الأستـاذ المشارك بجامعة أدرار عبـد الفتاح بلعروسـي:

فرنســا لم تطهّـر منطقة التّجـــارب النّوويــة

تندوف: علي عويش

 التّشوّهـات الخلقيـة مستمــرّة جــرّاء التّفجـيرات

 يؤكّد الدكتور عبد الفتاح بلعروسي الأستاذ المشارك بجامعة أدرار، أنّ ما حدث في رقان فجر 13 فيفري من سنة 1960، وما تلاه من تجارب نووية سطحية وباطنية يعد جريمة حرب حسب القانون الدولي، الذي تستند نصوصه إلى ما يتعلق بالأفعال التي تشكّل خرقاً لحقوق الانسان، خصوصاً وأنّ الإجراءات المصاحبة للعملية، كان القصد من ورائها استهداف الإنسان والطبيعة، وبالتالي فهي أفعال تصنّف في خانة جرائم إبادة للجنس البشري، وفق ما جاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 11 ديسمبر 1946.

 يوضّح بلعروسي في تصريح لـ “الشعب”، أنّ التّفجيرات النّووية التي أجرتها فرنسا في منطقة الحمودية برقان، هي جريمة مكتملة الأركان حسب المعايير والمواصفات الدولية، لأنّها جرائم ضد الإنسانية ويعاقب عليها بمقتضى القانون الدولي.
ويفيد في ذات السياق، بأنّ التّفجيرات النّووية بمنطقة رقان لا يمكن أن تسقط بالتقادم، وأنّها لعنة ستلاحق فرنسا عبر الأجيال من أبناء المنطقة، أولئك الذين سيتأثّرون بالإشعاع النووي الناجم عن التفجيرات رغم أنّهم لم يكونوا موجودين وقت إجرائها، ناهيك عن كون هذه الجريمة النّووية ستكون شاهدة على زيف وكذب ادّعاءات فرنسا التي تتشدّق بالحرية والمساواة، وبأنّها هي من جلبت الحضارة للجزائر.
يشير المتحدّث إلى أنّ فرنسا لن تعترف بجرائمها في رقان، لأنّها تعي جيداً تبعات هذا الاعتراف الذي قد يكلّفها الكثير، ولإدراكها بأنّ جرائم رقان قد خلّفت أضرارا بشرية وبيئية يستحيل طمس آثارها أو التخلص من عواقبها، نجم عنها سرطانات، ولادات مبكّرة، تشوّهات خلقية، إعاقات ذهنية، تخلّف عقلي وإجهاض العديد من نساء رقان، بالإضافة إلى اختفاء مساحات شاسعة من الغطاء النّباتي الطّبيعي، وأنواع عديدة من الحيوانات البرية عن منطقة التفجير.
على فرنسا أن تتحمّل تبعات جرائمها في المنطقة
 يؤكّد سيد اعمر الهامل أحد الفاعلين في المجتمع المدني بمنطقة رقان والمدافعين عن ضحايا التفجيرات النووية لـ “الشعب”، أنّ جرائم فرنسا في المنطقة قد خلّفت أضراراً خطيرة لا تزال ظاهرة للعيان إلى اليوم.
ويوضّح بأنّه باحتساب المدة الزمنية اللازمة لاختفاء آثار الإشعاعات النّووية بشكل طبيعي، فالمنطقة لا تزال في الثواني الأولى للكارثة، ويضيف بأن التّشوّهات الخلقية في الأجنة مستمرة حتى اليوم، والعائلات تجد صعوبة في التعايش مع أطفال بتشوّهات خلقية مدى الحياة على ضوء غياب علاج جذري للأمراض المنتشرة في المنطقة.
يقول ممثل المجتمع المدني، إنّ النّفايات النّووية التي خلّفتها فرنسا عقب التفجيرات لا يزال يعثر عليها وسط أحياء منطقة رقان، في ظل جهل المواطنين بخطورتها وما قد تخلّفه من أضرار جسيمة على صحتهم.
ويشير إلى أنّ فرنسا لم تكلّف نفسها عناء تطهير منطقة التجارب أو على الأقل إبعاد العتاد الذي كان موضع تجربة عن التجمعات السكنية، بل تركته بين أيدي المواطنين، وهو ما قد يزيد من حجم الكارثة البيئية والصحية في المنطقة.
ويطالب الهامل بضرورة توفير أجهزة كشف مبكر عن الأمراض الخبيثة، وتدعيم المراكز الصحية بالتجهيزات الطبية اللازمة للكشف والعلاج، فالمركز الوحيد الموجود في أدرار يبقى هيكلاً بلا روح، على ضوء افتقار المنطقة للأطباء الأخصائيّين في السرطانات، وغياب التجهيز اللازم لمتابعة وعلاج الأمراض الناجمة عن الإشعاعات النووية، ما يدفع بالكثير من مواطني رقان والمناطق المجاورة لها للسفر الى مستشفيات الشمال لتلقي العلاج، وهو ما يصعّب من مسألة إحصاء المتضررين من الاشعاعات النووية برقان.
ويشير المتحدّث إلى رفض المتضرّرين الحديث عن أي تعويض مالي مقابل الأضرار التي لحقت بهم، معتبراً بأنّ الحديث عن موضوع التعويضات المالية سيفتح المجال أمام معضلة من له الحق في التعويض، باعتبار النّتائج السّلبية للتفجيرات النووية غير محصورة في نطاق زمني أو حيّز جغرافي معينين، وأنّ الأضرار الصحية والبيئية ستستمر لآلاف السنين.
ويضيف أنّ سكان منطقة رقان يطالبون اليوم بمرافق صحية مختصة في علاج السرطانات ومختلف الأمراض النّاجمة عن الإشعاعات النّووية، مطالباً بأن تتحمل فرنسا تبعات فعلتها الإجرامية، وأن تتعامل بجدية مع الوقائع بأوجهها الثلاث، الإعتراف بوجود تفجيرات نووية، وجود ضحايا لهذه التفجيرات، ووجود نفايات نووية ينبغي عليها إزالتها وتطهير منطقة التفجير والتكفل صحياً بسكان المنطقة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024