استشهاد أكثر من 400 رياضي وتدمير الملاعب والمرافق الرّياضية

الرّياضة.. سلاح الفلسطينيّين في مواجهة المحرقـة الصّهيونية

عمار حميسي

منتخـب «الفدائيّـين» يرفـع التّحدّي ويطمـح لبلـوغ مونديـال 2026

 تلعب الرّياضة دورا محوريا في التعريف بالقضايا العادلة على مستوى المحافل الدولية، وهذا الأمر انطبق من قبل على الثورة التحريرية من خلال الدور الكبير لفريق جبهة التحرير الوطني، وأيضا القضية العادلة للشعب الصحراوي، حيث ساهم الجانب الرياضي في أكثر من مناسبة للتعريف بحقّه في تقرير مصيره، كما أنّ القضية الفلسطينية حيث يرفع الرياضي رايتها ويطلق صرختها المدوية على مستوى المحافل الدولية، خاصة منذ بداية العدوان على غزة من طرف الكيان الصهيوني.

 لم يفرّق الكيان الصهيوني بين الرياضة والسياسة، من خلال العمل على تدمير وتخريب وقتل كل ما يواجهه دون البحث عن الأسباب أو الدوافع، وهو الأمر الذي يؤكّد نواياه الخبيثة في عدم منح الفرصة لأي موهبة فلسطينية في البروز في كل المجالات ومنها المجال الرياضي.
استهداف الرياضة الفلسطينية ليس مفاجئا بالنسبة للكيان الصهيوني، الذي يدرك أنّ الرياضة وسيلة مهمة لإيصال صوت أي قضية عادلة إلى العالم، وهو الأمر الذي ينطبق على القضية الفلسطينية، التي يدرك العالم أجمع أنها أهم وأكثر قضية عادلة منذ أكثر من 50 سنة، واستغلالها للجانب الرياضي يبقى أمرا مشروعا، في ظل سياسة سد الآذان التي يستعملها الكيان الصهيوني من خلال «لوبيات» متغلغلة في أكبر مراكز القرار على مستوى العالم.
خسرت الرّياضة الفلسطينية الكثير منذ فترة، وزادت أكثر خلال العدوان الصهيوني على غزة، من خلال استشهاد العديد من الرياضيين ولاعبي كرة القدم، إضافة إلى تدمير المنشآت الرياضية من ملاعب وقاعات رياضية، وحتى مقرات لهيئات رياضية مثل مقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية.
لم يفرّق العدوان بين المدني والعسكري أو الرياضي، فالكل سواسية بالنسبة له وكل من يحمل الراية الفلسطينية، سيكون هدفا للنيران والصواريخ مما جعل الرغبة تزداد لدى كل الرياضيين، في الدفاع عن الراية الفلسطينية من خلال رفعها على مستوى المحافل الرياضية الدولية.
تجاوز عدد الشهداء الرياضيين الفلسطينيين 400 شهيد، خلال آخر حصيلة نشرتها اللجنة الأولمبية الفلسطينية، وهو ما قاله رئيسها جبريل الرجوب خلال لقائه برئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ، على هامش دورة الألعاب الأولمبية التي جرت في باريس، وندد بهذا علنا وأمام الجميع.

«الفدائي»..وحلم المونديال

 يشارك منتخب فلسطين في تصفيات مونديال 2026، بعد أن تأهل إلى الدور الثالث والأخير، حيث يتواجد في مجموعة تضم كل من العراق والكويت، إضافة إلى كوريا الجنوبية والأردن وسلطنة عمان، حيث يتأهل صاحب المركز الأول والثاني مباشرة إلى المونديال المقبل وهو ما جعل الحلم يزداد.
مشوار منتخب فلسطين ناجح لحد الآن، بعد أن نجح في العودة بنقطة ثمينة من عاصمة كوريا الجنوبية، حيث تعادل مع رفقاء نجم توتنهام سون وفشل هذا الأخير في الوصول إلى شباك الحارس المتألق رامي حمادة، الذي يتواجد بدون فريق ويتدرب على انفراد، إلا أنه نجح فيما فشل فيه أفضل حراس المرمى في العالم وهو منع سون من التسجيل في مرماه.
يستقبل زملاء الحارس رامي حمادة في مدينة كوالالمبور الماليزية، بما أنه لا يستطيع استقبال المباريات على أرضه وأمام جمهوره، بعد تدمير أكثر من 70 بالمائة من البنية التحتية الرياضية في غزة، والتي يبقى أشهرها ملعب اليرموك الذي يعد أقدم ملعب في فلسطين المحتلة حيث تم إنشاؤه في الخمسينات من القرن الماضي.
يمتلك منتخب فلسطين مجموعة مميزة من اللاعبين القادرين على منحه الإضافة اللازمة وقيادته إلى المونديال، رغم أن المأمورية لن تكون سهلة، في ظل قوة المنتخبات الأخرى، حيث يراهن أنصار «الفدائي» كثيرا على هداف الأهلي المصري وسام أبو علي، الذي يعد من أبرز عناصر المنتخب.
حلم التأهل إلى المونديال يبقى حلما مشروعا بالنسبة للشعب الفلسطيني، خاصة أنه سيستغل هذا الحدث جيدا من أجل التأكيد على أحقيته في العيش بسلام، وبعيدا عن الدمار الذي كان الكيان الصهيوني سببا فيه، وهذا من خلال تعريف العالم بجرائم الكيان الصهيوني المرتكبة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم يدق ناقوس الخطر

 الاتحاد الفلسطيني من جهته نشر في شهر جويلية الماضي إحصائية تبين عدد لاعبي الكرة الفلسطينيين والإداريين، الذين استشهدوا خلال العدوان على غزة، حيث قدّر عددهم بـ 240، وكان من بين الشهداء هاني مصدر مدرب المنتخب الأولمبي، ومحمد بركات إضافة إلى إسماعيل الغربي لاعبا المنتخب الفلسطيني الأول.
كما ندّد الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم بالهجمات الهمجية التي تعرضت لها المنشآت الرياضية، خاصة ملاعب كرة القدم وذلك في بيان شديد اللهجة صدر شهر ماي الماضي جاء فيه: «في الوقت الذي يتطلع فيه الإتحاد الفلسطيني لكرة القدم، لطرح مشروع قرار يتعلق بالخروقات والتجاوزات والمخاطر التي تواجهها منظومة الإتحاد، بفعل ممارسات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، والتي فرضت علينا وقف كافة الأنشطة الرياضية في كل الأراضي الفلسطينية، وما ترتب عن ذلك من تدمير لكافة المنشآت الرياضية واستشهاد واعتقال وإصابة مئات الرياضيين، بمن فيهم عشرات النجوم في الألعاب الفردية والجماعية».
وأكّد الإتحاد الفلسطيني أنه يسعى لحماية المنظومة الرياضية، حتى تمارس مهامها بكل حرية في الإطار العام المنظم من طرف الإتحاد الدولي لكرة القدم: إنّ الإتحاد الفلسطيني يسعى في إطار احترامه الأنظمة والقوانين المعمول بها، في الفيفا والميثاق الأولمبي، لحماية المنظومة الرياضية لممارسة مسؤولياتها في الأراضي الفلسطينية، المعترف بحقها في السيادة عليها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة، وعضوية فلسطين في اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، وذلك لمواجهة عمليات الإبادة الجماعية وخرق مبادئ حقوق الإنسان وخرق قوانين الفيفا من جانب اتحاد الكيان الصهيوني، بما في ذلك ممارسة أنشطة رياضية رسمية في أراضي دولة فلسطين وفقاً للمواد 11، 71، 72».

ملاعب مدمّرة ومنشآت رياضية تحولت إلى ركام

 كانت الملاعب والمنشآت الرياضية هدفا رئيسيا بالنسبة للعدوان الصهيوني على غزّة، حيث لم تسلم من الصواريخ والقنابل ولم يفوت الكيان الغاشم الفرصة، من أجل تهديم كل ما يمكن استغلاله من طرف الشباب الفلسطيني، لممارسة أي هواية أو رياضة تنسيهم مآسيهم.
تدمير المنشآت الرياضية هو قتل لأحلام الشباب الفلسطيني، الذي لن يجد مكانا يمارس فيه الرياضة ومنها إظهار قدراته، والتدريب بشكل جيد ليكون حاضرا بقوة في المحافل الدولية، وهذا حتى لا ينجح في إيصال صوته وصورته إلى العالم، من خلال التألق في التظاهرات الرياضية الكبرى.
يحتاج الشعب الفلسطيني إلى أكثر من خمس سنوات، من أجل إعادة بناء ما تم تدميره من ملاعب ومنشآت وقاعات رياضية، دون نسيان ضرورة توفر غلاف مالي كبير من أجل إنجاح هذا المشروع، الذي لن يرى النور إلا من خلال تضافر جهود كل من يريد نصرة القضية الفلسطينية، من خلال تقديم الدعم اللازم لإعادة إعمار ما تم تدميره.
معاناة الرياضة الفلسطينية هو امتداد لمعاناة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من القهر والحرمان، إضافة إلى التقتيل اليومي الذي يمارسه الكيان الصهيوني، أمام مرأى ومسمع العالم حيث يبقى من الضروري التنديد ما يحدث، وهو الأمر الذي لم تتوان الجزائر القيام به على مستوى الأمم المتحدة.
ملاعب كرة القدم تحولت إلى مراكز إيواء العشرات من العائلات، التي فقدت منازلها بسبب القصف الصهيوني على غزة، وهو ما جعلها تتحول من مكان للترفيه وممارسة الرياضة إلى مكان للعيش، بما أنها الملاذ الوحيد بعد تدمير كل البنية التحتية في غزة بسبب القصف العشوائي من طرف الصهاينة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024