الجزائر تعيش استقرارا وتدير شؤونها بتحد
أكد رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، أول أمس، أن رئيس الجمهورية الذي بادر بفتح حوار مع الطبقة السياسية ومكونات المجتمع، سيقدم مشروعه الخاص بمراجعة الدستور قريبا، دون أن يقدم تفاصيل أكثر في الموضوع واكتفى في كلمة ألقاها بمناسبة اختتام الدورة الربيعية لمجلس الأمة بالإعراب عن أمله في أن يراجع كل واحد نفسه ليحدد الموقف الأنسب، الذي من شأنه أن يجعل من مبادرة تعديل الدستور مناسبة تاريخية، يلتف حولها الجزائريون ليبنوا مستقبل الجزائر الجديدة.
وانتقد بن صالح في كلمته، الداعين إلى إلغاء مجلس الأمة في المشاورات السياسية حول تعديل الدستور لأن “التوجه العالمي اليوم هو في زيادة عدد الغرف العليا في برلمانات العالم وليس العكس”، مبررا أن هذا التزايد يجد علته في الدور “الذي ما فتئت الغرف العليا – عبر العالم - تلعبه في إطار صناعة القوانين وتوفير الرشادة لمضونها، ناهيك عن كونها تسهم في تعدد منابر التعبير عن الرأي والرأي المعاكس في البلد، وهي بعض الأسباب والمبررات التي تستوجب- كما قال- الإبقاء وتعزيز مكانة مجلس الأمة بل تستوجب تثمين الخيار الداعي إلى تعزيز دوره.
وأعرب رئيس الغرفة العليا بالبرلمان، عن أمله في أن يقوم المؤسس الدستوري لدى وضع مشروع تعديل الدستور في صياغته النهائية بإعادة تقنين الباب الخاص بالسلطة التشريعية وفي علاقاتها بالسلطات الأخرى لاسيما التنفيذية.
وعرج بن صالح على الحراك السياسي الذي عرفته البلاد طيلة فترة الدورة الربيعية للبرلمان، التي وصفها بـ«الدورة السياسية بامتياز” إذ عرفت البلاد خلال هذه الفترة مواعيد سياسية هامة، أعطت على حد قوله عمل الهيئة الخصوصية والتميز، وأول هذه المواعيد كانت الإنتخابات الرئاسية لـ17 أفريل التي أعطت الفرصة للشعب لكي يختار بقناعة المرشح الأجدر بقيادة البلاد، أما الحدث الثاني فيتمثل في تعيين الحكومة الجديدة وعرض مخطط عملها أمام الهيئة، يتناسق مع مضمون برنامج رئيس الجمهورية ويعبر عن الأهداف الطموحة المتضمنة فيه، أما ثالث هذه المواعيد فيتمثل في المشاورات السياسية حول مبادرة تعديل الدستور التي ثمنها أعضاء مجلس الأمة، كونها ترمي إلى التوصل إلى صياغة دستور توافقي يساير المرحلة التي تعرفها البلاد وتستجيب لتطلعات الجزائريين مستقبلا.
تصور استشرافي مدروس لتحديات راهنة
واعتبر بن صالح ان الجزائر بعد كل هذه الأحداث “تعيش استقرارا واضحا وهي تدير شؤونها الداخلية بشكل عاد ودون صعوبة كبيرة”، كما أنها تتعاطى عاديا مع المواعيد وتحسن ظروف التنمية، وهي لا تكتفي بتحقيق النتائج وترديد أرقامها، بل هي واعية بالتحديات التي تواجهها، لذلك تضع التصورات الخاصة ببنائها المستقبلي فتحدد بدقة مراحله وأهدافه وفق تصور استشرافي ومدروس.
وأسترسل قائلا: أن الجزائر تسير الآن بحكمة واستطاعت أن تفشل كافة المحاولات الايقاع بها، كما أنها أثبتت بسياستها عدم صحة الأطروحات السياسية التشاؤمية التي روج لها بعض السياسيين، ويوما بعد يوم تقوي في مصداقيتها لدى الرأي العام الوطني ولدى القوى السياسية المؤثرة في الساحة.
ولدى تقييمه حصيلة النشاط البرلماني، قال بن صالح أن وصف “الدورة بالسياسية بامتياز” لا يعني خلوها من العمل التشريعي أو العمل البرلماني، إذ درس مجلس الأمة وأبدى موقفه من 4 مشاريع نصوص قانونية، يأتي في مقدمتها مشروع قانون الخدمة الوطنية، كما درس مشروع قانون الموارد البيولوجية، وصادق على مشروع قانون الحالة المدنية، وكذا مشروع قانون التمهين.
أما في مجال العلاقات الخارجية، فقد كان للمجلس الأمة بالتعاون مع المجلس الشعبي الوطني وبالتنسيق مع وزارة الشؤون الخارجية نشاطات مميزة، حيث تم استقبال وفود برلمانية عديدة ورؤساء برلمانات، كما شارك في عدة ملتقيات برلمانية دولية وإقليمية لإسماع صوت الجزائر وإظهار موقفها بشأن القضايا الدولية والإقليمية والتعريف بالفرص التي يوفرها الاقتصاد الجزائري للاستثمار.
العدوان على غزة ...جريمة في حق الإنسانية
ألقى العدوان الهمجي على قطاع غزة بضلاله على اختتام أشغال الدورة الربيعية لمجلس الأمة، حيث أخذ حصة الأسد من كلمة رئيس الغرفة العليا عبد القادر بن صالح أعرب من خلالها عن تضامنه الواسع مع الشعب الفلسطيني، في حين فضل بعض أعضاء مجلس الأمة الدخول إلى الجلسة بـ«شارات” تحمل العلم الفلسطيني تعبيرا عن تضامنهم اللامحدود.
واعتبر بن صالح في كلمته بالمناسبة، ما تقترفه إسرائيل في حق الأشقاء في غزة “جريمة في حق الإنسانية، وليس عدوانا على سكان مدينة أو على مواطني شعب وبلد”، ضاما صوته إلى صوت “شعبنا في الجزائر وأحرار العالم “ ليندد بالجريمة ويطالب الأسرة الدولية وكبار العالم بالتدخل ووضع حد للمجزرة ومعاقبة مرتكبيها.
وفي نفس الوقت عبر بن صالح عن كامل تضامنه مع شعب فلسطين، ودعمه لمطلبه الداعي إلى ضرورة تمكينه من نيل حقوقه الشرعية في إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، لأن بهذا الخيار وحده “نستطيع إيقاف العدوان وحقن دماء أبناء شعب فلسطين نهائيا”.