الباحث في الشؤون الاستراتيجية.. عمار سيغة لـ «الشعب»:

الرئاسيـات.. تكـريس لمبـدإ الحوار ودمقرطـة الحيـاة السياسيـة

سفيان حشيفة

 الباحـث في الشؤون الاستراتيجيـة.. عمــار سيغــة لـ «الشعب»:

أكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، الدكتور عمار سيغة، أن الجزائريين يعقدون الكثير من الآمال على نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة المزمع تنظيمها، مطلع شهر سبتمبر، في خضم سلسلة التحضيرات التي باشرتها السلطة من لقاءات ومشاورات مع النخب السياسية والأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي، منتصف العام الحالي، بغية تكريس مبدإ الحوار ودمقرطة الحياة السياسية.

يرى الدكتور عمار سيغة، أن المؤشرات الإيجابية الحاصلة تدل على مستوى النقلة النوعية في الممارسة السياسية في الجزائر، وانعكاساتها على إعادة تأهيل وتحصين الحياة السياسية، هذا إذا ما أحسن صانع القرار الاستثمار في حزمة الإصلاحات التي عرفتها الدولة منذ مجيئ الرئيس عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم سنة 2019م، انطلاقا من دستور جديد وقانون عضوي للانتخابات أخلط الكثير من أوراق أصحاب المال الفاسد وعُصب المتطفلين على السياسة في الوطن.
أوضح سيغة في تصريح لـ «الشعب»، أن تلك الإصلاحات ساهمت من جهة أخرى، في تعافي المشهد السياسي الذي تعرض إلى تَرَهُّل ممنهج على مدار عقدين كاملين، بما يشبه حالة تصحر سياسي وعزوف النخب السياسية والأكاديمية على خوض اللعبة السياسية، ناهيك عن فقدان الأحزاب حينها لفعاليتها وحركيتها، وانتشار الصراعات الداخلية داخل الأحزاب، وبروز مظاهر شاذة آنذاك كالتجوال السياسي واكتساح المشهد السياسي من طرف دخلاء وانتهازيين وفاسدين ووصولهم إلى أعلى هيئة تشريعية في الجزائر بغية الظفر بالحصانة البرلمانية والفرار من متابعات القضاء والعدالة.
تجنيد العامل البشري والتقني والمادي
أفاد الدكتور عمار سيغة، أن السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر تعكف، منذ استدعاء الهيئة الناخبة، مطلع شهر جوان المنصرم، على تجنيد الكادر البشري والإمكانات التقنية والمادية لإنجاح العملية الانتخابية، على الرغم من جملة التحديات التي تواجهها، نظرا لكون التجربة الحالية هي ثاني تجربة منذ استحداثها في 2019.
وتابع سيغة، أن مسؤوليات السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر، ستشمل تدارك جملة النقائص والاختلالات التي صادفتها سابقا، من خلال تفعيل العامل التقني والإلكتروني لربح الوقت، والمساهمة في ضمان الحقوق القانونية للهيئة الناخبة من جهة، ومن جهة أخرى ضمان حقوق المترشحين للرئاسيات.
وٍتوقع المتحدث ذاته، أن تتضمن القائمة النهائية المعتمدة مشاركة التيارات الثلاثة «الوطني والديمقراطي والإسلامي»، والتحدي الذي بقي قائما هو كيفية تلافي عزوف الناخبين لحضور التجمعات والمهرجانات الانتخابية مع فصل الصيف، والدفع نحو المشاركة القوية في الاستحقاق الوطني.
استغــــلال مواقـــع التواصـــل الاجتـماعي لاستقطـــــــــــــاب الناخــــــــــــــبين
أبرز الأستاذ سيغة، أن الفضاءات الافتراضية ومواقع التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا، ستكون البديل المناسب لاستقطاب الناخبين، والرهان الآن على من سيحسن استغلالها لتوظيف التقنية للترويج للبرامج الانتخابية. ففي عالم اليوم أضحت التقنية والرقمنة عاملا مؤثرا في توجهات الرأي العام في كبرى الديمقراطيات؛ وذلك نظرا لسهولة الانتشار وتوافر الخدمة طيلة ساعات اليوم ليلا ونهارا، كما أنها ستوفر الكثير من الجهد والوقت.
وتابع الباحث بالقول: «هنا لابد أن نشير إلى دور الشباب من ذوي التحكم الجيد في التكنولوجيا لتوظيف مهاراتهم في التعبئة الإلكترونية والتحسيس بالبرامج الانتخابية، مما قد يرسم معالم مقاربة الاستثمار السياسي بتفعيل مؤسسات ناشئة قادرة على لعب دورها بشكل ربحي في العملية الانتخابية، وقد يساهم الأمر في ترشيد النفقات ورقمنة العمليات الإشهارية، والقضاء على الطرق التقليدية والكلاسيكية المتعلقة بالمنشورات الحائطية التي أدت إلى تشويه المنظر الجمالي للمدن، وساهمت في التلوث البصري، وكبدت الخزينة العمومية والمترشحين على حد سواء الكثير من المال والجهد».
ووفقا للمصدر، بناءً على ما تمّ سرده واستشرافه، ستكون الرئاسيات القادمة فرصة متجددة وسانحة لاستكمال حزمة الإصلاحات في أبعادها السياسية والاقتصادية، ودورها في الحفاظ على المكاسب والانجازات المحققة داخليا وخارجيا، وكذا كمحطة لتعزيز الاستقرار والأمن والسلم في البلاد، وحتى في الجوار الإقليمي للجزائر في بعديه العربي والقاري.
المقاربة التي يُرتقب استمرارها بعد الرئاسيات، ستُمكِّن الجزائر من تفعيل دورها الدبلوماسي والقاري، وتضبط توازناتها وتوجهاتها في السياسة الخارجية الجزائرية التي اكتملت صورتها وبرزت فعالية أدوارها في كبرى المؤسسات الدولية، مثل مجلس الأمن الدولي الذي أصبحت فيه عضوا غير دائم، مع توقع مواصلتها طرح إصلاح الهيئات الدولية، بما يؤهلها للقيادة الأممية ولعب أدوار كبرى ومتقدمة في العالم، يختم الباحث في الشؤون الإستراتيجية والأمنية الدكتور عمار سيغة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024