اقتراح حلول لمشاكل الشباب وصنع القرار
لا أحد ينكر اليوم، أن للشاب وللطالب، في الجزائر المستقلة، مكانة خاصة في صلب الخطابات والقرارات السياسية، وكذا في الإنجازات والمشاريع التنموية، ناهيك عن اهتمام البرامج البيداغوجية والاستراتيجيات الاقتصادية وآليات التشغيل وغيرها بمساعدته لتكوين حياته المستقبلية.
وخير دليل على ذلك أن الحكومة الجزائرية التي تحتفي باليوم الوطني للطالب الموافق لـ19 ماي من كل سنة وضعت في صلب اهتماماتها ترقية التعليم العالي والبحث العلمي، توسيع رقعة الجامعات والمعاهد العليا، لتضم في سنة 2014 ما يفوق 1.4 مليون طالب وطالبة، وكذا السهر على الشباب والنخبة لحمل مشعل تسيير مؤسسات البلاد، والمشاركة القوية في اتخاذ القرار السياسي وتطبيقه على أرض الواقع.
وشكل الموضوع، فحوى النقاش الذي احتضنه أمس بالمناسبة فضاء “ضيف الشعب”، بمشاركة كل من سعدي هشام ممثل الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، ونوفل كشود ممثل المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي.
وترجمت نية الحكومة، في هذا الصدد مؤخرا بإنشاء الحكومة لوزارة خاصة بالشباب، يسيرها رجل له احتكاك قوي بالجمعيات الشبانية والمجتمع المدني، الأمر الذي سيساعد، حسب نوفل كشود على “نقل اقتراحات وآمال وتطلعات الشباب الجزائري إلى صانعي القرار، وبالتالي إعطائهم الفرصة للمشاركة في بناء وعصرنة الدولة الجزائرية”.
ولكن وفي انتظار أن تنهي الوزارة الفتية سلسلة المشاورات واللقاءات ودراستها للملفات الكثيرة الخاصة بالشباب، يبقى هذا الأخير يعبر من خلال العديد من المنابر على عدم رضاه على نتائج تجسيد الاستراتيجيات والمشاريع على أرض الواقع، معتبرا نفسه ضحية نوع من الإقصاء وعدم الاندماج.
ويتضارب هذا الأمر مع الطموحات الكبيرة والآمال العريضة التي ترسم للشباب بصفة عامة ولخريجي المعاهد والجامعات بصفة خاصة، والذين يعانون على سبيل المثال من مشكل البطالة والتأقلم مع سوق العمل والمحيط السياسي والاجتماعي، الأمر الذي يرجع أسبابه سعدي هشام ممثل الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين إلى” نقص في التكوين الفردي، الاجتماعي، السياسي والبيداغوجي الذي يعرفه الشاب الجزائري حاليا”.
وأضاف سعدي أن هذا الخلل قد تولد عنه اليوم، “مشكل تفشي البطالة عند خريجي الجامعات والمعاهد العليا وعدم تمكنهم من الاستفادة لحد كبير من آليات التشغيل العديدة التي وضعتها الحكومة الجزائرية في هذا الصدد”، في حين أرجعه نوفل كشود ممثل المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي إلى ضرورة “وضع أرضية صلبة واقتراحات جادة وملموسة تؤدي إلى تحسين أوضاع الشباب الجزائري وتمكنهم من الاستفادة من كل البرامج والمشاريع التي سطرت أو التي تسطر لهم من قبل الحكومة.”
وفي ذات سياق، اعتبر سعدي هشام أن “مسؤولية حل مشاكل الشباب وعلى رأسها مشكل التكوين الجيد والبطالة، تقع على عاتق كل فعاليات المجتمع الجزائري من طبقة سياسية، ومجتمع مدني فاعلين اقتصاديين ومحيط جامعي وليس على الحكومة وحدها. فالمؤسسات الاقتصادية الخاصة، غائبة تماما حين يقتضي الأمر تطبيق إستراتيجية تشغيل الشباب فهي لم تتطور لتستقطب اليد العاملة من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، الأمر الذي دفع الطالب الجامعي اليوم إلى الجري وراء فرص التوظيف في القطاع العمومي”، يضيف من جهته نوفل كشود.
ومن بين الحلول التي يقترحها الاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين للإدماج الجيد للشباب وللجامعيين بالخصوص في الحياة العملية: “تشجيعهم على إنشائهم مؤسساتهم الصغيرة والمصغرة، والتي ينتظر أن تكون استثمارية ومنتجة وقائمة في الأساس على دراسة استشرافية وتقدير لنسبة نجاح جد مقبولة قبل الانطلاق بها”.
ويرى سعدي أيضا أن “إدماج الجامعة والتنسيق مع المحيط الاقتصادي، ومواصلة التكوين من الضروريات الحتمية لمساعدة الشباب على التمركز في الحياة الوطنية”.
الأمر الذي يشاطره إياه ممثل المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي قائلا “لابد أن يعمل الكل على الرفع من نوعية تكوين الشباب لنرقى بالمجتمع الجزائري إلى مصاف الدول المتقدمة”.
المؤسسات الخاصة مطالبة بإدماج الشباب الجامعي
هذا وأضاف نوفل كشود في ذات السياق، أن حل مشكل البطالة عند النخبة، يكمن في إشراك كل الفاعلين الاقتصاديين في ذلك وعلى رأسهم القطاع الخاص والمؤسسات الأجنبية، على أن يسهل الأول فرص التوظيف لخريجي الجامعات ويسعى لتأهيلهم، ويساعد الثاني على تمكينهم من التكنولوجيا الحديثة واستفادتهم من التقنيات الجديدة في شتى المجالات العلمية والاقتصادية.
واقترح كشود على أن تقوم الحكومة أو المؤسسات المعنية بالاقتصاد والتنمية بإعادة النظر في النسيج الاقتصادي، ودراسة سبل تمكين الشباب من إنشاء مؤسسات للمناولة في ظل الأقطاب الصناعية الكبرى، ومرافقتها في السوق ومساعدتها على المشاركة في الإنتاج، مؤكدا على ضرورة سن سياسة ووضع قوانين لتشجيع المؤسسات الصغيرة والمصغرة.
إرجاع الحركية للمجتمع المدني
وفي إجابته على السؤال المتعلق بدور المجتمع المدني وعلى رأسه التنظيمات الطلابية في سن مبدأ وروح المواطنة لدى الشباب، اعتبر سعدي هشام أن “المجتمع المدني غير مختلف عن الأحزاب في تعامله مع الشباب حيث غالبا ما يكتفى بحمل الشعارات، فمن المفروض أن يكون ركيزة أساسية في ميدان البناء والتشييد”.
كما أكد أن ترسيخ روح المواطنة لدى الشباب يبدأ في سن مبكرة، وليس منوطا بالتنظيمات الطلابية، التي تشرع في التعامل مع الشاب أو الطالب بعد بلوغه سن 19 سنة، وهي تهتم خصيصا بالتكفل بمشاكله البيداغوجية والاجتماعية داخل الحرم الجامعي ومراكز الإيواء.
ويرى من جهته نوفل كشود، انه من الضروري إرجاع الحركية للمجتمع المدني الذي ساهم وبشجاعة في الدفاع عن استقرار البلاد خلال العشرية السوداء، وانه قد حان الوقت لخلق أرضية صلبة واقتراحات جادة وملموسة من شأنها أن تهيأ الشباب الجزائري لتحمل مسؤولية البلاد.