تحتضن الجزائر الفرقاء من مالي الشقيق لإطلاق حوار مفتوح وبدون إقصاء من أجل رسم معالم ورقة الطريق إلى المستقبل، إنه مستقبل يضمن لكافة الأطراف مكانة ملائمة في المشهد الجديد قائم على السلم والطمأنينة وبعث التنمية الاقتصادية والاجتماعية. بلد مثل مالي بماضيه التاريخي ومواقفه المشهود لها، يمكنه أن يجتاز المرحلة التي مر بها في السنوات الأخيرة، ليؤسس من جديد المسار الديمقراطي وفقا لقيمه وتقاليده وتطلعات شعبه، بما يضع مالي على درجة كبيرة من المسؤولية على الصعيد المحلي والإقليمي، وبالذات منطقة الساحل والصحراء. لقد تم تجاوز الظرف الذي مرت به دولة مالي جراء تعرض مفاصل الدولة لهزات عنيفة، استغلتها جماعات إرهابية مختلفة قادمة من خارج المنطقة لمحاولة ضرب استقرار هذا البلد واختطافه لغايات تستهدف الزج بالمنطقة بالمفهوم الواسع في متاهات لا تخدم المصلحة المشتركة للشعوب ودولها. منذ البداية كان للجزائر موقف واضح يقوم على مرافقة الماليين بكل أطيافهم في إعادة ترميم جدارهم الوطني ومن ثمة التوصل إلى عزل كل ما من شانه أن يهدد الوحدة الترابية لمالي أو يخرج شعبه من انسجام،. بالطبع يرتكز موقف مسؤول بهذا الحجم على اعتبارات وثوابت أبرزها تعزيز مناخ السلم في المنطقة، مما يشجع على إطلاق مشاريع تنمية جوارية لفائدة السكان في المناطق المعزولة، ومرافقة مالي في العودة إلى مسار الشرعية وهو ما تم انجازه. حقيقة لما تتضافر الجهود الإقليمية والدولية بمبادرة من أبناء مالي، أصبح بالإمكان الرهان على الحوار السياسي والعمل الدبلوماسي لإرساء أرضية صلبة كفيلة بأن تحمل كافة تطلعات شعب مالي. إنها تطلعات من أجل بلوغ أوضاع اقتصادية واجتماعية تنعكس بالإيجاب على كل ربوع البلاد ويقطف ثمارها كل الشعب المالي، التوّاق للنهوض بالإنسان، الذي يمكن أن يتكفل بأوضاعه بدل أن يتحول إلى رهينة صراعات تخلّف وراءها الدمار والأحزان والتهجير، بينما تؤول موارده وخيراته لصالح تجّار الحروب ومفتعلي الفتنة.
لم تتوقف الجزائر عن المطالبة بالرجوع إلى الحكمة والتعقل، وسخرت كل ما لديها من وسائل وإمكانيات وقدرات دبلوماسية بالأخص لانتشال مالي من أزمة متداخلة، أصبحت من الماضي، بفضل علو العقل وإدراك الأطراف قوة التحدي ومخاطر التأخر في الالتفاف حول طاولة الحوار التي تضمن لأبناء مالي التعبير عن مواقفهم بروح بناءة وانفتاح على بعضهم البعض للاتجاه يدا بيد نحو المستقبل. بالفعل في الجزائر، حيث يشعر الإخوة الفرقاء بالطمأنينة على إرادتهم الحرة والسيّدة، يمكنهم رسم خياراتهم ومناقشتها بروح افريقية تحكمها قيم التسامح والتعاون لتكتب صفحات عهد جديد كله سلام وأمن وبناء في ظل الاستقرار والوحدة .
الاستقرار والتنمية
سعيد بن عياد
شوهد:240 مرة