الأمين العام لمركز تنمية الصيد البحري والمائيات.. حميد رزيق لـ “الشعب”

تحيــين خرائــــط الثروة السمكية.. والاستثمار للوفرة وكسر الأسعار

فايزة بلعريبي

 تراجع الـثروة السمكية ظاهـرة تشمـل كل حـوض البحـر المتوسط

هـذه أسبــاب هجـرة الأسمـاك إلـى مناطـق معتدلـة الحـرارة

في مهمّة ستدوم 30 يوما، أبحر فريق من خبراء وباحثين جزائريين من المركز الوطني للبحث وتنمية الصيد البحري وتربية المائيات، أوّل أمس الخميس، على متن باخرة البحث “كريم بلقاسم”، إلى أعالي البحار بحوض المتوسط بعمق يزيد عن 800 متر، لبحث معطيات الوفرة الكمية والنوعية للأسماك، خاصّة السردين، واستكشاف مناطق صيدية جديدة

مهمة تسعى من خلالها الوزارة الوصّية البحث في أسباب تراجع كميات السردين التي تعود إلى أسباب مناخية وبيئية بحتة، لم تقف الحكومة مكتوفة الأيدي أمامها بل باشرت في إجراءات احترازية حمائية بديلة، تمثلت في تربية المائيات التي أصبحت منافسا موازيا لإنتاج الصيد البحري، مكّن من تحقيق التوازن الإنتاجي للسمك واستقطاب مهنيي القطاع إلى الاستثمار في هذا المجال لاستدراك تراجع نشاطهم الصيدي.
أوضح الأمين العام للمركز الوطني للبحث وتنمية الصيد البحري وتربية المائيات، حميد رزيق، في اتصال مع “الشعب”، أن الحملة الوطنية لتقييم الثروة السمكية القاعية، التي انطلقت أوّل أمس، تحت إشراف وزير الصيد البحري وتربية المائيات، تهدف بالدرجة الأولى إلى استكشاف مناطق صيدية جديدة لرفع كميات إنتاج السردين في ظل الارتفاع المتباين لأسعاره التي أصبحت هاجسا يؤرق المواطن، جعله يغير من سلوكياته الغذائية التي وصلت حدّ الاستغناء عن هذا المنتج الغنّي بمادة الأوميغا 3 خاصّة.
وأشار المسؤول الأوّل عن المركز الوطني للبحث وتنمية الصيد البحري وتربية المائيات، الذي يعتبر الوحيد على المستوى الوطني، إلى الدور المهم الذي يؤديه في البحث في الإشكاليات العلمية المطروحة بخصوص نقص الموارد الصيدية ومتابعة تأثير التغيرات المناخية على مردودها. ويقوم المركز بدوره هذا عبر عدة أقسام، منها قسم تربية المائيات، قسم الصيد البحري، وقسم الأنظمة البيئية وقسم آخر مختص بالتحويلات الصناعية.

البحـــــث في المسبّبــــات...

وأضاف حميد رزيق ان فريقا متخصّصا من الباحثين والخبراء يشرف على الحملة التقييمية للثروة القاعية الخاصّة - تحديدا الأسماك التي تعيش في عمق بين 20 مترا و800 متر- وتقدير مؤشرات الوفرة وتقديرات استغلال هذه الثروة. كما يعمل على تحصيل المعطيات العلمية للحصول على إحصائيات دقيقة للحجم الكمي والنوعي للثروة السمكية، من أجل استغلالها بشكل أمثل وتحويلها الى مقترحات ترفع الى الوزارة الوصية، تتوافق ومتطلبات مهنيي القطاع من جهة والمواطنين من جهة أخرى. بالمقابل أكد حميد رزيق أن هذه المهمة الاستكشافية ستسمح بالوصول إلى نفس المستوى العلمي لدول حوض البحر الأبيض المتوسط فيما يتعلق بنشاطهم الصيدي.
 خاصّة تلك التي تعيش حاليا نفس ظاهرة تناقص الثروة السمكية، مُرجعا سببها إلى التغيّرات المناخية والتلوّث البيئي على مستوى المنطقة خلال السنوات الأخيرة، التي تدفع بالأسماك إلى التنقل من مكان إلى آخر بحثا عن درجات حرارة تمكّنها من الاستمرار بالحياة.

الأسمـــاك المستزرعــة.. حلّ بديــل

وأمام تراجع الثروة السمكية، لا يمكن الاكتفاء باستقصاء الأسباب وتشخيصها، بل يجب الاجتهاد من أجل إيجاد الحلول لتحقيق التوازن من خلال تربية المائيات والتعادل مع الثروة السمكية البحرية، وهو ما يتم فعلا، بحسب ما أدلى به المتحدث، على مستوى مركز البحث وتنمية الصيد البحري الذي يحصي عددا معتبرا من المزارع النموذجية لتربية المائيات، كتوجه عالمي جديد، بات ينافس الثروة السمكية المتواجدة بالبحار، حيث أثبتت الاحصائيات على مستوى مختلف دول العالم أن حجم الإنتاج السمكي المنحدر من المزارع النموذجية قد تجاوز حجم تلك المنتجة من عملية الصيد البحري.
من جهة أخرى اعتبر ذات المتحدث، أن تربية المائيات فرصة بديلة تطرح أمام مهنيي القطاع لتدارك تراجع نشاطهم الصيدي، مكّنت من استقطاب العديد منهم للاستثمار في هذا التوجّه الجديد الذي سيمكن من تحقيقالأمن الغذائي الصيدي للمواطن.
وفي هذا الصدد، يرى حميد رزيق، أن نجاح تجربة المائيات مرهون بعدد المهنيين المستثمرين بالمزارع النموذجية المخصّصة لهذا الغرض. مؤكدا أن هذا النجاح سينعكس على استقرار أسعار الأسماك المرتبط أساسا بمدى وفرتها.

تحفيزات ضمن قانون الماليـة..

وفي استزادة للحديث عن الاستثمار في مجال تربية المائيات والتوسّع به، لابد من التطرّق إلى ما يفرضه من وجوب توفير السلطات العمومية للتحفيزات والتسهيلات المقدّمة للمستثمرين من أجل خوض هذه التجربة التي باتت مصنفة في خانة الحلول البديلة التي لا مناص عنها.
في هذا الصدد أشار محدّثنا إلى التسهيلات الممنوحة للمستثمرين في تربية أسماك “التيلابيا”، التي استفادت من تحفيزات تضمنّها قانون المالية لسنة 2024.
وأبدى المتحدّث تفاؤله بخصوص مستقبل سوق المنتجات الصيدية، مؤكدا مرّة أخرى على أن مهام المركز تتمحور حول التقييم والتقويم وتزويد الوزارة الوصية بالمعطيات العلمية والإحصائية التي تمكنها من اتخاذ القرارات المناسبة.
معتبرا أن هذه العمليات التقييمية التي بلغ عددها إلى غاية اليوم 30 حملة تقييمية -آخرها حملة شهر أوت 2024، أين تقوم حاليا باخرة البحث الحاملة لتسمية “كريم بلقاسم”، التي تضم 11 باحثا، يتمتعون بسمعة كبيرة على مستوى حوض البحر المتوسط، ويعملون وفق بروتوكول عالمي، باستعمال شباك صيد علمية- تشكل نتائجها رصيدا مترابطا ومرجعيا من المعطيات العلمية، يمكن استعمالها كقاعدة يعتمد عليها لإيجاد حلول لمشاكل المنتجات الصيدية.
وبالمناسبة كشف المتحدث عن يوم دراسي سيتم تنظيمه في الأيام القليلة القادمة، تحديدا بعد الانتهاء من حملة التقييم سيضّم كل الفاعلين والمهنيين بقطاع الصيد البحري.

التكوين من أجل الاستمرارية..

في سياق متصّل ومن أجل تعميم الفائدة من النتائج المحصّلة من نتائج الحملات التقييمية، تمكّن المركز من الاستفادة من امتيازات تنظيمية -بحسب المتحدّث- تسمح له بإنشاء مؤسسة اقتصادية دورها تقديم الخبرة والتوجيهات لفائدة المهنيين تسمح لهم بتوسيع معارفهم المتعلقة بمجال نشاطهم. إلى جانب مهمة أخرى للمركز تتمثل في تشجيع الشباب على الولوج إلى هذا المجال الفتّي، من خلال تكوينهم وإدماجهم بمزارع نموذجية دورها البحث والتطوير والتنمية، ذكر المتحدث بعضا منها على غرار المزرعة النموذجية لتربية أسماك البحر ببواسماعيل، والمحطة النموذجية لتربية المحار بنفس المدينة، ومحطة نموذجية أخرى لتربية الجمبري بسكيكدة، ومحطة لتربية الأسماك بالمياه العذبة، بالجنوب الجزائري تحديدا بولاية بشار.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024