يفرض نفسه كأنجع أداة للتعديل

التوافق الوطني أساس التوصل لدستور سليم

حمزة محصول

تلقت الأحزاب والشخصيات الوطنية والجمعيات والصحافة، وثيقة مقترحات تعديل الدستور، مرفقة بالدعوة للمشاركة في مشاورات موسّعة يشرف عليها أحمد أويحي، شهر جوان الداخل، وتعقد وفي أجندتها غاية وضع دستور توافق وطني يصلح لسنوات طويلة ولا يعدل بتغير الأشخاص.
لا تتوقف أهمية الدستور المقبل للجزائر على التغييرات والبنود المنتظر إدراجها وإزالة مكامن الخلل والإشكالات، بل يتعدى ذلك إلى كيفية مناقشة ووضع المقترحات ومن ثمة التوصل إلى صياغة النسخة النهائية قبل عرضها للموافقة عليها، عبر استفتاء شعبي أو على مستوى البرلمان.
وليس أفضل لبلادنا في الوقت الراهن، من دستور ناجم عن عصارة مقترحات كل التشكيلات السياسية والجمعوية والصحافة والنخب والكفاءات. فمشاركتها وحرصها على تضمينه كل ما تراه مناسبا ومتابعته حتى مرحلة المصادقة، يعطيه الضامن الأكبر لانسجامه وتطلعات الشعب الجزائري، ويمنحه الهيبة والاحترام كوثيقة قانونية سامية سيدة لحكم دولة ديمقراطية مدنية.
ويفرض التوافق نفسه في المرحلة الحالية، ليكون الطريقة والأداة الأنسب لإزالة ما يشوب الدستور الحالي من نقائص وثغرات عديدة وضعت الدولة أمام عديد الإشكالات، فنحن لا نعيش أزمة ولا احتقانا ونشكل الاستثناء في المنطقة من خلال الهدوء والاستقرار، ما عدا القلاقل الأمنية الموجودة على الحدود والتي تشكل تحديات يجري التصدي لها، وتملك الجزائر إمكانات النهضة الاقتصادية والاجتماعية، كما وضعت نفسها على طريق بناء ذاتها لتصبح قوة جهوية وقارية.
وعلى ضوء ذلك، تتوافر البلاد على ظروف مثالية لخوض نقاش موسع في هدوء وروية، لتفادي الوقوع في أي أخطاء أو الإبقاء على شوائب طالها الانتقاد الواسع من قبل الخبراء والمختصين في القانون الدستوري ورجال السياسة أنفسهم.
لقد جاءت الفرصة للأطياف السياسية، للمساهمة في التوصل إلى الدستور الأنسب للبلاد، وبحسب تفاعلها، أمس الأول، بعد صدور وثيقة المقترحات والدعوة الموجهة لها من قبل رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، أحمد أويحي، فقد أبدت الأغلبية الساحقة موافقتها على المشاركة في لجنة المشاورات الثانية، والإدلاء بمقترحاتها وآرائها بكل حرية والدفاع عنها.
ويفرض المنطق، وضع النوايا السيئة والأحكام المسبقة جانبا، فالمشاركة في اقتراح التعديلات ليست خدمة لشخص أو جهة أو طيف معين، فالمصلحة الوطنية تقتضي مشاركة الجميع، لتشريف ثقة الشعب والخلاص إلى وضع دستور يلائمه ويحمي مصالحه وينظم شؤونه، عبر نظام ناجع يكرس الديمقراطية الحقة ويحمي الحقوق والحريات، ويقوي اقتصاد البلاد ويحارب الثقافات القذرة كالرشوة والمحسوبية والإقصاء.
وبما أن الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية والصحافة وفعاليات المجتمع المدني، تلتقي عند هذه القيم والمبادئ، في نضالها اليومي، وليس أمامها خيار لتشريف ثقة قواعدها الشعبية، إلا تقديم ما تراه مناسبا وضروريا أمام لجنة المشاورات وتحرص على مناقشة المسودة التي ستعرض للمصادقة، فوحدها المشاركة تفضي إلى نتيجة وليس سياسة الكرسي الشاغر.
لقد انطلقت المرحلة الثانية إذاً للتعديل الدستوري، وتعلق الآمال كلها على مشاركة المدعوين بمقترحاتهم للتوصل إلى الصيغة النهائية المناسبة، لأن الإجماع من أهم القيم التي تحتاجها كل دولة تسعى إلى التطور.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024