إجراءات جديدة قبل خروج الأمور عن السيطرة

الجزائـــــــر فــــــــي قلــــــب الموجـــــة الرابعـــــــة

هيام لعيون

بعد أن تأكد رسميا دخول الجزائر الموجة الرابعة من وباء كورونا، في محاولة لسلالة المتحوّر «أومكرون» من كوفيد-19، التوغل ودخوله على الخط، تُطرح تساؤلات كثيرة في الشارع، تترجم على شكل مخاوف تتعلق بكيفية التعامل مع هذه الموجة المنتظر أن تصل الذروة نهاية جانفي الجاري، خاصة وأن السلطات العليا في البلاد حذّرت من تداعياتها مع تسجيل عدد حالات «الاستشفاء التي تظل تشهد ارتفاعا مضطردا، ما يضع المستشفيات أمام صعوبات كبيرة»، ما جعل التوجّس كبيرا من مغبّة تكرار سيناريو صائفة 2021.


يحذّر الأطباء والمختصون يوميا، من خطورة الوضع الوبائي في البلاد التي تشهد موجة رابعة، حيث يقول البعض إنها قد تكون «عاتية» من خلال الانتشار الكبير لفيروس كورونا في مختلف ولايات الوطن وبتفاوت، بالرغم من أن المتحور «أوميكرون»، يعتبر أقلّ شراسة وخطورة من المتحور الهندي «دلتا»، الذي أحدث مجازر بشرية خلال الصائفة الماضية.
واقع جعل الوزارة الأولى، تحذّر من مغبة تفاقم الأزمة الصحية في البلاد، على خلفية عودة اكتساح كوفيد-19 الساحة، الذي «يؤثر بقوة على سكاننا ولدى الأشخاص الأكثر هشاشة، لاسيما أولئك الذين لم يتم تلقيحهم بعد».

منحنى تصاعدي
وأورد بيان الحكومة الصادر أول أمس، فقرة «تجدّد الحكومة بقوة وإلحاح، دعواتها للمواطنين لـمواصلة دعم الجهود الوطنية لـمكافحة هذا الوباء من خلال الاستمرار في احترام تدابير الوقاية، كما تجدد نداءاتها للمواطنين اللجوء إلى التلقيح الذي يظل أفضل وسيلة للوقاية»، ما يؤشر على مخاوف السلطات العليا في البلاد، من الوقوع في فخ نفس الأسباب التي مهدت للموجة الثالثة أين شهدت المستشفيات عجزا كبيرا، وتمّ تسجيل نقص فادح في الأكسجين، بسبب «مباغتة الدلتا».
هذا الوضع تترجمه الأرقام المقدمة يوميا من قبل وزارة الصحة، حيث سجلت، الأربعاء الماضي، أعلى حصيلة، وصلت حد 610 إصابات جديدة، 9 وفيات، حيث ارتفع إجمالي الإصابات إلى 225 ألف إصابة، مع تسجيل 6373 حالة وفاة، إحصائيات تشير إلى أن الجزائر تجاوزت عتبة 500 إصابة، في وقت كانت الحالات المسجلة لا تتجاوز 200 إصابة يوميا، وهو ما قابله استعمال لحد الساعة ما يفوق عن 12 مليون جرعة من مختلف اللقاحات.
واستفاد 002 996 6 شخص من جرعة واحدة و106 763 5 شخص من جرعتين و250 147 شخص من الجرعة الثالثة، كما تم الرفع من قدرة إنتاج مادة الأكسجين على المستوى الوطني واقتناء وتوزيع على مختلف المؤسسات الصحية مكثفات للهواء ومراكز لإنتاج الأكسجين. كما بادرت المؤسسات الاستشفائية بصيانة أجهزة التنفس وشبكات توزيع الأكسجين، إضافة إلى تزويد بعض المؤسسات الاستشفائية بمولدات أكسجين جديدة، فيما تم اقتناء أخرى، بحسب آخر تصريحات وزير القطاع.

فرض قيود... آخر الحلول
وبالرغم من هذه الإمكانات المسخرة والاستعدادات الحثيثة لمواجهة الموجة الرابعة لدى السلك الطبي، الذي بدأ يفقد عناصره يوميا بسبب الوباء، إلا أن مواطنين وعبر منصات التواصل الاجتماعي، يدعون السلطات العمومية لتشديد الإجراءات الصحية أكثر، مثل غلق المتنزهات وأماكن التجمعات وتطبيق القانون الصارم على منظمي الحفلات لتفادي مضاعفات أخرى، قد تدخل البلاد في متاهات، والعودة إلى الخلف، مثلما حدث خلال صائفة 2021.
في هذا السياق، يشير بيان الوزارة الأولى أيضا، إلى أن «الحكومة ستسهر، بكل صرامة، على تطبيق إجراءات غلق الـمؤسسات والفضاءات والأماكن التي قد تعاين فيها كل مخالفة للتدابير الصحية الـمتخذة». في المقابل، لا يطرح لحدة الساعة التوجه للغلق الكلي، بحسب الأخصائيين، نظرا للوضعية الحالية ولعدة أسباب، أولها الوضع الوبائي الحالي الذي لم يتجاوز الخطوط الحمراء، وعدم شراسة وخطورة أوميكرون والوضع الاقتصادي الذي يتطلب عدم اتخاذ مثل هذه التدابير التي تضر به، خاصة وأن المختصين في علم الأوبئة يؤكدون أن هذه الموجة لن تكون أقوى وأخطر من الموجة الثالثة، لكن الأهم بالنسبة لهم هو الإقبال على التلقيح وضمان المناعة الجماعية، بالرغم من أن هذه الموجة تعرف إصابة الكبار والصغار على حد سواء، وتسجل إصابات كثيرة بالمدار «غير مميتة».

موجة «غير مباغتة»
الأكيد أن الموجة الرابعة لم تباغت السلك الصحي، كما فعلت الموجة الثالثة، حيث بدأ الحديث عنها منذ نوفمبر الماضي، إذ أكد وزير الصحة أن «الموجات الثلاث لفيروس كورونا، مكنت قطاع الصحة من رسم استراتيجية وخطة فعّالة لمواجهة الموجة الرابعة في حال حدوثها، بإعداد الخطة التي ستبنى عليها كل الأنشطة».
ومنذ دخول كميات اللقاح إلى الجزائر والعزوف الذي تشهده عملية التلقيح، لم يكفّ الوزير عن التعبير عن استيائه من حالة التراخي، المسجلة في عمليات التلقيح ضد كوفيد-19، والتي عرفت تراجعا منذ متحور «دلتا» الذي أحدث الفارق في الإقبال على عملية التلقيح، على ضوء وجود 13 مليون جرعة متوفرة، بينما لا يتقدم إلى مراكز التلقيح سوى 20 ألف شخص يوميا فقط.
كما أُعلن من قبل الوصاية أيضا سابقا، عن قرار تعيين مستشفى مرجعي للتكفل بالمرضى المصابين بكورونا تحسبا للموجة الرابعة على مستوى العاصمة، على أن يتم تمديد العملية إلى مؤسسات استشفائية أخرى، حيث يحذر المختصون والشارع أيضا من تكرار الأخطاء والنقائص التي تم تسجيلها خلال الموجة الثالثة للفيروس.
تأتي كل هذه الإجراءات المتخذة في وقت تشير معطيات مستقاة من الواقع، إلى أن مستشفياتنا تعيش حالة تشبّع بالمصابين، حيث بدأت أخبار الموت تأخذ منحنى تصاعديا منذ أيام، كما أن أغلبية المصابين يتطبّبون في منازلهم، نظرا لعدم خطورة المتحور، على شكل علاج منزلي، في وقت يعتقد العديد أن الجزائر تضربها موجة قوية من الأنفلونزا الموسمية.

التراخي مستمر
وبالرغم من التحذيرات اليومية، إلا أن الجزائريين مستمرون في التراخي وفي اتخاذ التدابير الصحية والالتزام بالنصائح المتوخاة في مثل هذه الحالات، حيث يركب الجزائريون القطار مزدحمين، والترامواي ملتصقين، والحافلات «مكدّسين»، ويتنقلون عبر «مترو الأنفاق» غير مبالين، بالرغم من إجبارية ارتداء الكمامات، مستمرين في إقامة حفلات الزفاف وولائم عشاء، غير مكترثين بخطورة الوضع، حيث لم يعد الخوف من الوباء الذي تشكّل سنة 2020، بشكل مرعب، يخيّم على الجزائريين بعدما تعايشوا مع الفيروس لسنتين.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024