكيدا على أن ما تقوم به الجزائر من مرافعات على المستوى الدولي، إنما تستند إلى الحق والقانون، وأن العمل الدبلوماسي الجزائري لا يقع في فخ المرافعات الإنشائية والتحايلات والألاعيب التي يحيكها نظام المخزن الكولونيالي، بحسب تحليل أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور حسام حمزة..
أوضح الأستاذ حسام حمزة في تصريح لـ«الشعب” أن الجزائر في مرافعتها لصالح القضية الصحراوية، تستند إلى الحقائق التاريخية التي تؤيّدها هذه الهيئات الدولية التي لا يطعن أحد في نزاهتها وفي موضوعيتها.
وتحدث حمزة - في هذا الصدد - عن قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر مؤخرا، والذي يبطل اتفاقيات التجارة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في إقليم الصحراء الغربية، وهذا يؤكد أن ما تقوم به الجزائر من مرافعات على المستوى الدولي، إنما يستند إلى الحق والقانون، والى الحقائق التاريخية التي تؤيدها هذه الهيئات (محكمة العدل الأوروبية ومحكمة العدل الدولية) التي لا يطعن أحد في نزاهتها وفي موضوعيتها، وأفاد المتحدث أن الجزائر - من خلال ممثلها الدائم لدى هيئة الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع - تلح على المرافعة لصالح القضية الصحراوية، بالاعتماد على حجج قانونية من خلال الاستناد إلى قرار المحكمة الأوروبية الصادر في الأسبوع الأول من أكتوبر الجاري، ثم الإصرار على تطبيق قرار محكمة العدل الدولية الصادر سنة 1975 للتأكيد على أن إقليم الصحراء الغربية لا يخضع للسيادة المغربية، وبأن البوليساريو هي الممثل الوحيد والشرعي للشعب الصحراوي، وكذا الاستناد إلى قرار مجلس الأمن الصادر سنة 1991 الذي ينص على أن الطريقة الوحيدة لحل النزاع بين الصحراء الغربية والمغرب، يكمن في استفتاء تقرير المصير، وهو الحل الذي وافق عليه الطرفان.
وقال المحلل السياسي إن العمل الدبلوماسي الجزائري لا يقع في فخ المرافعات الإنشائية التي يقدمها المخزن، وفي المقابل، يعمل على دعم الحجج التي تستند إليها جبهة البوليساريو في دفاعها عن حقها في تقرير مصير الشعب الصحراوي عن طريق الوسائل القانونية.
وصرّح بن جامع ردا على السرد المضلل والمبتذل للوفد المغربي الأربعاء الفارط، في إطار حق الرد، أن ممثل المغرب “لم ينطق ولو مرة واحدة بكلمة (الصحراء الغربية) في مداخلته” بالرغم من أن النقاش أقيم أصلا لمناقشة قضية الصحراء الغربية، وأن الأمر يتعلق - كما قال بن جامع - بـ«المسألة المطروحة في جدول أعمال أجندة” النقاش العام للجنة الأممية الرابعة، المكلفة بالمسائل السياسية الخاصة وتصفية الاستعمار.
كما شدّد بن جامع قائلا: “لا يستطيع المندوب المغربي نطق كلمة الصحراء الغربية كما لا يستطيع نطق كلمة الشعب الصحراوي، بالرغم من أن مجلس الأمن والجمعية العامة انشأ بعثة مينورسو (بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية) التي أنشأت لجنة لتحديد هوية أولئك الذين يجب أن يصوتوا لصالح أو ضد استقلال الصحراء الغربية أو مع أو ضد الاندماج في المملكة المغربية”. وقد تساءل بن جامع “من الذي يعرقل مهمة مينورسو؟” مذكرا بأن هذه الأخيرة هي “بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية”.
من جهة أخرى، أكد الدبلوماسي الجزائري قائلا: “يدعم بلدي ولا يزال يدعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة وممثله الشخصي ستافان دي ميستورا من أجل إيجاد حل سياسي لمسألة الصحراء الغربية”.
في هذا السياق، دعا بن جامع الممثل المغربي إلى “ قراءة وثائق بلاده التي تقول إنهم (المغربيين) غير قادرين على قبول حل (للمسألة الصحراوية) إلا في إطار السيادة (المزعومة) للمغرب”، وتأسف قائلا إن “ذلك يتعارض مع كل ما نقوم به في الأمم المتحدة”.
من جانب آخر، أوضح بن جامع قائلا: “إذا تحدثنا عن الصحراء الغربية وحق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير المصير، فذلك لأنه توجد في المغرب انتهاكات جسيمة للحقوق الأساسية للسكان الصحراويين. وهناك انتهاكات موثقة بعناية من طرف العديد من منظمات حقوق الإنسان الدولية والإفريقية والتي تطرق إليها مؤخرا الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) في التقرير الذي هو أمامكم حول الصحراء الغربية”.
ويؤكد الأستاذ حسام أن استناد محكمة العدل الدولية، والمحكمة الأوروبية، وكذا القرارات الصادرة عن مجلس الأمن إزاء هاته القضية، بالإضافة إلى مجموعة من الأحداث التاريخية التي تثبت شرعية المطلب الصحراوي، هي كلها أفعال دبلوماسية تستخدمها الجزائر للدفاع من شرعية هذه القضية، والتوسيع من دائرة الذين يقتنعون بعد تردد إنها قضية تصفية استعمار.
وذكر في السياق، أن الحقائق التاريخية والقانونية الدامغة والتي عبر عنها مجموع المدافعين والمرافعين لصالح القضية الصحراوية أمام اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، كلها تؤكد أن الصحراء الغربية إقليم مستقل، وأنها أرض خاضعة للاستعمار إلى غاية اليوم وآخر مستعمرة في إفريقيا، وان الذي سيحسم في حاضرها ومستقبلها هو استفتاء حر ونزيه لتقرير المصير الشعب الصحراوي، وهو حق له فقط، لا يسقط بالتقادم، وغير قابل للتصرف.
وأضاف في سياق الكلام انه واضح بأن مرافعة الصحراء الغربية غلبت وتفوقت على المرافعة المغربية التي إلى غاية الآن، إذ أن الأخيرة لا تتضمن أية وثيقة، ولم تقدم أي برهان قانوني حقيقي وملموس يدعم سرديتها، وهو بالتالي لا يعدو كونه مجرد خطاب وادعاء، يحاول من خلاله المخزن فرض الأمر الواقع بالقمة حينا والتحايل حينا آخر.