تواصل الجزائر حربها ضد تأثير المال الفاسد على الانتخابات الرئاسية المقبلة المزمع إجراؤها في 7 سبتمبر 2024. وبالرغم من أن الدولة وخلال السنوات الماضية سنّت العديد من القوانين الصارمة لكي تمنع التلاعب بالأموال وأي تأثير محتمل لها على مسار الانتخابات، إلا أن بعض أصحاب النية في الترشّح حاولوا استغلال المال لشراء الأصوات والتأثير على الناخبين، وهو ما جعل العدالة تتدخّل بشكل حازم تطبيقا لأحكام الدستور والقوانين السارية.
علي مجالدي
في الأيام الماضية، كشفت السّلطات القضائية المختصّة عن اكتشاف عمليات فساد مرتبطة بالانتخابات الرئاسية الحالية، حيث تمّ حبس 68 شخصًا بشكل مؤقت بتهم استغلال النفوذ وتقديم هبات نقدية أو وعود بتقديمها بهدف الحصول على أصوات الناخبين. وتعكس هذه التحقيقات جديّة الدولة في محاربة المال الفاسد.
تحديــات ومخاطــر
يعتبر استغلال المال الفاسد في الحملات الانتخابية من أبرز التحديات التي تواجه العملية الديمقراطية في في أي دولة، ورغم أن القوانين المنظمة للانتخابات، والتي تمّ تكريسها بعد انتخاب الرئيس عبد المجيد تبون في ديسمبر 2019، تجرّم التداخل بين المال والسياسة، إلا أن بعض أصحاب النوايا في الترشح لا يزالون يتمسّكون بالعقليات القديمة التي كانت سائدة قبل 2019، هذه العقليات ترى في شراء الأصوات والذمم وسيلة مشروعة وعادية للوصول إلى السلطة وممارستها، متجاهلين العواقب القانونية والأخلاقية لمثل هذه الممارسات.
وفي سياق متصل، نشرت مديرية الحملة الانتخابية للمترشح عبد المجيد تبون بيانا رسميا في الأيام الماضية، تبرّأت فيه أي عملية جمع للأموال باسمها، مؤكدة التزامها الكامل بالقوانين المنظمة للتمويل الانتخابي. البيان جاء كخطوة للتأكيد على موقف المترشح الحر عبد المجيد تبون من رفض أي تداخل بين المال والسياسة، وهو موقف يتماشى مع التعهدات السابقة التي قطعها السيد عبد المجيد تبون منذ توليه الحكم بمحاربة الفساد وتعزيز الشفافية في العملية السياسية.
وعــي قانونـــي وإداري
مع اقتراب موعد الحملة الانتخابية للرئاسيات المقبلة، يتوجّب على المرشحين الذين قبلت ملفاتهم بشكل نهائي أن يتحلوا بالوعي الكامل بالقوانين المنظمة لسير الحملات الانتخابية. فالقوانين لا تقتصر على تنظيم التمويل فقط، بل تشمل أيضاً قواعد الإعلام والتغطية الإعلامية، والقوانين المتعلقة بالإعلانات الانتخابية حيث ينظم هذا القانون كيفية إجراء الحملات الانتخابية في الأماكن العامة، بما في ذلك توزيع المنشورات، تعليق الملصقات، واستخدام الشعارات الانتخابية، ممّا يتطلّب تشكيل لجان قانونية متخصّصة لضمان الامتثال التام للإطار القانوني وضمان نزاهة العملية الانتخابية.
ويؤكّد أستاذ التنظيمات السياسية والإدارية الدكتور سليمان خشة، في تصريح لـ “الشعب” على ضرورة أن يكون للمرشحين فرق قانونية متخصّصة لتفادي الوقوع في الأخطاء القانونية التي قد تؤدي إلى إلغاء الترشيحات أو المساءلة القانونية. ويرى خشة أن هذه الفرق يجب أن تكون على دراية بكل تفاصيل القوانين المتعلقة بالتمويل، وما هو مسموح به خلال الحملة الانتخابية لضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، وتفادي كذلك المساءلة القانونية.