هذا ما كُتب قبل الوصول لآخر سطر من وصيّتي

أسامة تايب

بأي الحروف أكتب هذه المرة  ، وبأي لغة أختار الحديث، وقد بات ما في الجوف محيطًا ثائر امواجه أعتى من قمة إفريس وقاعُه أعمق من خندق مرينا، بات حوت يونس مسبحًا بجوفنا ، بتنا نستغيث المغيث في صمتنا ليغدو لصمت صدى صاخب .
لم نعد نغرق داخل أحزاننا ولا نهيم بأوطاننا، أوطاننا أحضان قلوب غدت  الملجئ والأمان، أوطان لا حدود لها، فقد هجر كلانا هذه الأوطان وباتت أرواحنا متشردة في شوارع تنام بأزقتها و تحتضن برودة جدرانها .
فقد بات اللا شعور يحتضننا بقوة، يتمسك بأحلامنا وأمانينا، بماضينا وحاضرنا ويغزو مستقبلنا، إنّ اللاّشعور هو مزيج بين الحياة و الموت ، إذ أنّك تغرق ببطئ داخل طين لازب ،  أو كأنك تقف بحفرة ضيقة تحاصرك من كل ناح، ترى هل سيَمنحني  اللاّشعور   الإعفاء من  الشعور بسكرات الموت !
 هممم ... ! الموت أو  الحياة ، قوائمٌ أبحث فيها عن اسمي  فلا هو فيهما،..
أضحيت مجرّد أشلاء متناثرة هنا وهناك ، تذروني الرياح و تطفو  روحي على ألواح ذات دسر .
في هاته  الأيّام الأخيرة من حياتي ،  تجاوزت اللاّشعور ،و الشعور أظنّه أقربَ أو هو شعورُ الأموات .
الموتى وحدهم من يشعرون به ، وهم فقط القادرين على وصفه لكنّهم لا يستطيعون التواصل معنا لوصف ذلك الشعور ، وإنّي أشعر شعور الموتى وغير قادر البتة على وصفه ..
حتى إنّي كلّما كتبت وصيتي أجد نفسي قبل أن أنهي السطر الأخير منها أُمزّقها ، فتنزف أوراق وصيتي حبرًا ليصف حبرها ما يشعر به الأموات  ،وتسمعُ من بعيد أضلاع وصيتي تتحطم، و أنتَ تُبصر ابتسامتها بات الضحك هو صراخها ،  وتسقط نقاط الحروف دموعا لتُدفن حروفها دون نقاط .
على سبيل الحياة إبتسم ، فنحن البشر نبتسم دوما لمن نحبهم حين يرو سُحنتنا ، فما بالك أنّ الله يراك الٱن  فابتسم إنّ الله يراك .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025
العدد 19749

العدد 19749

الثلاثاء 15 أفريل 2025
العدد 19748

العدد 19748

الإثنين 14 أفريل 2025
العدد 19747

العدد 19747

الأحد 13 أفريل 2025