سنة على خطاب الرئيس يوم أدائه اليمين الدستورية

ما تحقّق وما يُنتظر... ومبادئ لن تحيد

هيام لعيون

«إنّنا ملزمون اليوم، وأينما كنّا وحيثما وجدنا، ومهما تباينت مشاربنا الثقافية والسياسية، لا خيار لنا إلا وضع اليد في اليد من أجل تحقيق حلم الآباء والأجداد وحلم شبابنا في الحاضر، وأجيال الجزائر القادمين، ببناء جمهورية جديدة، قوية مهيبة الجانب، مستقرة ومزدهرة، مسترشدين ببيان ثورة أول نوفمبر المجيدة، الذي كلما انحرفنا عنه أصابتنا عوامل التشتت والتفرقة والضعف والهوان».
 كان هذا أول خطاب ألقاه الرئيس الثامن للجمهورية للجزائرية عبد المجيد تبون، في مشواره الرئاسي، عند أدائه اليمين الدستورية في 19 ديسمبر 2019 بقصر الأمم بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة، حيث مرت، أمس، الذكرى الأولى لاعتلاء تبون كرسي الرئاسة وبداية مشوار حافل بالتغييرات والمستجدات السياسية والاقتصادية وغيرها.
في أوّل خطاب له غداة تنصيبه رسميّا رئيسا للجزائر، بعد مخاض عسير للمسار السياسي للجزائر بعد حراك 22 فيفري 2019، ردّد الرئيس الجديد آنذاك الكثير من عبارات التشبث بنهج ومبادئ ثورة نوفمبر الخالدة.
ومما جاء في خطابه الأول، الذي حضرته قيادات سياسية وعسكرية رفيعة المستوى، وأعضاء من السلك الدبلوماسي الأجنبي في الجزائر، قوله: «عملنا السياسي يستمد روحة من مبادئ ثورة نوفمبر المجيدة، المرجع الثابت لكل السياسات التي ننتهجها والمتطلعة لبناء جزائر جديدة تتبوأ فيها كفاءات الشباب مواقع المسؤولية، حيث تحتاج بلادنا في هذه الأوقات الحساسة إلى ترتيب الأولويات».
رئيس الجمهورية، وبعد مضي عام عن خطابه الذي كان قد وعد فيه بتعديل الدستور من أجل مباشرة إصلاحات عميقة في البلاد، وهو الذي استلم زمامها على أنقاض الفساد السياسي والمالي، تعهد بتعديل الدستور، وقال إن الدستور الجديد يقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحصن البلاد من حكم الفرد، ولا يمنح حصانة للفاسدين». وهو ما أوفى به، حيث اختار الجزائريون دستورهم في استفتاء اول نوفمبر 2020، ولم يكن اختيار التاريخ اعتباطيا، انما حمل دلالات تاريخية وسياسية كثيرة، وهو امتداد للخطاب الأول للرئيس.
وتعهد تبون قبل سنة، بإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة من خلال قانون انتخابات جديد يحدد شروط الترشح للمناصب، ووعد بأن تمول الدولة حملات المترشحين من الشباب لضمان عدم وقوعهم ضحية المال الفاسد واستشراء ما كان يعرف «بالشكارة»، وتشمل الالتزامات التي أشار إليها تبون تجريم تدخل المال في العمل السياسي وشراء الأصوات، وهو ما تسير اليه التحضيرات الحالية.
وسيصدر، قبل نهاية الشهر الجاري، مشروع قانون الانتخابات قبل أن ينزل إلى البرلمان بغرفتيه للتعديل والمناقشة ثم المصادقة عليه، ثم يدخل حيّز التنفيذ، ما سيسمح بأخلقة الحياة السياسية في البلاد استعدادا لانتخابات تشريعية ومحلية بدأ الحديث عنها يدور في كواليس قصر زيغود يوسف منذ الآن.
ووعد الرئيس ببناء اقتصاد قوي ومتنوع بعيدا عن ريع المحروقات، بقوله «سنسعى لبناء اقتصاد وطني متنوع يصنع الرفاه الاجتماعي ويحصّن الأمة من التبعية».
وفي الشأن الإقليمي، كان رئيس الجمهورية، قد شدد في أول خطاب له، على ضرورة بناء صرح المغرب العربي، الذي هو من صلب اهتمامات الدولة، حيث تسعى الجزائر ــ بحسب الرئيس ــ إلى «الحفاظ على حسن الجوار وتحسين العلاقات الأخوية، والتعاون مع كل دول المغرب العربي ولن يلقى الأشقاء ما يسوؤهم أو يعكر صفوهم». ومضت الجزائر على النهج طيلة السنة التي ستنقضي بعد أيام قليلة.
كما شدد تبون على أن الجزائر تمد يدها لجميع الدول للإسهام في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، قائلا: «نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية، مهما كانت تلك المحاولات». مؤكدا في السياق، أن «الدبلوماسية الجزائرية تبذل مزيدا من الجهد لتحقيق السلم في مالي وتظل الجزائر يدا ممدوة لهم لمساعدتهم على تجاوز خلافاتهم»، واضعا مصلحة الوطن أولا وأخيرا.
سنة كاملة مرت على خطاب الرئيس، تناولتها «الشعب» في 10 و12 ديسمبر، كانت كافية لإبراز معالم «الجزائر الجديدة»، من دستور جديدة، وما سيعقبه من فتح ورشات الإصلاح الكبرى سياسيا، اقتصاديا واجتماعيا، تحضيرا لانتخاب مؤسسات قوية. هي إذا الجزائر التي لن تحيد ــ حسب القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني ــ عن مبادئ ثورة نوفمبر الخالدة، وعن حق الشعوب في تقرير مصيرها، ومحاربة كلمة استعمار في كل شبر من المعمورة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19752

العدد 19752

السبت 19 أفريل 2025
العدد 19751

العدد 19751

الجمعة 18 أفريل 2025
العدد 19750

العدد 19750

الأربعاء 16 أفريل 2025
العدد 19749

العدد 19749

الثلاثاء 15 أفريل 2025