لأول مرة منذ ظهور الوباء

تجاوز عتبة 2200 إصابة بكورونا، يوميا

فتيحة كلواز

- التلقيح طوق نجاة والجواز الصحي السبيل لوضعه

مع التمديد السابع لنظام الحماية أصبح جليا أنّ الحجر الصحي باعتباره إجراء للحدّ من انتشار العدوى قد ولّى، فالواقع يؤكد تحوله إلى ماض بعيد، لأنّ اللقاح جعل من الغلق إجراء غير ذي نجاعة مع وجود جرعة الأمان والحماية، مع الإبقاء على ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي كأحد اهم التدابير الاحترازية لتفادي الإصابة بالعدوى.

بالرغم من تجاوز عدد الإصابات اليومية عتبة الـ 2000 إصابة، اختارت الحكومة الاستمرار في تمديد العمل بالجهاز الحالي للحماية والوقاية من فيروس كورونا (كوفيد-19)، لمدة 10 أيام إضافية، ابتداء من أمس الثلاثاء، مع الإبقاء على منع عقد جميع الملتقيات واللقاءات والتجمعات إلى إشعار آخر.
فيما حرصت الحكومة على دعوة المواطنين إلى تجنّب كل تجمعات الأشخاص والاجتماعات العائلية مهما كان نوعها، لاسيّما حفلات الزواج والختان وغيرها من المناسبات، خاصة وأنّ الأخيرة تشكل على مدى سنتين من الوباء المحيط الملائم لاتساع رقعة العدوى، ولعل الكثير يتذكر الحالات الأولى المسجلة في ولاية البليدة لمغتربة حضرت حفل زفاف هناك، استدعى بعدها تطبيق الحجر الصحي الشامل على الولاية لكسر سلسلة العدوى.
مع التأكيد على ضرورة استمرار الجميع في الالتزام بالإجراءات الوقائية من ارتداء القناع الواقي واحترام التباعد الاجتماعي لكسر سلسلة العدوى، خاصة مع دخول متحور أوميكرون بلغت نسبة انتشاره، حتى الآن، 60 بالمائة، ما يعكس زحزحة المتحور «دلتا» عن سيطرته على موجة رابعة مزدوجة، غير أنّه لا يكبح جماحها سوى وعي تجسّده سلوكات الأفراد في مختلف الأماكن التي يتواجدون بها.
وعلى اعتبار أنّ الالتزام الصارم بكافة التوصيات والتدابير الصحية للوقاية والحماية أصبح من أهم عوامل النجاة من «مدِ» عدوى قد تأتي على المنظومة الصحية لدرجة عجزها عن احتواء الوضع، كان من الضروري العودة إلى التطبيق الصارم لإجراءات الوقاية، خاصة ارتداء القناع الواقي والتباعد الاجتماعي مع معاقبة المخالفين بغرامات مالية قد تصل إلى 10 آلاف دينار، لأنّ الأمر لا يتعلق فقط بالمتراخي أو المستهتر، فحتى ذاك الذي يلتزم التزاما تاما بالإجراءات الوقائية لدرجة أنّ البعض لم ينزع الكمامة، منذ مارس 2020، في الشارع ومكان عمله، أصيبوا بالعدوى بسبب تواجدهم في محيط مستهتر.
ودفعُ هؤلاء ثمن لامبالاة غيرهم يفرض على السلطات اتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتهم، لأنهم لن يكون بمقدورهم الوقوف أمام تيار التراخي على قلة عددهم، لذلك أصبح من الضروري إعطاء من يرهن حياة وسلامة غيره درسا في تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع الذي يعيش داخله، فمن الواضح أنّ الوقت قد حان لوضع حدّ لإصرار الكثيرين على اللامبالاة كسمة لسلوكياتهم اليومية.
كراء جهاز أوكسجين بـ 3000 دج لليوم
ويستخف البعض بالمتحور الجديد «أوميكرون» لدرجة اقتناعهم التام بعدم خطورته، لذلك يتعاملون مع الوضعية الوبائية وكأنّ كل شيء انتهى، غير مبالين بتوصيات المختصين من أطباء وخبراء، ضاربين عرض الحائط حقيقة فيروس يتحور في كل مرة ليدخل العالم في موجة جديدة حتى أنّ منظمة الصحة العالمية تدرس إمكانية توطين فيروس «كورونا».
والملاحظ، هذه الأيام، طوابير طويلة واكتظاظ غير مسبوق أمام المخابر لإجراء التحاليل أو اختبار «بي سي ار»، ما يعني وجود تزايد كبير في عدد الإصابات اليومية يؤكد الأطباء أنه أكبر بعشر مرات من الأرقام الرسمية، لذلك من الضروري أن يعي المواطن أنّنا، اليوم، أمام تزامن انتشار متغيرين هما «دلتا» و»أوميكرون» مع الأنفلونزا الموسمية التي غالبا ما تكون تبرير المواطن لإصابته بأعراض العدوى.
والأدهى والأمر أنّ المواطن تعوّد وصف الدواء لنفسه دون استشارة الطبيب فتراه عند إصابته بالعدوى يهرع إلى الصيدلية لشراء المضادات الحيوية ومضادات الالتهابات، إلى جانب باراسيتامول بل البعض يتناول حتى «زيتروماكس» ومضادات تخثر الدم كـ «لوفينوكس» دون مرافقة طبية، لذلك أصبح، اليوم، اعتماد الوصفة الطبية في الصيدليات لبيع الدواء ضروريا لمنع استنزاف مخزون الأدوية في الصيدليات.
وموازاة مع ذلك، فإنّ ظاهرة «اللهفة» وتخزين المواد الاستهلاكية انتقلت إلى تخزين الأدوية وإعادة بيعها بأثمان مضاعفة عند تسجيل ندرة في أحدها خاصة لوفينوكس، فيتامين «د» وغيرها، بل هناك من الأفراد من اقتنى جهاز الأوكسجين لكرائه للمرضى بـ3000دج في اليوم الواحد، لا يمكن تخيّل شخص يستأجره لمدة شهر كامل، نعم هي الحقيقة المرة لأشخاص تعودوا استغلال الأزمات لتحقيق الربح السريع سلوك تجرمه القوانين وتدينه القيم.
رهان التلقيح
وبينما اختلط الحابل بالنابل في موجة يتصاعد منحنى إصاباتها اليومية في كل مرة، كان لا بدّ من انتقال المواطن إلى مرحلة التلقيح للخروج من دائرة مفرغة تفرض منطقها في كل مرة، تعلن فيها وزارة الصحة عن موجة جديدة للوباء، فاللقاح سيمنح الناس حماية ضد الفيروس وحماية أيضا ضد الذين يغتنمون مصائب غيرهم للتربح، على اعتبار أنّ اللقاح يمنع الأعراض الحادة والمعقدة في حالة الإصابة.
وتؤكد آخر الإحصائيات أنّ نسبة التلقيح لم تتعد 13 بالمائة من السكان، بينما وصلت إلى 29 بالمائة بالنسبة لمن هم فوق 18 سنة وهم المعنيون بالتلقيح، أعداد تعكس ضعف الإقبال على التطعيم، بالرغم من تأكيد الأخصائيين على نجاعته ضد الفيروس، بل كل الدول التي تعرف ارتفاعا جاوز المليون إصابة في اليوم الواحد تعرف وفيات تقل عن واحد بالمائة بسبب تحقيقها للمناعة الجماعية التي تعد درع الوقاية والحماية للمجتمع كافة.
وفيما يمثل عدد الرافضين للتلقيح النسبة الأضعف في تلك المجتمعات، ما مكنها بلوغ نسبة 90 بالمائة من المناعة الجماعية، عجز المجتمع عندنا من إقناع الرافضين بالذهاب إلى مراكز التطعيم، بالرغم من تشديد الحكومة في منع دخول بعض أماكن التجمعات بدون جواز صحي، لذلك كانت الحملات التحسيسية والتوعية الوسيلة الأنجع حاليا لإقناعهم على التلقيح، مع استعمال الجواز الصحي كشرط لولوج أماكن التجمعات، ليكون بمثابة الإكراه الناعم على التلقيح لحماية المجتمع من بعضه المستهتر والمتراخي بالإجراءات الوقائية لأنّه تهديد للآخر، فعزل الرافضين ومنعهم من ممارسة حياتهم بصفة طبيعية سيجبرهم على الذهاب إلى التلقيح دون شك.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024