مقاربة واقعية لأزمة قائمة

حلول سياسية بعيدا عن النظرة الأمنية

فنيدس بن بلة

أعطى محمد خلفاوي، المحلل الأمني، قراءة في المشهد المالي الثابت والمتغير على ضوء مستجدات الحوار بين الحكومة وفصائل الشمال الذي تجري وقائعه بالعاصمة، بوساطة جزائرية غايتها ترسيخ مصالحة دائمة في البلد المجاور.
وذكر خلفاوي من منبر «ضيف الشعب»، عشية المفاوضات الأولية بين الأطراف المالية، أن كل الظروف هيأت لإنجاح الحوار الممهد لأرضية مصالحة يريدها أكثر من طرف تواق للأمن والسلم غيورا على وحدة مالي الذي دخل في توتر عميق وخرج منه بعد الاستحقاقات الرئاسية وجهود المجموعة الدولية. وهي مجموعة راهنت كثيرا على دول الجوار في تقديم حلول شاملة للأزمة المعقدة بعيدا عن النظرة الأمنية الضيقة.
وهناك أكثر من عامل يساعد مسار البناء الوطني في مالي باشراك الأطراف المعنية التي تضع في الحسبان مصالح البلد العليا وترفض أن تكون مجرد آلة في لعبة القوى الكبرى وجماعات النفوذ والتصارع الجيواستراتيجي في الساحل.
فقد أفضت الهشاشة الأمنية ـ حسب المحلل خلفاوي ـ إلى الكثير من الأخطار المهددة ليس فقط لاستقرار مالي بل منطقة الساحل في أوسع رقعتها وأبعد مداها، صار البلد مخترقا طولا وعرضا من الجماعات الإرهابية التي فرخت ونمت عصابات الجريمة وتجار الأسلحة والمخدرات وباتت القوى الإرهابية التي فرضت نظامها في مرحلة سابقة وقسمت البلد ومدت تهديداتها إلى مشارف العاصمة بماكو تتخذ من السكان لاسيما الشمال رهائن لها. وتقوم باختطاف الرعايا الأجانب والسياح وفرض دفع الفدية مقابل الإفراج عنهم.
لكن هذه الوضعية لم تدم طويلا، بحيث تحركت المجموعة الدولية لتغيير هذا الواقع المر وهذه الوضعية غير الطبيعية. تغيرت الأمور بعد الشروع في تطبيق خارطة طريق تشدد على العودة إلى النظام الديمقراطي وتهيئة المناخ للحلول السياسية على العسكرية، وهي حلول تضمنتها مقاربة الجزائر التي رفعت دبلوماسيتها من مختلف المنابر برؤية أخرى أكثر شمولية انساقت وراءها الوحدات السياسية لا سيما دول الجوار. وهي دول اقتنعت بضرورة اعتماد الخيار الإقليمي المعزز بالدولي من أجل إخراج البلد الإفريقي من وضع مختل مضطرب.
وإخراج مالي من هذا الوضع الذي يكون بانخراط أطرافه واندماجهم في المسار والمسعى، يعني سد فجوات الهشاشة الأمنية التي تسللت عبرها الجماعات الإرهابية ونمت كالطحالب، وتمهيد الأرضية لاستقرار هو استقرار الساحل ككل .
من هذه الزاوية، تنظر الجزائر إلى المعادلة السياسية في مالي، وتتحرك دبلوماسيتها عبر مختلف الدوائر والمنابر لاقناع المترددين من الدول بأن التسوية السياسية التي ظلت تدافع عنها في كل المراحل وزادت إلحاحا مع بداية الأزمة.
إنها نظرة ثاقبة ثابتة لا تتغير في الوساطة الجزائرية التي تحظى بالإشادة من مختلف الدول، وتشكل أرضية المفاوضات الأولية التي تنطلق اليوم بالعاصمة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024