“الأنتربول” أثنى على الأشواط التي قطعتها المؤسسة الشرطية الجزائرية
تلعب المؤسسة الشرطية، دورا حاسما في مكافحة الجرائم السيبرانية، التي باتت تشكل تهديدا متناميا على المستويين الفردي والمجتمعي، وتكمن خطورتها في كونها تتيح لمستخدميها سهولة التخفّي، كما أنها لا تعترف بالحدود الإقليمية ولا بالمكان أو الزمان، وغيرها من العوامل التي شكّلت اهتماما منقطع النظير للسلطات العليا للبلاد، عبر سنّ القوانين الردعية وتشديد العقوبات على مجرمي الفضاء الإلكتروني .
ترى رئيسة خلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية وهران، سلمى سعودي، أن الجهود المبذولة من قبل أجهزة الشرطة، تؤكد على التزامها التام بحماية المجتمع من خطر هذه الآفة، التي باتت تشكّل تهديدا خطيرا على الأمن الوطني والإجتماعي والإقتصادي ومختلف المجالات الأخرى، نظرا لتطوّر أساليب الجريمة الإلكترونية وتنوّع أشكالها، وبالتالي فإن المساعي مستمرة لتطوير قدرات الشرطة وتعزيز التعاون على المستويين الوطني والدولي، ستظل ضرورية لمواجهة التحدّيات المتزايدة في مجال الجريمة المعلوماتية.
وتعزيزا لأمن سيبراني فعّال، أولت القيادة العليا للأمن الوطني أهمية بالغة لمحاربة هذا النوع الخطير من الإجرام الذي يتخذ أشكالاً متعدّدة وديناميكية، بدءًا من البناء المؤسسّي والتنظيمي من خلال إنشاء وحدات متخصّصة، ضمن هياكل الشرطة، ناهيك عن تطوير برامج تدريبية احترافية للكوادر البشرية، كما يتم الاستفادة من الخبرات الدولية والتعاون مع الجهات المختصة لرفع كفاءة وقدرات الشرطة في مختلف المجالات ذات الصلة، بما فيها التحقيق الرقمي والمراقبة وتحليل الأدلة الإلكترونية.
وعملا بمساعي القيادة العليا الأمن الوطني، تبذل المديرية الولائية للجهاز بوهران، جهودًا مضاعفة، من أجل تطوير قدراتها وأساليبها لمواكبة التطوّرات التكنولوجية المتسارعة والجمع بين الاستباقية والوقاية من التهديدات في الفضاء السيبراني، مع السهر على ترقية الثقافة القانونية وثقافة المواطنة، عبر التحسيس المستمر ورفع اليقظة الأمنية، بحسب ما جاء على لسان رئيسة خلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية وهران، سلمى سعودي. واعتبرت سعودي في تصريح لـ “الشعب” أن الجريمة السيبرانية مجموعة من الأنشطة الإجرامية، ترتكب ضد أفراد أو جماعات أو مؤسسات كاملة باستخدام وسائل الاتصال الحديثة وشبكة الإنترنت، خاصّة وسائط التواصل الإجتماعي، بغرض الحصول على مكاسب مادية أو سرقة المعلومات الحساسة أو التخريب والإضرار بالنظم المعلوماتية، ولعلّ أبرزها حاليا، تجارة الوهم، كبيع سلعة أو بضاعة أو تقديم خدمات بطريقة احتيالية، مقابل ما يعرف بالدفع المسبق.
وهنا تطرقت المتحدثة ذاتها إلى الأساليب والتقنيات الحديثة والمتطورة للتعامل مع الجريمة والأنشطة الإرهابية عبر الإنترنيت والتي تستخدمها فرقة مكافحة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بوهران، وهي امتداد للمصلحة المركزية لمكافحة الجرائم ذات الصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال، وفق تعبيرها.
وفي هذا الصدد، نوّهت بالفارق الذي أحدثته خلية محاربة الجريمة الإلكترونية على مستوى المديرية العامة للأمن الوطني، التي تم استحداثها سنة 2011، وكذا المصلحة المركزية لمحاربة الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال لمديرية الشرطة القضائية التي أنشئت عام 2015، لتحوّل فيما بعد إلى مصلحة عملياتية مجهزة بالمورد البشري المختص والوسائل التقنية العالية المستوى، كما قالت.
واستنادا إلى نفس المصدر، تضمّ الهيكلة الحالية للمصلحة المركزية لمكافحة الجرائم السيبرانية هياكل متخصصّة ومكاتب للدعم والتسيير والتحليل، تسهر عليها نخبة من الكفاءات الشرطية البحتة، المتخرجين من الجامعات الجزائرية، يتم انتقاؤها بدّقة من المصالح العملياتية أو من مدارس الشرطة، ممن تتوفر فيهم شروط الكفاءة والتحكم بالتكنولوجيات الحديثة وشبكات التواصل الإجتماعي، مع إخضاعهم لتكوينات مكثفة وطنيا ودوليا لأداء مهامهم بكل احترافية واستباقية، ومن أجل إماطة اللثام على أصعب القضايا. وأبرزت أيضا “الأهمية التي يوليها الجهاز للشراكات والتعاون في مجال مكافحة الجرائم السيبرانية بمختلف أشكالها لضمان تنسيق محكم، أساسه صون لحماية أمن الوطن والمواطن، سواء مع الأجهزة الأمنية ومختلف الشركاء على المستوى المحلي، أو على الصعيد الدولي في إطار تبادل الخبرات والتجارب، وكذا المعلومات الأمنية، أبرزها التنسيق مع الشرطة الدولية (الأنتربول)، التي أثنت في عديد المناسبات على الأشواط التي قطعتها المديرية العامة للأمن الوطني في هذا المجال، ناهيك عن إشراك المواطنين والمؤسسات وفعاليات المجتمع المدني في برامج التوعية والتثقيف للمستخدمين. وبفضل هذه الجهود المتواصلة، تمكن أمن ولاية وهران من تحقيق نتائج ملموسة في فك شيفرات عدة قضايا وطنية ودولية والقبض على مرتكبيها، كان آخرها شهر جوان المنصرم؛ حيث تمكنت فرقة مكافحة الجرائم الإقتصادية والمالية من تفكيك شبكة إجرامية متخصّصة في النصب والاحتيال على المواطنين، تحت مظلة وكالة سياحية وهمية.
وفقا للمعطيات الأوّلية للتحقيق، كانت هذه الشبكة تستهدف المواطنين بالخداع عبر صفحات الفيس بوك والإنستغرام، مدّعية تقديم عروض سياحية مغرية بأسعار منخفضة، لكن وبمجرد حصول الضحايا على هذه العروض الوهمية، تختفي الشبكة، دون تنفيذ أي برامج سياحية.
وبلغ عدد الضحايا حتى الآن حوالي 100 شخص، وهو رقم مرشّح للارتفاع بعد استكمال التحقيقات التي باشرتها فرقة مكافحة الجرائم الإقتصادية والمالية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية، بعد تقديم شكاوى متسلسلة ضد وكالة سياحية وهمية، المسماة “ اش. ان للخدمات”، التي كانت تستدرج ضحاياها من خلال القيام بحملات إعلانية عبر صفحات الفيسبوك والأنستغرام، تقدم من خلالها عروض مغرية، تمثلت في توفير التأشيرات السياحية، تأشيرات الدراسة، عروض العمل، الإقامة بدول الاتحاد الأوروبي وكندا.
وقد أسفرت العملية عن توقيف 07 أشخاص، تم تقديمهم أمام السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة فلاوسن، أين أودعوا رهن الحبس المؤقت، مع استصدار إذن بالتفتيش والتوقيف وتمديد الاختصاص، بهدف محاسبة المتورطين وتعويض المتضررين، سيما بعد اكتشاف وجود ضرر مالي أولي قدره 94 ملايين سنتيم و13500 يورو.في ضوء ذلك، تؤكد المكلفة بالإعلام والعلاقات العامة لدى أمن وهران، أن الجهود المبذولة من قبل أجهزة الشرطة عبر مختلف ولايات الوطن، على التزامها التام بحماية المجتمع من خطر هذه الآفة، التي باتت تشكل تهديدا متناميا على الأمن الوطني والإقتصادي، نظرا لتطوّر أساليبها وتنوّع أشكالها، في ظل التحوّل السريع نحو عالم رقمي.