انتهت المشاورات حول تعديل الدستور باستقبال مختلف رؤساء الأحزاب الذين قدموا مقترحات ومبادرات لم تخرج عن مختلف المطالب السابقة التي كانت تدور في فلك الساحة السياسية.
غير أن مختلف المقترحات صبّت في خانة الإبقاء على النظام شبه الرئاسي واستحداث منصب نائب رئيس الجمهورية وتقوية صلاحيات البرلمان ومختلف الهيات الرسمية وجمعيات المجتمع المدني من أجل مكافحة الفساد وفرض رقابة على الجهاز التنفيذي.
ويظهر أن التقاليد التي اكتسبتها الجزائر منذ الاستقلال جعلت النظام شبه الرئاسي محل إجماع، بالنظر للظروف والتحولات التي ساهمت في التأقلم مع هذا النظام والذي جلب الكثير من المنافع للجزائر وخاصة تسيير الأزمات والتصدي لكل محاولات المساس بالوحدة الوطنية واتخاذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب. وما عزز الإجماع على النظام شبه الرئاسي، هو تراجع أداء البرلمان الجزائري الذي يظل محل انتقادات كبيرة، خاصة من خلال عدم تواجد معايير ترشح تجعل من الهيئة التشريعية منبرا لقيادة البلاد كسلطة أولى، وحتى الذين دافعوا عن النظام البرلماني انقلبوا على مقترحاتهم في ظل فشل الكثير في الحفاظ على كتلهم البرلمانية ومنه انتشار التجوال السياسي الذي زاد من متاعب الهيئة التشريعية التي تترقب ما سيمنحها من صلاحيات جديدة يجعلها أكثر قوة ومناورة أمام مختلف السلطات الأخرى.ومن ملفات الإجماع استحداث منصب نائب رئيس الجمهورية وهو المطلب الذي أخذ حيزا كبيرا من النقاش ودعّمه كبار الحقوقيين والقانونيين، على غرار مصطفى فاروق قسنطيني الذي ألح على هذا المقترح في سياق المصلحة العليا للوطن وغيرها من الإيجابيات التي ظهرت في كبرى الديمقراطيات التقليدية.
وبالموازاة مع ذلك، قدم المشاركون مقترحات خاصة بمكافحة الفساد من خلال تقوية جهاز العدالة وتحيين التشريعات المعمول بها ومنح المجتمع المدني صلاحيات أوسع للمشاركة في حماية المال العام والمساهمة في تحقيق المشاريع التنموية التي تبقى صمام أمان استقرار الجبهة الاجتماعية.
وعليه فمشاورات تعديل الدستور، كشفت عن إرادة الكثير من التيارات السياسية والشخصيات في تقديم الأحسن، مع مراعاة كل التحولات الوطنية والإقليمية التي من شأنها أن تقدم دستورا على المدى الطويل يؤطر مستقبل الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
إجماع على النظام شبه الرئاسي ومحاربة الفساد
حكيم بوغرارة
شوهد:286 مرة