غالبية العاملين في هذه المصالح غير مكوّنين على هذا الاختصاص
دور المصالح الاستعجالية في الجزائر، إشكالية ما تزال مطروحة بالرغم من الجهود المبذولة من قبل الوزارة الوصية، «والخلل يكمن في انعدام تنظيم محكم، بالإضافة إلى أنّ العاملين بها ليسوا استعجاليين بمفهوم التكوين»، هذا ما أكده الأستاذ غبريني مصطفى باحث من جامعة مستغانم في قطاع الصحة متخصص في مجال الاستعجالات الطبية الجراحية ودور الموارد البشرية من خلال حديثه لـ «الشعب».
وتشير المعطيات التي أوردها الباحث غبريني لـ «الشعب»، إلى أنّ أكثر من 70 بالمائة من الوافدين إلى المصالح الاستعجالية لا يمثلون حالة مستعجلة بالمفهوم الطبي، والتي يتّضح بعد تشخيص المرضى الذين يلجأون إلى زيارتها كلّما أحسّوا بألم في أحد أعضاء الجسم.
قال غبريني: «ينبغي أن ننطلق من أن المصالح الاستعجالية وضعت للتكفل بالمرضى الذين تكون حالتهم مستعجلة بالفعل»، وتوافد المرضى الذين لا يعانون من حالة استعجالية، وفي الواقع كما ذكر
«هناك انحراف لدور المصلحة ويعدّ ذلك مفهوم خاطئ للخدمة العمومية»، وهذا راجع حسبه إلى غياب التنظيم.
وأوضح المتحدّث بأنّ المشكل يعود كذلك إلى عدم وجود تنسيق بين العيادات الاستشفائية التي تعد المحطة الأولى للتكفل بالمرضى والتي يتحدّد من خلال الفحص الذي يجريه المريض بها، إن كانت حالته تحتاج إلى تحويله إلى المصالح الاستعجالية بالمستشفى.
غير أن المشكل ليس مطروحا بالنسبة لتوجيه المرضى فحسب، وإنما على مستوى المصالح الاستعجالية، وهنا أثار غبريني مسألة هامة تتعلّق بالعاملين فيها، حيث أكد عدم وجود أطباء مختصين في الحالات الاستعجالية، كاشفا بأن العاملين فيها «أطباء عامون»، وغالبا ما يتم توجيههم للعمل فيها «كعقوبة»، وللمرء أن يتصور أي خدمة يقدّمها طبيب معاقب لمريض بين الحياة والموت!
في حين ـ كما أضاف ـ أنّ التكفل بالحالات المستعجلة يتطلب تكوينا لمدة 3 سنوات، يمكّنهم من أن يصبحوا أطباء استعجاليين، كما هو معمول به في الدول الأخرى، ونفس المشكل مطروح بالنسبة للعاملين في شبه الطبي، الذين يفتقدون لتكوين متخصص في التكفل الاستعجالي.
وبعد أن شخّص الباحث غبريني «حالة الاستعجالات في الجزائر» الحل في نظره يكمن في إعادة النظر في عمل المصالح الاستعجالية، واقترح في هذا الإطار وضع نظام تقييمي لأداء العاملين فيها من أطباء
وممرضين ويرى ضرورة وضع إجراءات تقديرية (الترقية، التقدم في سلم المسؤولية والتشجيع على التكوين)، والهدف من ذلك ـ كما قال ـ تشجيع الكفاءات على خدمة المصلحة العامة.
ويرى المتحدث أن ترقية الخدمة الصحية بصفة عامة تتطلب تشجيع العاملين، الذين يقدّمون أداءً حسنًا بما فيها المسيّرين، وإجبارية النتائج التي تساهم في فرز الكفاءات.
ومن جانب آخر، أكّد المتحدث على مسألة يراها غاية في الأهمية، لاستباق مرحلة المرض التي توصل إلى الاستعجالات وغيرها، تتمثل في التخطيط، هذا الأمر الغائب كما قال في قطاع الصحة، مع التركيز على الجانب الوقائي وفق مقاربة متعددة التخصصات تتدخل فيها عدة قطاعات على غرار التربية.