منذ اللحظات الأولى للهزة الأرضية التي ضربت الجزائر العاصمة، هرع جل السكان إلى الفضاءات والساحات القريبة من عماراتهم لاسترجاع أنفاسهم.. والتحكم في هدوئهم.. والتخفيف من روع الصدمة على أطفالهم خاصة.
مباشرة دبت الحركة في طرق الجزائر الوسطى، وهذا بتوجه العائلات على متن السيارات إلى أقربائهم، وكذلك السير على الأقدام نحو أماكن أكثر أمناً ونقصد بذلك الحدائق العمومية لتفادي الوقوف على الهزات الارتدادية التي تلت الهزة الرئيسية.
وبالتوازي مع ذلك، بقي العديد من الأفراد في منازلهم يترقبون الوضع عبر شرفاتهم، عين على القنوات التلفزيونية وأخرى على الشارع.
وكلما بدأ الصبح يلوح يزداد النشاط في قلب العاصمة.. بتسجيل نزول مكثف إلى نقاط مثل البريد المركزي، ساحة أول ماي، باب الوادي، بلوزداد وحسين داي، وأعالي العاصمة، في انتظار مرور تداعيات هذا الزلزال، في الوقت الذي كانت خطوط الهاتف النقال تشغل بقوة إلى درجة التشبع، كل واحد يسأل عن قريب له للاطمئنان على أحواله.
والحديث كل الحديث كان يدور على ما وقع عند الساعة الخامسة و١١ دقيقة صباحا والبحث عن مزيد من المعلومات، خاصة في المناطق الأكثر عرضة للخطر أو التي بها بنايات قديمة وعمارات مهترئة، بحكم أنها شيّدت في فترات بعيدة جدا يحتمل أن تسقط أجزاء منها، كونها لم تشهد أي ترميمات لإنقاذها من طوارئ معينة أو حوادث غير متوقعة.
...منذ الساعات الأولى
وفي هذا السياق، سارعنا مباشرة في حدود الساعة السادسة صباحا إلى الوقوف على ثلاث عينات لبلديات الحراش وباش جراح وبوروبة، التي تتواجد بها تلك السكنات الهشة التي لا تستطيع مقاومة مثل تلك الدرجة على سلم ريشتر المقدرة بـ٥٫٦ درجات، نظرا لحالتها المزرية التي وصلتها جراء تأثرها بالعوامل المناخية ويد الإنسان كذلك الذي أدخل عليها تعديلات غير قانونية لا علاقة لها بالإصلاح المتعارف عليه.. هناك من نزع كل ما هو حديد واستبدله بالإسمنت المسلح مما زاد في ثقل ووزن «أسقف» هذه العمارات، ناهيك عن أشغال أخرى إضافية لم تتم بمتابعة الجهات المعنية وإنما كانت عبارة عن مبادرات شخصية وذاتية ألحقت الضرر الكبير بالبنايات.
بالحراش، تنقلنا إلى البلدية للاطلاع على ما اتخذه المسؤولون من إجراءات فورية للتكفل بما أسفرت عنه هذه الهزة. وقد أطلعنا العون المداوم بأنه، بحسب مصادر، فإن هناك إنهيارا لبعض أجزاء من الشرفات وهي حالات قليلة جدا حتى تلك البؤر التي كنا نعتقد بأن الززلزال يكون قد مسها في العمق، إلا أن الجهات التي تحدثنا معها نفت ذلك نفيا قاطعا، مؤكدة أن الهلع كان سيد الموقف فقط، وهناك فرق في الميدان. في حين كانت عناصر الحماية المدنية بوحدة الشهيد جعفر، على أهبة الاستعداد للتدخل الفوري وهذا من خلال بقاء كل الأعوان في حالة النفير، أي التفاعل مع كل طارئ ناجم عن هذا الزلزال. هذا لم يمنع أبدا من استقبال أشخاص يأتون فرادى للإبلاغ عن وضعيتهم ويتلقون كل الإحابات اللازمة.
ونسجل أن قاطني العمارات العالية بوسط الحراش «أش.أل.أم» و«لارماف» و«»ارياراڤو» عادوا إلى مقار سكناهم فورا، بالرغم من الطوابق التي تصل أحيانا إلى ١٠ فما فوق.. وبمرور الوقت وفي حدود الساعة السابعة صباحا، كانت الأسواق في يوم الجمعة عادية في شارع الجزائر أو بومعطي أو السوق المركزي المعروف والنقل يشتغل مثل أيام الأسبوع.
واستنادا إلى معلومة حصلنا عليها بخصوص سقوط «سكن»، ذهبنا إلى بلدية بوروبة ووجدنا هناك المداوم الذي أخبرنا أنه لم يحدث شيء يستدعي الإشارة، في كامل الإقليم.. وبعد ذلك عرجنا على حي مباركية بوجملين رقم ٢، لنتفاجأ عند زاوية المدخل بخيمة منصوبة، غير مسكونة، كانت تحجب الرؤية عن انهيار مدخل بيت السيد فضيل يحي، الذي تحدثنا معه رفقة أعضاء من عائلته، الذي وجدناهم تحت الصدمة القوية وهناك من أصيب بجروح على مستوى الأرجل جراء محاولته الخروج إلى الطريق الرئيسي.. ولاحظنا في عين المكان، أن الباب الحديدية والسقف من الخرسانة والجدران من الإسمنت، كلها سقطت بفعل قوة الهزة، مما عرقل خروج العائلات التي بقيت محاصرة بداخل الغرف ٣ وبداخلها ١٢ فردا.
وقال لنا السيد فضيل يحي، مصالح الحماية المدنية دوّنت محضرا مفصلا وموثقا عما عاينته من أضرار مادية، تلاها مباشرة قدوم مختصين من مركز المراقبة التقنية الذين أخذوا صورا عن الحادثة قصد نقلها إلى الجهات المعنية. ويطالب السيد فضيل يحي بإيجاد حل فوري له ولعائلته حتى لا يبقى تحت سقف آيل للسقوط في كل لحظة، مشيرا إلى أنه أودع ٥ طلبات للسكن منذ ١٩٨٨.
وللأسف لا يجد آذانا صاغية لدى مسؤولي دائرة الحراش.
وببلدية باش جراح أخبرنا من كانوا في المداومة، أن هناك منزلين متضررين نتيجة وقوع تصدعات بهما وتنقلنا إلى «لاڤلاسيار» لمعرفة هذه الحالات، إلا أننا وجدنا الأمور تسير بطريقة عادية جدا وكل شيء على ما يرام.
«الشعب» في بلديات الحراش، بوروبة وباش جراح
سقوط مدخل بناية بحي مباركية بوجملين
جمال أوكيلي
شوهد:230 مرة