دعا الخبير المحاسبي ومحافظ الحسابات السيد اعوج أعراب، إلى الإسراع بمراجعة عميقة واستعجاليه للإجراءات التي تنظم دفع الضرائب والرسوم من طرف المتعاملين الأجانب وتجاوز أسلوب المراجعة الجزئية والمتتالية التي أظهرت اختلالات ونقائص وتجاوزات ينبغي معالجتها، ذلك أنه يلاحظ كما أشار إليه على سبيل المثال، أن المسيّر صاحب الأغلبية في شركة ذات مسؤولية محدودة يدفع نسبة ضريبة أقل من المسير صاحب الحصة الأقل في أسهم رأسمال الشركة، انطلاقا من دخل معين، كما أن الموظفين والعمال يدفعون أكثر من الشركاء في شركات تجارية.
عن سؤال، لماذا تدفع الجزائر الضرائب والرسوم التي على عاتق المؤسسات الأجنبية (خدمات) العاملة بالجزائر في إطار الصفقات العمومية؟، أوضح المتخصص في المجال المحاسبي إلى أنه ما عدا الاستثناءات الخاضعة لاتفاقيات دولية خاصة، كل عائد مالي يكسب في أي بلد ينجم عنه دفع ضرائب من طرف المتعامل الذي يقوم بالإنجاز في ذلك البلد. لذلك فإن الدين الضريبي الذي ينجم عن الدخل يجب أن يدفع من هذا الأخير، (المتعامل). بالتالي دفع هذا الدين من طرف الدولة أو طرف آخر بدل الخاضع للضريبة يعد كأنه دخل آخر يجب أن يخضع للضريبة. وأضاف محدثنا بنبرة وطنية قائلا، إذا كان في الماضي بفعل عدم التحكم في النظام المحاسبي المتعلق بالصفقات المبرمة مع متعاملين أجانب، يمكن تبرير ما حدث، فإن الأمر لا ينبغي أن يستمر خاصة منذ صدور قانون المالية التكميلي لسنة 2009 الذي كرّس حقيقة في مادته 31 التي تقضي بأن يدفع كل طرف ضرائبه والرسوم التي تقع عليه. لكن يواصل الخبير قائلا ‘’يلاحظ إلى اليوم استمرار تلك الممارسة الغريبة في إطار صفقات عمومية تتعلق بخدمات تخضع للاقتطاع من المصدر طبقا للمادة 156 من قانون الضرائب المباشرة والرسوم الشبيهة’’.
بالفعل فإن المتعهدين الذين يستجيبون لمناقصات دولية خاصة في قطاع الأشغال العمومية يقدمون عروضهم فعليا خارج الرسوم(خارج الرسم على القيمة المضافة)، لكن خارج هامش الربح، ذلك أن هامش الربح في هذه الحالة متضمن في العقد ومستوى هذا الهامش هو ما يحدد الفرق بين مختلف المتعهدين، بعدها يتم إجراء حساب مبلغ كافة الرسوم كمايلي، كون نسبة الاقتطاع من المصدر المقرر ب 24٪ هي نسبة من 100٪ خارج المداخيل الخام، يتم احتساب النسبة ضمنها على أساس الصافي 76٪ كما يلي: قسمة 24٪ على 76٪ تساوي من 31.57 إلى 31.58 ٪ التي تطبق على المبلغ خارج الرسوم للصفقة ويضاف إلى قيمتها، وهذا المبلغ الذي يضاف يتم فوترته ويقتطع من صاحب المشروع الذي يعيد صبه في الخزينة العامة.
حقيقة، وأمام اتساع تواجد المؤسسات الاقتصادية الأجنبية خاصة في مجال الخدمات، يبدو أنه من الضروري إعادة تشخيص جانب الضرائب والرسوم التي يجب أن يدفعها المتعامل بشكل يكون أكثر دقة ووضوحا بما يحمي حقوق المجموعة الوطنية ويضمن للدولة مواردها القانونية وكذا بما يمنع أي تلاعب جراء اختلاف التفسيرات للأحكام القانونية أو غموض للإجراءات المعمول بها. في ضوء هذا من الطبيعي أن تواجه إدارة الضرائب، خاصة في هذا الظرف، واقعا يتطلب منها تفعيل أدواتها تجاه المتعاملين الأجانب ضمن معادلة حماية الحقوق فيكون لكل ذي حق حقه. ينبغي بالمناسبة الإشارة إلى أن نشاطات الخدمات في إجراء الدراسات والخبرات يمنح مساحة واسعة للشركات الأجنبية، التي تلجأ إلى موارد محلية لإنجاز المشاريع مقابل فواتير هائلة، مما يفرض الانتقال إلى وضع ترتيبات قانونية تحمي حقوق الكفاءات الوطنية وتعطيها الفرصة أمام منافسة أجنبية شرسة وأحيانا غير نزيهة. وبالرجوع إلى المادة 31 من قانون المالية التكميلي لـ 2009 فإنها تنص على ‘’ أن الضرائب والرسوم المترتبة في إطار تنفيذ عقد يتحملها قانونا المتعامل الأجنبي، ولا يمكن أن تتحملها الهيئات، المؤسسات العمومية والمؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري، تطبق هذه الأحكام على الصفقات المبرمة ابتداء من تاريخ صدور هذا القانون’’. يبدو أن الوقت حان لتقييم مدى تطبيق هذه الأحكام وتشخيص جوانب الضعف والقوة فيها، بإشراك المتخصصين وأصحاب الخبرات في الميدان.