انتقلنــا مــن مرحلـة «مواطــن الهامــش» إلـى مرحلــة «المواطـن الشريــك»
قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة تمنراست الدكتور محمد عربي لادمي إن أهمية الانتخابات الرئاسية المقبلة تبرز باعتبارها محطةً تاريخية وحلقة أخرى من مسلسل استكمال بناء الجزائر الجديدة، حيث يُعتبر هذا الاستحقاق الانتخابي، العهدة الثانية في تاريخ الجزائر الجديدة، وأضاف أن التزامات رئيس الجمهورية تأتي في سياق تمكين الجزائر في أبعاد اقتصادية، اجتماعية، سياسية وديبلوماسية، من أجل تمكين بلادنا من مكانتها الحقيقية في المحفل الدولي.
وذكّر عربي لادمي في حديث لـ «الشعب»، بما تم تحقيقه خلال العهدة الرئاسية الحالية، ووصفها بـ»عهدة التأسيس للجزائر الجديدة» التي شهدت إعادة بناء المؤسسات، سواء على المستوى السياسي، الاجتماعي أو الاقتصادي، وأوضح أن التأسيس السياسي والإداري للجزائر الجديدة أخذ نصيب الأسد، من خلال الشروع في إعادة النظر في الدستور باعتباره لبنة أساسية في تشييد الأمم والمجتمعات، إلى جانب إعادة النظر في قانون الانتخابات وإنشاء هيئة مستقلة تشرف على هذه العملية، وهو ما يكرّس – كما يقول - الشرعية والمشروعية السياسية الناجمة عن تعزيز النزاهة وتكريس الشفافية في العملية الانتخابية.
وتابع أستاذ العلوم السياسية قائلاً إن «الانتخابات الرئاسية التي جرت سنة 2019 والانتخابات المحلية والتشريعية التي أعقبتها، شهدت قدراً كبيراً من النزاهة والشفافية، حيث وقف الجميع على المسافة نفسها، من الحقوق والواجبات الانتخابية، ولم تسجّل أي تجاوزات أو شكاوى ضد نزاهة العملية الانتخابية.
وجدّد المتحدث التذكير بإنجازات العهدة الرئاسية الحالية التي تميّزت ببناء مؤسسات الدولة، والالتفاتة الهامة التي حظي بها الشباب والمجتمع المدني من خلال إنشاء مؤسستين هامتين تُعنيان بقضايا الشباب والمجتمع المدني، موضحاً بأن المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب كان لهما دور هام في الرقي بتطلعات الشباب والمجتمع المدني، وشكّلا منبرين لإيصال صوت الشباب ومنظمات وهيئات المجتمع المدني إلى أعلى هرم الدولة.
لم يُخفِ لادمي صعوبات المرحلة القادمة التي تأتي في سياق زمني يشهد تحدّيات أمنية وجيوسياسية إقليمية ودولية متأزمة، مشيراً إلى أن الانتخابات الرئاسية المُقبلة ستكون بداية عهدة التحدي السياسي على المستوى المحلي، والتي تقتضي مواصلة تحقيق فعالية المؤسسات المنشأة في العهدة الحالية، بدءًا بمواصلة السلطة المستقلة المشرفة على الانتخابات عملها وتحقيقها لأكبر قدر من الشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية، مروراً بالمجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني وصولاً الى وسيط الجمهورية ومندوبيه في الولايات.
مناخ سياسي ملائم وضمانات إدارية غير مسبوقة
ويرى عربي لادمي أن هذه الهياكل التي أُنشأت في عهدة الرئيس تبون، كفيلة بنقل صوت المواطن وانشغالاته إلى أعلى مستوى في السلطة، والانتقال به من مواطن على الهامش إلى مواطن شريك في العملية السياسية وشريك في البناء المؤسساتي للدولة، من خلال الديمقراطية التشاركية التي دعا إليها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
ونبّه إلى أن «الانتخابات الرئاسية المُقبلة هي محطة مفصلية في تاريخ الجزائر الجديدة، باعتبارها أحد الأسباب والعوامل الأساسية التي ستنتقل بالجزائر إلى التمكين السياسي، وضمان المشاركة والفعالية السياسية بالإضافة الى تحقيق الاستقرار السياسي الذي يحقّق الشرعية، باعتبار أن مشروعية ما تحقّق من إنجازات تليق بالدولة الوطنية المعاصرة التي ترتقي بالمجتمع وتؤسس لدولة مؤسساتية قوّية».
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة تمنراست أن هناك إجماعا شبه تام للعديد من الأحزاب حول تزكية عبد المجيد تبون رئيسا للعهدة الثانية، مع ظهور معطيات جديدة تمثّلت في بروز مرشّحين اثنين تم قبولهما لخوض غمار المنافسة نحو قصر المرادية.
وذهب محدّثنا إلى اعتبار تقديم حزبين سياسيين محسوبين على المعارضة التقليدية لمرشّحيهما، وتمسّكهما إلى اللحظة بقرار المنافسة وعدم انسحابهما من السباق الرئاسي، دليلا واضحا على قبول هذين الحزبين لمعطيات الواقع السياسي، وثقتهما في الضمانات المقدّمة في العملية الانتخابية، عكس ما كان يحدث في السابق من عزوف وإحجام عن الترشّح الناجم عن عدم ثقة في مخرجات العملية الانتخابية.
وتطرّق لادمي في حديثه إلى السياسات التي انتهجتها الدولة الجزائرية في عهد الرئيس تبون، والتي تزامنت مع تفشي وباء كورونا وانعكاساته الاجتماعية والاقتصادية التي جابهتها الجزائر بحكمة وتخطيط واستراتيجية أتت أكلها، مقارنةً بالعديد من الدول التي تأثرت بهذه الأزمة الصحية العالمية.
إلى جانب ذلك، تميّزت العهدة الانتخابية الحالية باندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي انعكست سلباً على الاقتصاد العالمي بشكل كبير جداً، وهو ما دفع الجزائر - بحسب المتحدّث - الى انتهاج سياسة اقتصادية ناجعة، تجاوزت بها الآثار السلبية التي تأثرت بها العديد من دول الجوار أو حتى بعض الدول الأوروبية، من بينها زيادة الأجور على مراحل وفتح باب الاستثمار الأجنبي، وإعادة صياغة قانون الاستثمار بما يليق بالمكانة الدولية للجزائر وبمقدراتها وإمكانياتها الاقتصادية الهائلة.
إنجـــازات مشهــودة..
ونوّه عربي لادمي، في معرض حديثه، بالرهان الحقيقي المنتظر من الانتخابات الرئاسية المُقبلة، والمتمثّل في تمكين الجزائر اجتماعياً واقتصادياً من خلال مواصلة عملية البناء الاقتصادي والمجتمعي المُرتكز أساساً على إعادة النظر في العديد من القوانين المسيّرة للقطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
وعاد المتحدّث إلى التذكير بالسياق الزمني الذي تجري فيه الانتخابات الرئاسية المُقبلة، والتي تأتي في مرحلة جدّ حرجة نظراً لتزامنها مع أزمة حقوقية عالمية جراء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من إبادة ممنهجة، والتي رفعت الجزائر التحدّي بخصوصها وقاومت جميع الأصوات التي حاولت الوقوف ضد أي قرار يدعو لوقف إطلاق النار بغزة، وقال إن الجزائر وبتوجيهات من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، استغلّت عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن الدولي وحرّكت ديبلوماسيتها من أجل إيصال صوت الحق والدفاع عن حق الفلسطينيين في إطار دبلوماسية القانون الدولي، لتكلّل جهودها ومواقفها الصلبة بانتزاع قرار أممي يقضي بوقف إطلاق النار رغم التعنّت الأمريكي.
وتابع قائلاً إن الجزائر ماضية في دعمها للقضايا العادلة، على غرار القضيتين الفلسطينية والصحراوية، مؤكداً بأن توظيف الجزائر لوضعها الاقتصادي للوقوف في وجه المتربصين، ما هو إلا دليل على قوّتها ومكانتها التي وصلت إليها بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.
وخلص إلى أن الانتخابات الرئاسية المُقبلة تُعدّ مرحلة هامة في تاريخ الجزائر المعاصر، وبأن العهدة الرئاسية الثانية في عمر الجزائر الجديدة هي مرحلة مصيرية على كافة الأصعدة.
ورجّح أن الرئيس تبون هو من سيقود البلاد لفترة رئاسية ثانية، متوقعا أنها ستكون عهدة رئاسية لتمكين وترسيخ الاصلاحات التي باشرها تبون، وفرصة للرقّي بالجزائر الى دولة اقتصادية بامتياز، واجتماعية بطابعها التاريخي وديبلوماسية بإنجازاتها المشهودة».