يتنافس، في الانتخابات الرئاسية المقررة يوم 07 سبتمبر، ثلاثة مترشحين، تمكنوا من استيفاء الشروط القانونية وعلى رأسها الحد المطلوب من استمارات الاكتتاب الفردي، في وقت أكد القضاء عدم تسامحه مطلقا مع أي محاولة للمساس بنزاهة العملية الانتخابية، وتسليط سيف القانون على من لجأ إلى المال لإفساد الاستحقاق.
بإعلان المحكمة الدستورية، قرارها المتعلق بالقائمة النهائية للمترشحين للرئاسيات وكذا نتائج الطعون، تكون الصورة قد اكتملت للجميع، متنافسين ومساندين وناخبين، والموعد المقبل هو انطلاق الحملة الانتخابية يوم 15 أوت.
المحكمة الدستورية، وطبقا لصلاحياتها المحددة في دستور 2020، قامت بمعالجة القرارات والملفات التي وصلتها من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وانتهت إلى ما انتهت إليه الأخيرة بموافقة 03 مترشحين، للإجراءات والشروط القانونية، المنصوص عليها في القانون العضوي للانتخابات. ويتعلق الأمر، بكل من المترشح عبد المجيد تبون، والسكرتير الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، ورئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، بينما رفضت 05 طعون، في الشكل وفي الموضوع. وفي التقرير الذي تلاه رئيس المحكمة، عمر بلحاج، تم التأكيد على اعتماد طرق العد اليدوي للاستمارات وكذا المطابقة الإلكترونية لها، لتصدر قرارها النهائي وغير القابل للطعن، ما يعطي الإشارة للمترشحين المقبولين لتعبئة مداوماتهم ومسانديهم، تحسبا لانطلاق الحملة الانتخابية، في غضون أيام قليلة.
ومن بين 35 راغبا في الترشح قاموا بسحب الاستمارات منذ 08 جوان الماضي، و16 آخرين أودعوا ملفاتهم لدى سلطة الانتخابات، تمكن هؤلاء الثلاثة فقط من استيفاء الشروط المطلوبة قانونا. وبالنسبة للمترشح عبد المجيد تبون، فلم يكن عسيرا تحصيل قرابة نصف مليون استمارة اكتتاب فردي للناخبين والمنتخبين معا، نظرا للدعم الذي يحظى من قبل عدة منظمات سياسية وغير سياسية، كانت قد أصرت في دعوته للترشح لعهدة رئاسية ثانية. وحرص أحزاب الأغلبية الرئاسية في البرلمان، مع كتلة الأحرار وتشكيلات حزبية أخرى، على جمع توقيعات الاستمارات لصالح المترشح تبون، رفقة منظمات المجتمع المدني، معتمدين على امتداداتهم القاعدية في المجالس المنتخبة وعلى مستوى المناضلين، وأيضا جمهور الناخبين المقتنعين بأهمية تقدمه لعهدة رئاسية جديدة. وبدا واضحا، توخي المترشح تبون الابتعاد كليا عن مظاهر البهرجة والمزايدة في توقيع الاستمارات، حيث كانت ترفق في عهد سابق بشعارات تتحدث عن «ملايين التوقيعات»، الأمر الذي كان يؤثر على نزاهة العملية الانتخابية في بدايتها.
أما بالنسبة للمترشح، أوشيش يوسف، السكرتير الوطني الأول، لجبهة القوى الاشتراكية، فقد وفر الجهد وركزه صوب المنتخبين، واستطاع الحصول على أزيد من 1200 توقيع لاستمارة الاكتتاب الفردي وهو ضعف الحد الأدنى المطلوب في قانون الانتخابات. أوشيش، اختار الحصول تزكية المنتخبين فقط، دون التقرب من الناخبين، لحسابات تكتيكية، تتعلق بضمان استيفاء شروط الترشح، والعمل لاحقا أثناء الانتخابية على اقناع الناخبين بالبرنامج الذي يقترحه. علما أن قانون الانتخابات، يضع حدا أدنى لاستمارات الناخبين، يقدر بـ 50 ألف توقيع من 28 ولاية عبر الوطن، وحد أدنى بـ 1200 استمارة في الولاية الواحدة، ما يجعل من العملية اختبارا حقيقيا لمدى الامتداد الشعبي والقاعدي لكل راغب في الترشح.
من جانبه استطاع رئيس حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، أن يضمن مشاركته في الانتخابات الرئاسية، بعدما تمكن من إيداع 1986 استمارة صحيحة خاصة بالمنتخبين على مستوى سلطة الانتخابات وأزيد من 80 ألف خاصة بالناخبين. ومعروف أن حركة مجتمع السلم، تحوز على عدد معتبر من المنتخبين، في مختلف المجالس، كما أنها جاءت ثانيا خلف حزب جبهة التحرير الوطني في التشريعيات الأخيرة بـ 64 مقعدا، ما يجعل عملية الحصول على الحد المطلوب من التزكيات عبر الاستمارات في متناولها بأريحية.
نزاهة الانتخابات
على صعيد آخر، تحرك القضاء بشكل حازم، في مسألة توظيف المال في عمليات جمع استمارات الاكتتاب الفردي، ويتولى القطب الجزائي المتخصص في مكافحة قضايا الفساد (ذو اختصاص وطني)، التحقيق المعمق في «قضية شراء التوقيعات من طرف راغبين في الترشح».
وأعلن النائب العام، لمجلس قضاء الجزائر العاصمة، لطفي بوجمعة، عن «وجود 3 أشخاص كانوا قد عبروا عن نيتهم في الترشح متورطين في هذه التجاوزات والممارسات يمكن أن تطالهم الإجراءات المنصوص عليها قانونا».
ويثبت تحرك القضاء بهذا الحزم، أن إبعاد المال بكل أشكاله عن السياسة وعن الانتخابات خصوصا، لم يكن «شعارا أجوفا» أو «شعار مرحلة»، وإنما قاعدة صارمة ينبغي الامتثال لها لضمان مصداقية الانتخابات.
وفي السياق شدد لطفي بوجمعة «إن سيف القانون سيكون صارما وحادا ضد كل من يسمح لنفسه بتعكير صفو الانتخابات والمساس بمصداقيتها ونزاهتها». ولأن الأمر يتعلق «بالتلاعب بالأصوات وتقديم الهدايا والمزايا والأموال المختلفة والخدمات والوعود» والتي تصنف كجرائم انتخابات، يعاقب عليها بموجب المادة 300 من القانون العضوي للانتخابات بغرامات مالية تتراوح بين 200.000 دج و1.000.000 دج والحبس من سنتين إلى 10 سنوات.