أكد رئيس جمهورية النيجر السابق محمدو إيسوفو، أمس، أن الطريق العابر للصحراء وأنبوب الغاز الجزائر-لاغوس، من أهم مشاريع الاندماج الاقتصادي الإفريقي. وشدد على ضرورة الخروج «من الهيمنة الاستعمارية» الجديدة، بتحقيق السيادة والأمن الغذائيين.
بعد إبرازه للرهانات الاستراتيجية بمنطقة الساحل، في محاضرة بمركز الدراسات الاستراتيجية الشاملة، قدم الرئيس إيسوفو، قراءة للأجندة الاقتصادية للاتحاد الإفريقي 2013-2063، وذلك في ثالث أيام زيارته للجزائر.
وقال الرئيس النيجري السابق، بوزارة الخارجية، إن القادة الأفارقة ضبطوا الأجندة التي تزامنت ومرور نصف قرن من استقلال معظم البلدان، وإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية، بما يضمن الاستجابة لكل التحديات الاقتصادية للقارة.
وأوضح أن عملية تنفيذها تتم وفق خطط مرحلة عشارية (10 سنوات)، حيث سيقف رؤساء الدول والحكومات في القمة المقبلة لسنة 2023، على ما تم إنجازه منذ 2013، ليضعوا خطة تمتد إلى 2033.
وأفاد بالسعي لتحقيق نسبة نمو بـ7٪ خلال الفترة المقبلة، وهو الهدف الذي سيسمح «في حالة تجسيده بمضاعفة ثروة إفريقيا بـ16 ضعفا، ما يعني خلق عشرات الملايين من مناصب الشغل.
ووفق ما تطرق إليه رئيس النيجر في السنوات العشر الماضية، تتسم الأجندة بكثير من الواقعية، كونها تنطلق من نقاط الضعف الواجب رفعها لبلوغ المستوى المأمول من الاندماج الاقتصادي والتجارة البينية التي لا تتعدى نسبتها حاليا 15٪ من تجارة القارة مقارنة بأوروبا حيث تقدر بـ60٪.
فإفريقيا بحاجة إلى بنى تحتية لوجيستية، عابرة لحدود الدول أو ذات استخدامات إقليمية، كالطرق والموانئ والمطارات والسكك الحديدية، ولحد الآن قطعت الجزائر أشواطا كبيرة في تجسيد أكبر مشروعين للتكامل القاري، هما: «الطريق العابر للصحراء وأنبوب الغاز الذي سيربط نيجيريا والنيجر والجزائر بأوروبا، والجاري إنجازه بسرعة فاقت كل التوقعات بحسب الصحافة المحلية النيجيرية».
وفي انتظار إطلاق مشروع السكة الحديدية العابرة للصحراء، اعتبر إيسوفو أنها نماذج رائد في منشآت البنى التحتية القادرة على تحقيق الاندماج الإقليمي في القارة.
ما ترفعه إفريقيا، كأهداف في 40 سنة المقبلة، متشبع بالنزعة الإفريقية، «حيث قرر القادة إخراجها (القارة) مما أسماها بالعقد الاستعماري أو الهيمنة الاستعمارية بشكلها الجديد»و بحسب إيسوفو، الذي شدد على أهمية تحويل المواد الأولية المحلية الكثيرة، بدل تصديرها خاما وإعادة استيرادها كمنتجات نهائية.
ويدخل هذا الطموح ضمن مشروع التطوير الصناعي الذي يضم قطاعات السيارات والنسيج والسكر، إلى جانب برنامج التطوير الفلاحي، إذ «تستورد البلدان الإفريقية مجتمعة أزيد من 50 مليار دولار سنويا من الحبوب، بينما تملك أراضي شاسعة تمكنها من خلق السيادة والأمن الغذائيين»، يؤكد إيسوفو.
إفادة رئيس النيجر السابق، أكدت من بين كل الخطط الطموحة ضمن الأجندة، تتصدر منطقة التبادل الإفريقية الريادة، من حيث سرعة الإنجاز والتنفيذ، فقد وقعت عليها 54 دولة ودخلت الخدمة مطلع العام الماضي.
وقال: «إن الهدف الاستراتيجي منها هو إنشاء سوق موحدة بـ3 ملايير مستهلك سنة 2050 و6 ملايير مستهلك سنة 2100»، وتوقع التوصل إلى اتفاقات بشأن قطاعات الصناعة (اعتبار المنتجات إفريقية أصلية) والخدمات شهري جوان وسبتمبر المقبلين.
وكشف أن المفاوضات جارية حول الملكية الفكرية والتجارة الرقمية والتحويلات المالية، ويمكن أن تستكمل قبل القمة المقبلة، موضحا في الوقت ذاته أن منطقة التبادل التجاري الحر، بحاجة إلى استثمارات تكلفتها 8 ملايير دولار.
واختتم محمدو إيسوفو محاضرته بالتأكيد على أن نجاح الأجندة التنموية الطموحة يتطلب أيضا نظاما عالميا اقتصاديا جديدا «أكثر عدلا وإنسانية» وليس «ما هو موجود حاليا والذي يعطي دولا الهيمنة على بقية دول العالم».