دخل فصل الصيف هذا العام قبل موعده وبدا التخوّف من تكرار سيناريو الحرائق الذي عاشته العديد من ولايات الوطن وخلف خسائر كبيرة في الأرواح والموارد النباتية، وكلما حلت مثل هذه الكوارث إلا وكانت البيئة أكبر متضرر منها.
ما يزال الاهتمام بالبيئة يقتصر على المناسبات وبعض المواعيد كعيد الشجرة أو اليوم العالمي للتنوع البيولوجي.. وغيره، عدا ذلك لا نرى حملات تحسيسية دائمة ومستمرة على مدار العام، ولا نرى تواجدا دائما للمجتمع المدني في الميدان، حتى أنّ عملية التحسيس تكاد تقتصر على جمعيات لا يتعدى عددها أصابع اليد الواحدة، كيف نصنع ثقافة بيئية أو مواطنة بيئية؟ سؤال أجابنا عنه رئيس الجمعية الجزائرية للبيئة والمواطنة سفيان عفان في تصريح لـ» الشعب».
أبرز عفان أهمية التحسيس للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية التي تتناقص أساسا بفعل التغيرات المناخية، ويساهم الإنسان في جزء كبير من الأضرار من خلال الاعتداءات التي يقوم بها، والتي يتكبد نتائجها في آخر المطاف.
يركز المتحدث على الأمور التي يراها أساسية بداية من نظافة المكان الذي يعيش فيه الإنسان، سواء أكان بيته أو مدينته، لأنّ النظافة أساس كل تقدم ورقي، وعنوان الحضارة، ومظهر من مظاهر الإيمان، التخلص من المخلفات الصلبة؛ كالأوراق، والصناديق، وقطع القماش القديمة، والزجاجات الفارغة، والعلب المعدنية، وبقايا الطعام التي أصبحت من أهم مصادر التلوث؛ لأنّ تراكمها وتجمع المياه حولها يجعلها مرتعًا للحشرات والميكروبات ومصدرًا للرائحة الكريهة، بالإضافة إلى الحرص في التعامل مع المياه، وعدم الإسراف في استخدامها، وكذلك عدم تلويثها بإلقاء القاذورات فيها.
ويؤكد عفان ضرورة التحلي بسلوكيات، فهو يرى أنه لا بد من الحذر عند استعمال المنظفات الكيماوية، والمواد السامة، والتقليل منها ما أمكن، لأنّها تؤثر على طبقة الأوزون، التي تحمي الأرض من أشعة الشمس الحارقة، والأشعة الأخرى الضارة، بالإضافة إلى استخدام المرشحات التي تقي البيئة من العوادم الناجمة عن استخدام الوقود وغير ذلك، وكذلك استخدامها في الأجهزة المنزلية التي يترتب عليها ظهور عوادم ضارة كمدخنة المطبخ وغيرها.
يعتقد عفان أنه لا بد من نشر الوعي البيئي بين الأبناء، لتوسيع آفاقهم ومداركهم حول حب العالم والكون بما فيه، ومن فيه، وكذلك نشر هذا الوعي بين الجيران والأقارب وتوجيه النصح والإرشاد لهم، والتعاون على مواجهة هذا الخطر، لما فيه صالح الفرد، والمجتمع، بل والعالم أجمع، لأنّ الثقافة البيئية عبارة عن ترسيخ السلوكيات المتعلقة بالبيئة لدى المواطنين.
كما لابد من مجهود دائم ومستمر ـ يضيف ـ لتلقين أبجديات الشأن البيئي لدى الناشئة أولا من خلال التعليم، لإضافة مواد دراسية إلى النظام التعليميّ للأطفال منذ الصغر بحيث تتناول هذه المواد كيفيّة المحافظة على البيئة وبناء صداقة مع البيئة المحيطة في المدارس بمختلف أطوارها، ويتعدى جانب التحسيس مستوى الأحياء ليكون بشكل مستمر، مع اقتراح الشراكة مع الهيئات ذات الصلة كوزارة البيئة، وكذا وضع التشريعات والحوافز بهدف الحفاظ على مظاهر البيئة.
ويؤكد على مشاركة مؤسسات المجتمع المدني بالحفاظ على البيئة من خلال نشر المنشورات والدورات التوعوية، بالإضافة إلى عمل الورشات البيئية، وتسخير وسائل التواصل الاجتماعي وضع مواردها الضخمة في خدمة نشر هذه الثقافة.