هيكلة المستثمرين والفلاحين في تعاونيات فلاحية تختص بالإنتاج
أكد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد المهندسين الزراعيين، عبد المجيد صغيري، أن الجزائر تشهد في السنوات الأخير، تركيزا غير مسبوق على قطاع الفلاحة للحد من التبعية للأسواق الدولية وضمان الأمن الغذائي للبلاد، معتبرا الفلاحة “قطاعا استراتيجيا وسياديا” مثلما وصفه رئيس الجمهورية.
وثمن صغيري، في تصريح لـ«الشعب”، المجهودات التي تبذلها السلطات العمومية لتحقيق الأمن الغذائي للبلاد، وقال “إنه هدف لا رجعة فيه”، مشيرا إلى سنّ عدة إجراءات وقوانين تصبّ في هذا الاتجاه، بينها استحداث الديوان الوطني للزراعة الصحراوية ليسمح بالحصول على أراض شاسعة لمستثمرين وفق أجندة محددة ودفتر شروط متعارف عليه، إضافة إلى وضع خارطة أو مخطط زراعي محدّد، ولقد ساهم الديوان الوطني للأراضي الفلاحية المستحدث – يقول محدثنا - في حصول كثير من المستثمرين على أراض فلاحية بمساحات معتبرة للاستثمار في القطاع الفلاحي، موضحا أن هذه الجهود كلها تضمن تطهير العقار الفلاحي، وتوسيع المساحات المزروعة، خاصة وأن الهدف المسطر على مستوى الجنوب يقدر بأكثر من نصف مليون هكتار، وهو قرار سيادي وشجاع يسمح برفع الإنتاج والمردودية.
وذكر صغير أن السلطات العمومية حدّدت، لهذا العام، هدف تحقيق الأمن الغذائي في القمح الصلب، وهو ما يتحقق للذرة والشعير عام 2026، وقد تم تخصيص مساحة زراعة تقدر بأكثر من 3 ملايين هكتار، لبلوغ هذا الهدف، وخصص 1.6 مليون هكتار لزراعة القمح الصلب على أن يكون مردود الهكتار بـ30 قنطار في الهكتار، ما يسمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب العام المقبل.. “هذه أهداف دقيقة تم توفير ما تقتضي من إمكانات” يقول صغيري.
وعدد صغيري مجموعة من عوامل الإنتاج التي تسمح بتحقيق هذه الأهداف، منها توفير المياه، البذور والمدخلات في وقتها وبالنوعية والأصناف المرجوة والمطلوبة، توسيع استخدام المكننة الحديثة، وأشار - في السياق - إلى صدور مرسوم تنفيذي يسمح بجمركة واستيراد العتاد الفلاحي الأقل من سبع سنوات، حتى يتم الرفع من الانتاجية والمردود.
وأوضح محدثنا أن استعمال العتاد المختص سيسمح باستغلال أمثل للأرض، وربح الوقت وخفض التكاليف ورفع المردود، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات التحفيزية بحاجة إلى دعم أكبر بالجنوب، والهضاب العليا المعروفة بزراعة الحبوب، خاصة في المحيطات المسقية حتى يكون هناك تكاملا بين كل المناطق.
ويرى المهندس الزراعي، صغيري، أن تشجيع الزراعات الاستراتيجية كالحبوب والذرة، الزراعات التحويلية الزيتية، سيسمح ببلوغ الاكتفاء الذاتي في ظرف زمني وجيز، قد لا يتجاوز عام 2030، لأن الإمكانات متوفرة والإرادة السياسية موجودة - يقول صغيري - إضافة إلى توفر المعرفة التقنية، حيث تجند المهندسون الزراعيون ومختلف الكفاءات العلمية في الميدان، وكذا اليد العاملة التي تكونت وفق سياسة منتهجة من قبل وزارة التنمية الريفية بمرافقة الشركاء الاجتماعيين ومن بينهم اتحاد المهندسين الزراعيين.
وعدد صغيري مزايا التوجه إلى الاستثمار الخارجي، كالشراكة الجزائرية-القطرية في ولاية أدرار، والشراكة مع إيطاليا في ولاية تيميمون، وشراكة أخرى مع تركيا والهند، وقال: “هذه الشراكات ستساهم في نقل التكنولوجيا، وفي تكوين إطارات بالمجال الفلاحي بالتقنيات الحديثة، خاصة تقنيات الذكاء الاصطناعي والزراعة الدقيقة التي تنتهجها كثير من الدول، وحققت مردودا كبيرا ونتائج مبهرة، وبالتالي – يقول المتحدث - نقل التكنولوجيا ورسكلة الاطارات الجزائرية، وحتى المستثمرين الفلاحيين، ومنح المستثمر أسباب اكتساب الكفاءة التي تمكنه من رفع المردود إلى نسب عالية”.
وتساهم هذه الشراكات في تشجيع الاستثمارات في شعب فلاحية مطلوبة بكثرة، كشعبة الحليب، الأعلاف، الصناعة التحويلية، (إنتاج مسحوق الحليب، الزيوت) وهذا مهم جدا – يؤكد المتحدث - ويتيح تغطية الاحتياجات الوطنية في بداية الأمر بنسبة 50 بالمائة.
ولم يستبعد صغيري تحقيق هدف رفع قدرات التخزين الوطنية، وتوسيع شبكات التخزين، عن طريق إنجاز عدد معتبر من الصوامع والمخازن الخاصة بتخزين الحبوب لتكون مواكبة للتطورات والمردود المنتظر، وقال: “بلوغ 9 مليون طن ممكن تحقيقه قبل 2030 بالنظر الى المجهودات المبذولة والإمكانات المتوفرة”.
وأكد عضو اتحاد المهندسين الزراعيين، أن توفير المواد الغذائية المنتجة محليا بنسبة 100 بالمائة للمستهلك الجزائري، يمكن تحقيقه بفضل تضافر كل الجهود وهيكلة المستثمرين والفلاحين، في تعاونيات فلاحية تهتم بالإنتاج فقط، مع وجود سلسلة تسويق مباشرة إلى المستهلك، خاصة وأننا حققنا الاكتفاء الذاتي في بعض الزراعات الاستراتيجية، لكن كثرة الوسطاء كان لهم تأثيرهم على الوفرة والأسعار، لهذا نحتاج إلى تنظيم السوق، وهيكلة الفلاح أو المستثمر الفلاحي في أقرب الآجال، حتى يهتم كل طرف بمجاله، وتتحقق نهضة القطاع الفلاحي في أقرب الآجال.
وأشار صغيري إلى مجموعة من الاقتراحات رفعها اتحاد المهندسين الزراعيين إلى رئيس الجمهورية، لإدماج المهندس الزراعي المختص في الاستثمار وتسهيل عملية حصوله على العقار الفلاحي للاستثمار بالتقنيات الحديثة، بما أنه متخصص في مجال الفلاحي.
ومن بين القرارات المتخذة في 2024 لصالح القطاع الفلاحي التي وصفها صغيري بـ«المهمة” إعادة هيكلة المستثمرات أو المزارع النموذجية وجعلها وحدات انتاجية فلاحية مختصة، محصيا وجود أكثر من 174 مزرعة نموذجية، تم هيكلتها لضمان استمرارية الإنتاج وتحسين المردود، وكذلك إنشاء بنك البذور للحفاظ على الموروث الفلاحي للجزائر.
وقال: “ما يثلج الصدر أن الجزائر لم تعد تستورد البذور من الخارج، خاصة بذور الحبوب، بالنظر إلى تحقيقنا الاكتفاء الذاتي في هذا النوع من البذور بفضل المجهودات المبذولة”، كذلك توفير بذور البطاطا، والعمل على توفير البقوليات الجافة، وبذور الزراعات الزيتية وكذلك الطماطم الصناعية” وأشار محدثنا إلى أن الرهان المستقبلي سيكون حول البذور، والجزائر تستطيع رفع هذا الرهان بالنظر إلى الإمكانات التي تتوفر عليها.