جهاز برجالـه ونسائـه امتداد لصنيـع الأشاوس الأوفياء للشهداء والوطن
يُسطّر التاريخ للشرطة الجزائرية دورها الفعّال في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحيّز الحدودي والجغرافي، وانتصارها في كل المعارك التي خاضتها منذ تأسيسها عقب تحقيق الاستقلال الوطني المضرّج بدماء ملايين الشهداء والمجاهدين الأبطال الذين صنعوا ملاحم النصر والشرف أمام أعتى القوى الاستعمارية في تلك الحقبة، فكان جهاز الشرطة برجاله ونسائه امتداد لصنيع أولئك الأشاوس الأوفياء للوطن والأمة الجزائرية.
تُدرك الشرطة الجزائرية حجم التحدّيات الكبرى التي تنتظرها في محيط إقليمي ودولي شديد التعقيد يموج بالاضطرابات والنزاعات والصراعات، ويعجّ بالمؤامرات والدسائس والمكائد بين الدول المُتناطحة على المصالح والمكاسب، وتعي جيداً مدى صعوبة التكيّف مع هذا المُعطى الجيوسياسي الذي يتطلّب تكاملها مع أجهزة الدولة الأمنية الأخرى لفرض مظلّة الاستقرار والأمن المستدام على بلد الشهداء محاطين بوعي شعبي مُتعاظم يُساند تلك المساعي الوطنية ويدعمها.
يقول أستاذ العلوم السياسية، البروفيسور نور الصباح عكنوش، إن المؤسسة الشرطية الجزائرية هي نتاج تراكم نجاحات تاريخي ساهم في تعزيز قيم السلم والأمن عبر ربوع الوطن، وترقية المُثل العليا للاستقرار والازدهار في كنف المواطنة والتنمية المستدامة. وأوضح عكنوش، في تصريح لـ«الشعب”، أن الشرطة الجزائرية تتمظهر في هذا الإطار كآلية مستدامة للدفاع عن الجمهورية وحماية نموذجها الدستوري والتنموي، من خلال مواكبة كل المستجدات ومواجهة كافة التهديدات والتحديات التي تحيط بعوامل الأمان والسكينة داخل التراب الوطني.
وعلاوة على ذلك، يتحمّل جهاز الشرطة مسؤولية كبرى في ضمان استمرار أسباب الانسجام الوطني من منظور إستراتيجي شامل لا يقف عند الأمن بالمعنى التقليدي، بل يتعداه إلى المشاركة مع المواطن والمجتمع المدني في حوكمة المؤسسات العمومية، عبر بناء القدرات وصقل المواهب ورسم الأهداف وتطوير البرامج، في مُقاربة مُبتكرة تعتمد على الذكاء والاحترافية والاستشراف بالتنسيق مع مؤسسات سيادية أخرى بما يضمن 3 عناصر تتمثل في تفعيل الأداء، وتحيين الميكانيزمات، وتطوير الرؤى، في ظل بروز أجيال جديدة من الإجرام العابر للبلدان، وتحولات تكنولوجية سريعة مهددة للمجتمعات والدول، وظهور أخطار جديدة على صعيد البيئة والفضاء العمومي وحروب العقل، مثلما أضاف محدثنا.
ووفقاً للباحث عكنوش، تحتاج تلك العناصر لإستراتيجيات مبتكرة للتصدي والتأثير والتدخل، وهو ما يتطلب جهدا أكبرا من النواحي البشرية والعلمية واللوجيستيكية في رسم المنهجية المستقبلية للسياسة الأمنية الوطنية بما يتماهى وطبيعة الشرطة في القرن الواحد والعشرين من جهة، ومع بلد مترامي الأطراف بحجم قارة من جهة ثانية.
وتابع البروفيسور قائلاً: “نحن في عالم مفتوح يعرف نسقا غير مستقر من الجرائم والتهديدات والصراعات، ويتطلب جاهزية إلكترونية عالية، وبنية تحتية قوّية، يقع على عاتق كوادر الشرطة واجب الاضطلاع بها وفق محددات الرقمنة والذكاء الاصطناعي، حيث أن برنامج العمل المستقبلي يتعين أن يقوم على المعلومة والصورة والوقت، وهي أبعاد إدارة الأزمات على مستوى المخدرات والجريمة الإلكترونية وشبكات تبييض الأموال والتجارة غير الشرعية وحركة تنقل الأفراد وتهريب العملات والعنف الأسري وغيرها من تحدّيات العمل أمام الشرطة الجزائرية التي تنمو في بيئة مُجتمعية واقتصادية وقانونية وفكرية مُتغيّرة، وتعرف ديناميكية تحوّل هام في بنية المؤسسة من حيث الخطط والهياكل”. الشرطة الجزائرية بما تملكه من احترافية عملياتية عالية ستظل بمعية مؤسسات وأجهزة الأمن الوطني الأخرى الركن الشديد الذي تأوي له الأمة اليوم في زمن الحروب الجديدة طلبا للطمأنينة والتنمية بأبعادها المستدامة، مثلما أوَت إليه زمن الإرهاب، يختم أستاذ العلوم السياسية البروفيسور نور الصباح عكنوش.
تأهّب وانسجام مع المتغيّرات الجديدة
احترافية عملياتيـة عالية في عــالم يمـوج بالاضطرابـات
سفيان حشيفة
شوهد:66 مرة