قيادة جديدة اختارت خوض المعترك الانتخابي أداة للتغيير
يشارك حزب جبهة القوى الاشتراكية “أفافاس”، وهو أقدم حزب جزائري مُعارض، في رئاسيات السابع سبتمبر المسبقة، لأوّل مرّة بعد ربع قرن من المقاطعة، وقد مكّنت له قواعده النضالية من المرور بسهولة إلى سباق الرئاسيات بعد تحقيق الشروط الدستورية، وكذا الشروط المتضمّنة في القانون العضوي للانتخابات والمتعلّقة باكتتاب التوقيعات.
أثارت مشاركة الآفافاس في الرئاسيات المُقبلة، تساؤلات كثيرة عن السبب وراء تغيير موقفه، واتخاذ قرار كانت إجابته معروفة مسبقا.. “مقاطعة كل الاستحقاقات”، رغم تمتّعه بقاعدة نضالية واسعة داخل الوطن وفي صفوف الجالية الوطنية في الخارج.
وكانت أوّل وآخر مشاركة له في انتخابات 1999، عندما انسحب معظم المترشّحين قبيل ساعات من الاقتراع، وجاء قرار المشاركة التخلّي عن المعارضة الراديكالية، عقب تغييرات داخل الحزب نفسه، أهمها ذهاب القيادات القديمة التي كانت متمسّكة بالمقاطعة والمعارضة الراديكالية، وانفتاح القيادات الجديدة على المشهد السياسي، وذلك بعد أن ظهرت ضمانات لفتح اللّعبة السياسية وضمان جوّ مناسب للعمل السياسي وإعطاء الفرصة للآخرين، سيما بعد تولي الرئيس السيد عبد المجيد تبون، سدّة الحكم، وبداية إحداث القطيعة مع الممارسات السابقة.
في السياق، ربط مرشّح الآفافاس، السكرتير الأوّل يوسف أوشيش، مشاركة الحزب بتوفّر الظروف المناسبة لها، قبل أن يؤكد انخراط الحزب في العملية الانتخابية، مؤكدا أن رغبة تشكيلته السياسية في المشاركة بالرئاسيات جاءت من منطلق قرار استراتيجي يستجيب لثلاثة متطلبات، أوّلها “الحفاظ على الدولة الوطنية، وتعزيز مؤسسات الجمهورية، والوقوف في وجه أولئك الذين يسعون للإضرار بالبلاد، وحدتها، سيادتها واستقرارها”.
أما ثاني تلك المتطّلبات - يؤكد أوشيش - فيتمثل في “إعادة الاعتبار للسياسة من خلال النقاش العام”، بينما يتمثل الثالث في “منح الجزائريات والجزائريين بديلا سياسيا يعمل على إبراز قطب سياسي وطني تقدّمي ديمقراطي قوّي”.
ويرى حزب جبهة القوى الاشتراكية، أن التغيير المنشود يأتي من خلال الانخراط في المحيط السياسي، والتفاعل معه من أجل بلوغ الهدف، وليس بالانسحاب والوقوف موقف المتفرّج على لاعبين قد يعيدون احتكار اللّعبة السياسية وغلقها، بعد أن فتحها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ولعلّ ما يدفع أكبر حزب معارض للمشاركة في الرئاسيات، هو الضمانات التي قدّمتها انتخابات 2019 التي رغم الظروف الاستثنائية فيها، كان الصندوق وحده الفيصل، وأخرج رئيسا اختاره الشعب دون تدّخل من الإدارة.
يضاف إلى ذلك، الضمانات الصارمة في القانون العضوي للانتخابات، التي غربلت قائمة المترشّحين، وأوصلت أولئك المعبّر عنهم في قواعد نضالية، أو لديهم متعاطفون غير متحزبين بالقدر الكافي للوفاء بشروط المشاركة.