دعت الجزائر إلى تحرك عاجل وسريع للمجتمع الدولي ضد الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين. وأكدت على أهمية تفعيل آليات العمل العربي المشترك. وجددت حرصها على تنمية علاقاتها بالشركاء التقليديين، فيما حذرت متقلبي المواقف وتجار القضايا.
تحركت الدبلوماسية الجزائرية، بشكل لافت ومكثف في اليومين الماضيين، مقدمة رسائل واضحة مفادها، أنها لن تكتفي بالنظر إلى قطار الأحداث المتسارعة وهو يمر أمامها.
تعاملها مع قضايا بالغة الحساسية وذات أبعاد دولية، أظهر تحريها الوضوح والصراحة، ورفضها للنمطية التقليدية في التعاطي مع الملفات من قبل بعض الدول.
وفي السياق، استنفرت الجزائر المجموعة الدولية والبلدان العربية، من أجل تحرك عاجل وفعال، لوقف الاعتداءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية بالقدس الشريف.
وبعث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أونطونيو غوتيريس، شدد فيها على ضرورة «تحذير الاحتلال الصهيوني من اتخاذ أية إجراءات من شأنها تأجيج التوترات».
ودعا إلى الاهتمام بالأوضاع الخطيرة في القدس وفي كافة الأراضي الفلسطينية من قبل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة.
رسالة الرئيس تبون، كانت بمثابة مساءلة صريحة للمجموعة الدولية، وتنبيهها بأنه لا ينبغي في أي حال من الأحوال الاعتقاد «بتراجع الاهتمام والرغبة الدائمة في الانتصار للقضية الفلسطينية».
ولم تكتف الجزائر بهذا الحد، فقد تحركت على الصعيد الثنائي والمتعدد، حيث بحثت الوضع مع عدة عواصم عربية، في وقت أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في رسالة للرئيس تبون «حرص المملكة العربية السعودية الشقيقة على موقفها الثابت من القضية الفلسطينية لإقامة دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفق الشرعية الدولية».
وأعرب الملك سلمان، «عن مشاركته الرئيس تبون الرأي حيال وحدة الصف العربي والعمل المشترك للنهوض بالأمة العربية».
وفي خضم سعيها الحثيث لوقف آلة القمع الصهيونية، استطاعت الجزائر وضع حد لأسلوب مبتذل طالما انتهجته المملكة المغربية منذ سنوات في التعامل مع ما يتعرض له الشعب الفلسطيني.
رسالة لمن يفهم؟
التغيرات التي لا تتوقف عن إصابة الجميع بالذهول في السنوات الأخيرة، لم تكن فقط على مستوى موازين القوى العالمية، وإنما أيضا في مواقف كثير من الدول، فهي تتقلب تارة ولا تثبت على قرار تارة أخرى.
ومثال هذه إسبانيا، التي تسبب رئيس وزرائها بيدرو سانشيز في أزمة دبلوماسية مع الجزائر، بشكل مجاني وغريب جدا. وإلى جانب طعنة شريك نوعي واستراتيجي مثل الجزائر في ظهره، تبين أن متخذ القرار الإسباني لا يفهم أبدا هذا الشريك.
في المقابل، لا تتوقف الجزائر عن تعزيز صورتها الخارجية كشريك موثوق، يثبت عندما تتقلب الأحوال والمواقف، حيث أكدت حرصها على علاقاتها التقليدية مع روسيا، «واتفق الرئيس تبون ونظيره الروسي على تفعيل الاتصالات على جميع المستويات» وكذا مواصلة التنسيق لضمان استقرار أسعار الطاقة عبر آليتي أوبك+ ومنتدى الدول المصدرة للغاز.
استقلالية الموقف الجزائري وجديته، سيزيد من قوة التأثير في صياغة المخارج النهائية لكثير من الأزمات وعلى رأسها الأزمة الليبية، والتي حظيت هي الأخرى ببرنامج خاص في أنشطة الرئيس تبون، الذي استقبل وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة في ظرف أسبوع.