عقــد جــديد مـن أجــل التنميـة والتقـــدم
لقد تمكنت الجزائر، منذ سنة 1999، من رفع العديد من التحديات الحاسمة. ومن أجل قياس بعد الـمنجزات التي تحققت على مدى السنوات الخمس عشرة الأخيرة، يجب أن نستحضر في الأذهان الانكسارات الخطيرة والجروح العميقة التي تسببت فيها عشرية كاملة من الإرهاب حيث خيم خطر تكريس الانقسامات والـمواجهات بين أبناء الشعب الواحد.
ويجب ألا ننسى بأن الدولة الجزائرية كانت بالكاد تحافظ على استقلالية قرارها وعلى الـمكاسب الاجتماعية للشعب، بعد أن أصبحت الدولة شبه عاجزة عن الدفع على مدى سنوات أمام القيود الـمفروضة من قبل الـمؤسسات النقدية والـمالية الخارجية.
كما ينبغي أن نتذكر حالة العزلة والحصار غير الـمعلن التي كانت تعانيها بلادنا في وقت كانت فيه أوساط معادية تسعى جاهدة إلى تشويه صورة الشعب الجزائري ودولته وجيشه الوطني الشعبي وغيره من أسلاك الأمن وكل القوى الحية لأمتنا.
والآن، فإن هذه المحن الثقيلة التي كانت تحجب أفق الأمة، قد أصبحت تحسب على الـماضي بفضل الـمنجزات البارزة الـمسجلة والتي وضعت الجزائر على مسار يسوده السلم والأمن والاستقرار والتنمية والرقي.
حصيلة ثلاثة خماسيات:
منجزات يتعين صونها وتطويرها
لقد تم تعزيز استقلال بلادنا وأمنها وظروف معيشة شعبنا تعزيزا معتبرا، بفضل الـمصالحة الوطنية، وإنعاش النمو الاقتصادي، وتأكيد دور الجزائر في منطقتها وفي العالم.
وجدير بالتنويه أن تجسيد ميثاق السلم والـمصالحة الوطنية الذي تمت قيادته بوفاء صارم وعزم كامل، على غرار الوئام الـمدني، قد سمح بمعالجة مخلفات الـمأساة الوطنية، ورسخ لدى الجزائريات والجزائريين الإيمان من جديد ببلادهم، حيث توفرت لهم شروط تجمعهم من أجل مباشرة مرحلة تاريخية جديدة، في كنف الثقة والأخوة الـمستعادتين، مما جعلهم يدخلون يلجون ولوجا كاملا في القرن الواحد والعشرين.
بل إن عودة السلم والأمن وإعادة توثيق التماسك الاجتماعي والتسيير الـمتبصر للموارد الوطنية، قد سمحت بإطلاق ثلاثة مخططات عمومية متتالية للاستثمارات في البنى التحتية والتنمية البشرية التي وفرت للبلاد مؤهلات جديدة معتبرة من أجل إنجاح طموحها إلى تنمية اقتصادية متواصلة ومستدامة.
فضلا عن ذلك، فإن بلادنا قد استعادت مكانتها ودورها الكامل على الساحتين الجهوية والدولية، مما جعلها اليوم شريكا ذا مصداقية ومرغوبا، ومعززا باستقراره ونفوذه الـمعتدل في محيط جيوسياسي يشهد منذ بضع سنوات تشنجات خطيرة.
وكل هذه الـمكاسب الـمشار إليها أعلاه، قد ساهمت في التعجيل بتحولات الـمجتمع الجزائري الذي أصبحت لديه احتياجات وتطلعات جديدة، ولاسيما الشباب الذين تعتبر ترقيتهم على جميع الأصعدة مفتاح مستقبل الجزائر.
وبالتالي، فإن هذه التطورات وما تولد عنها من تطلعات مشروعة، تستدعي توجها استراتيجيا جديدا على درب تشييد ديمقراطية تشاركية، وترقية أكبر وحماية للحريات وحقوق الإنسان، والتعجيل بالنمو واستحداث مناصب العمل في إطار استراتيجية تنموية متنوعة ومستدامة، ومحاربة لا هوادة فيها ضد انحرافات الفساد والبيروقراطية.
وأمام هذه التحديات، فإن الظرف الوطني الـمتميز اليوم باستعادة السلم والأمن والإستقرار، والتطهير الاقتصادي والـمالي وتوسيع شبكات البنى التحتية، من شأنه أن يسمح للأمة بالتجند في خدمة مشروع تنموي شامل خلاق لـمناصب العمل والثروات الـمستدامة لفائدة الأجيال الحاضرة والـمستقبلية.
وبغرض تنظيم هذه التعبئة، فإن برنامج العهدة القادمة يقترح على الأمة عقدا جديدا من أجل الترسخ بصلابة على درب التنمية والتقدم تحت شعار (معا، من أجل جزائر الغد التي تضمن مستقبلا أفضل للجميع).
السنوات الخمس القادمة:
عقد جديد من أجل التنمية والتقدم
يحدد هذا العقد الجديد من أجل التنمية والتقدم، الأهداف الجوهرية الخمسة الآتية:
@• تعزيز الاستقرار؛
@ ترسيخ ديمقراطية مطمأنة؛
@• تثمين الرصيد البشري بشكل أمثل؛
@• بناء اقتصاد ناشئ في إطار مقاربة تنموية مستدامة؛
@• تعزيز روابط التضامن الوطني.
1 ـ تعزيز استقرار بلادنا
سيتم بذل جهود متواصلة في سبيل تخليد قيم ثورة أول نوفمبر 1954 الـمجيدة، ومكاسب الـمصالحة الوطنية، وفي هذا الإطار، فإن الـمحاور الكبرى ستتمثل فيما يلي:
@ ترقية الهوية الوطنية بمكوناتها الثلاثة: العربية، الأمازيغية والإسلام؛
@ رفض الاستغلال السياسوي، مهما كان شكله، لإحدى مكونات الهوية الوطنية؛
@ ترقية تعاليم الإسلام الأصيلة: الإنسانية، التسامح، والتجانس الاجتماعي عبر الـمسجد، والتربية القرآنية وتثمين دور ومكانة الزوايا الحامية لقيمنا العريقة؛
@• الوقاية من كل أشكال التطرف ومكافحتها؛
@ تعزيز استقلالية العدالة:
@ محاربة لا هوادة فيها ضد الفساد، وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب؛
@ تشجيع الـمجتمع الـمدني على الانتظام بصفته مبعثا للوعي، وقوة اقتراح، والحاضن لنخب الغد السياسية؛
@ الاستمرار في احترافية وتحديث الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني، وتزويده بالوسائل الكفيلة بمساعدته على أداء مهمته الجمهورية للدفاع عن سيادتنا الوطنية. وبهذا الشأن، فإن مهام تأمين حدودنا والقضاء على جيوب الإرهاب التي يؤديها بصفة مثالية، لدليل لما يجدر للأمة أن تعبر عنه تجاهه من تقدير ودعم ومساندة؛
ـ إيلاء حماية واعتبار دائمين للمجاهدين والوطنيين لقاء التزامهم بخدمة الوطن.
2 ـ ترسيخ ديمقراطية مطمأنة
@ حياة سياسية ومؤسساتية يغذيها الحوار الـمتبادل والـموحد حول الـمصالح العليا للبلاد.
إن ديناميكية الإصلاحات السياسية التي شرع فيها في هذه السنوات الأخيرة، قد سمحت بتحقيق أشواط من التقدم على صعيدي الـممارسة الديمقراطية وممارسة الحقوق والحريات.
ولا شك أن هذه التطورات قد وضعتنا اليوم في وضع مناسب لتحقيق وثبة نوعية جديدة على درب تعزيز الأسس الجمهورية لدولتنا وترقية حياة سياسية هادئة.
وفي هذا الـمنظور، فإن الرهان يتمثل في تجاوز اختلاف التيارات السياسية والسعي إلى التوصل إلى أكبر قدر من التوافق والـمشاركة من أجل توسيع الإجماع الوطني حول التكفل بتحديات الحاضر والـمستقبل التي تطرح على أمتنا، لاسيما من خلال تعديل الدستور.
ولهذا الغرض، سيتم انتهاج مسعى شامل لتعبئة كل القوى الـمستعدة للتجمع من أجل خدمة الـمصلحة الوطنية.
كما سيتم تنظيم حوار مكثف من أجل أن تحتل المعارضة مكانة تجعلها في منأى عن كل محاولات التهميش في الحياة السياسية، والبرلـمانية، وفي مجال الوصول إلى الـمعلومة وإلى وسائل الإعلام، وفي غير ذلك من كل الـمجالات الأخرى لحياة الأمة.
@ ترقية الديمقراطية التشاركية واللامركزية
إن أول رهان يتمثل اليوم في إعطاء الـمواطنة معناها الكامل، من خلال تطوير أطر مهيكلة وإجراءات شفافة تسمح للمواطنين بمناقشة السياسات العمومية وتبليغ وجهات نظرهم بغرض التأثير على القرارات.
وبهذا الصدد، فإن الطموح يتمثل في تجاوز نهائي للمنطق الـمتفرد والخالي من الإنسانية للعلاقة بين الإدارة والـمرتفقين ليحل مكانه منطق التشاور والشراكة قصد الاستجابة لتطلع الـمواطنين الـمشروع استجابة تامة إلى الـمساهمة في تحديد وتنفيذ القرارات والمشاريع التي تخص الـمجموعة الوطنية.
وعليه، فإن السلطات في كل الـمستويات سيتم إلزامها بانتهاج التشاور مع الـمجتمع الـمدني كقاعدة سلوك دائمة ضمن أفق الشراكة. وسيستفيد الـمجتمع الـمدني من جهته، ببرامج موجهة لتثمين تطوره النوعي من خلال تحسين تنظيمه على الصعيدين الوطني والـمحلي، وقدراته التقنية ووسائل عمله.
وسيكون هذا الجهد مصحوبا بتدابير لتعزيز الجماعات الإقليمية بوسائل وقدرات تكفل لها القيام بدورها بصفة أكثر فعالية في الدفع بالتنمية الـمحلية وتقديم خدمات عمومية واجتماعية ذات نوعية.
كما سيتم في هذا الـمسعى إدراج مراجعة التقسيم الإداري الراهن وإتمام مشروع إنشاء جماعات إقليمية جديدة بغية التكفل تكفلا أحسن بضرورات التنمية الـمحلية وتقريب الإدارة من الـمواطنين أكثر فأكثر.
أما الأداة الثمينة الأخرى للديمقراطية التشاركية، فتتمثل في آلية التشاور الثلاثية التي سيتم تعزيزها على نحو يجعل الـمشاركة فيها أكثر شمولية وأكثر انتظاما لدوراتها من أجل صقل إجماع صلب حول عقد اقتصادي واجتماعي للنمو وضمان تجسيده.
@• تعزيز الحكم الراشد وتوسيعه
لقد أصبح من الضروري توسيع أشواط التقدم الـمحققة في مجال الحكامة في جوانبها السياسية والاقتصادية والـمقاولاتية، التي ساهمت في تعميق الـمسار الديمقراطي والإنعاش الاقتصادي.
وفي هذه الـمرحلة، فإن الأمر سيتعلق بتعزيز مؤسسات الحكامة قصد توطيد أركان دولة القانون وتحسين الشفافية، والـمشاركة والـمسؤولية في تسيير الشؤون العمومية الوطنية والـمحلية.
وفي هذا الإطار، سينصب الجهد أيضا على استكمال إصلاح العدالة وتزويدها بوسائل إضافية بغرض تعزيز استقلاليتها، ومصداقيتها في تطبيق القانون وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وأمن الأشخاص والـممتلكات والنشاطات الاقتصادية.
كما سيتعلق الأمر بتحسين الإطار التشريعي والتنظيمي لعمليات التسيير النقدي والـمالي والجبائي والجمركي، بالـموازاة مع عمل متواصل من أجل تحسين الـمحيط الاقتصادي للمؤسسات وتسهيل عمليات الاستثمار.
@ ضمان خدمة عمومية ناجعة
وفي هذا الـمنظور، سيتم تكثيف الجهود بغرض تحديث الإدارة وتغيير السلوكيات وضمان خدمة عمومية ناجعة تستجيب في آنٍ واحد، للطلب الاجتماعي ولطلب القطاع الاقتصادي، عبر إدخال طرق متجددة للتسيير، والـمتابعة والتقييم والـمراقبة.
ويتمثل الهدف الـمتوخى من هذا الـمسعى في تجسيد مبدإ الـمساواة في الاستفادة في الواقع من خدمة عمومية ذات نوعية، تجسيدا كاملا.
وفي هذا السياق، سيتم تشجيع جمعيات الـمجتمع الـمدني وتدعيمها، من أجل إعداد ونشر عمليات تقييم موضوعية وموثقة لأداء مختلف الأجهزة الـمكلفة بالخدمات الإدارية، والاجتماعية والتربوية والصحية.
كما ستتم إقامة مرصد للخدمة العمومية تسند له صلاحيات إنجاز دراسات، وتقديم اقتراحات وإجراء تحقيقات لدى الرأي العام، قصد المساهمة في معالجة الاختلالات والقضاء على البيروقراطية وانعدام الفعالية.
@ محاربة الفساد بفعالية
إن التقليد الجزائري الأسري والـمجتمعي والديني يدعو إلى الاستقامة وينبذ عدم الأمانة.
ولذلك، فإنه من الحيوي العمل على ما يجعل محاربة الفساد انشغالا جوهريا ستوليه كل الهيئات عنايتها، بغرض تعزيز الوقاية من هذه الآفة الاجتماعية، وضبط قنوات الكشف عنها، وتسهيل التنديد بها وتشديد العقوبات الـمطبقة عليه.
واعتبارا لخطورة آثار هذه الآفة على الاقتصاد الوطني، والتماسك الاجتماعي، سيتم تعزيز التشريع من أجل توسيع مجال عدم قابلية التقادم إلى كل أفعال الفساد، وضمان الحماية الفعلية للشهود والـمخبرين، وإقرار إجراءات لاسترداد الأموال الـمتأتية من الفساد.
وفي نفس الوقت سيتم القضاء على فرص الفساد على جميع المستويات، من خلال تعزيز الشفافية والـمراقبة في مجال إبرام الصفقات العمومية، وتبسيط التنظيمات والإجراءات التي تلزم الـمواطنين في علاقاتهم مع الإدارة.
@ الإعلام والاتصال
سيتم في هذا الإطار، التعجيل بتجسيد القانون العضوي الـمتعلق بالإعلام، ولاسيما، من خلال تدعيم حرية ممارسة النشاط الإعلامي، وتعزيز حق الـمواطن في الإعلام عبر عرض متنوع لوسائل الإعلام العمومية والخاصة.
أما سياسة السلطات العمومية في مجال الإعلام فستكون غايتها تتمثل في تكريس حق الـمواطن الجزائري في الحصول على الـمعرفة والإعلام في كنف الـمساواة. وبهذا الشأن، ستسهر الدولة على أن يكون تنفيذ أحكام القانون الـمتعلق بالسمعي البصري مشفوعا بدعم الدولة على الإبداع الوطني في الـميادين الفنية والأكاديمية والثقافية والتلفزية في ظل احترام التقاليد والقيم الراسخة في مجتمعنا.
@ تثمين الرصيد البشري
إن الرصيد البشري الذي أصبح مؤشرا للنجاعة ومعيارا للتنافسية الاقتصادية، سيكون موضوع سياسة مندمجة ستشمل، إلى جانب التربية والصحة، الثقافة وإطار الحياة بما يساهم في ازدهار الـمواطنين بدنيا وذهنيا.
@ التربية والبحث العلمي
إن جهد تحديث النوعية ورفع مستواها، سيتم تكثيفه من أجل تحسين أداء الـمنظومة التربوية بكل أطوارها، وذلك في كنف الوفاء لسياسة دمقرطة التعليم وضمان تكافؤ الفرص التي تشكل خيارا ثابتا لأمتنا. وذلكم هدف سيجد انعكاسه في جهد تحسين مستوى التأطير البيداغوجي، والحدّ من التسرب الـمدرسي ونسب إعادة السنوات ورفع معدلات النجاح في الامتحانات.
بل إن تكييف التعليم العالي والتكوين الـمهني على نحو يستجيب لسوق العمل عبر برامج منسقة مع القطاع الاقتصادي والـمجتمع الـمدني، سيكتسي أولوية قصوى. وسيتم، علاوة على ذلك، إدخال تحفيزات بهدف تشجيع التوجيه العلمي والتقني. كما ستتخذ تدابير خاصة من أجل امتصاص الفوارق بين الولايات، وبوجه أخص بين ولايات الشمال وولايات الجنوب.
وبغرض تشجيع التمهين أكثر فأكثر، في الشُّعب العلمية والتكنولوجية والإعلامية والاتصال، واللغات الوطنية والأجنبية، سيتم إنشاء قنوات تلفزيونية عمومية مخصصة للتعليم، حيث ستساهم في نشر هذه الشعب من جهة، ومرافقة التلاميذ في مسار اكتسابهم للمعارف أو التأهيل، من جهة أخرى. وسيتم أيضا إقامة مراكز امتياز علمية وتكنولوجية قصد التشجيع على البحث العلمي، بما يجعلنا في موقف يساعد على الـمساهمة في اقتصاد الـمعرفة.
وبما أن التحدي التكنولوجي يتطلب بالضرورة حشد وسائل إضافية من خلال إقامة مراكز موضوعاتية، وأخرى لدعم وتشجيع العمل ضمن شبكة بين مؤسسات البحث والقطاع الاقتصادي، فإن هذه الحتمية سيتم التكفل بها.
@• الصحة
إن قطاع الصحة، الذي يكتسي أهمية جوهرية بالنسبة لتثمين الـموارد البشرية، سيظل أولوية أساسية للسياسة الوطنية.
وفي هذا الصدد، سيتم التركيز على تكثيف الوقاية وتحسين العلاجات ونوعية الخدمات على مستوى كافة التراب الوطني، بصفة عادلة وتضامنية.
ولهذا الغرض، سيتم تكثيف التغطية الصحية عبر إنجاز منشآت جديدة، سواء من أجل العلاجات الأساسية أو مؤسسات متخصصة ومراكز استشفائية جامعية، مع تزويدها بالـمستخدمين الـمؤهلين والوسائل.
وفي هذا الإطار، فإن التكفل بالأمراض الـمستعصية، والأمراض الـمزمنة (السكري، السرطان، القصور التنفسي، والأمراض القلبية)، سيتم تعميمه على نحو يلبي كل الاحتياجات بوسائل وطنية.
كما سيتم إيلاء مزيد من العناية لتحسين وفرة الأدوية وجعلها في متناول جميع الـمرضى. وستتواصل ترقية الانتاج الوطني بهدف تغطية ثلثي (2/3) الحاجيات إلى غاية نهاية الخماسية. ولهذا الغرض، سيتم تشجيع الاستثمارات الوطنية أو في شراكة في مجال الصناعة الصيدلانية.
وسيتم السهر أيضا على ضمان تكامل أفضل بين القطاعات الصحية العمومية والخاصة بما يسمح لهياكل الصحة الخاصة بالقيام بمهمة الـمنفعة العامة على أكمل وجه.
كما أن إصلاح الـمستشفيات سيتم استكماله قصد إعطاء أكبر قدر من الفعالية للمؤسسات عبر تحديث طرق تنظيمها وتسييرها.
أما حجر الزاوية لهذه السياسة فسيتمثل في قانون جديد للصحة، سيتم إعداده من طرف لجنة وطنية مفتوحة على كفاءات القطاع، إلى جانب الشركاء الاجتماعيين والقطاعات الأخرى التي تساهم في مجال الصحة العمومية.
@• إطار الحياة
إن تجسيد برنامج إعادة التأهيل الحضري وامتصاص الـمناطق الهشة، سيتواصل وسيمتد إلى مجمل الـمجمعات الحضرية.
كما ستولى كل العناية إلى بعث الحياة من جديد في الفضاءات الريفية في إطار مقاربة متعددة القطاعات.
وستكون الـمدن الجديدة وكافة برامج إنجاز الـمساكن العمومية والترقية العقارية الخاصة، ملزمة بتوفير مساحات خضراء وهياكل مرافقة، إدارية وصحية وأمنية، وتجارية وثقافية وترفيهية قصد ضمان حياة اجتماعية متوازنة ومعايير ترقى إلى نوعية العيش التي يحق أن يتطلع إليها كل السكان.
وسيتم أيضا تحسين معايير جمع النفايات الـمنزلية ومعالجتها.
فضلا عن ذلك، سيتم ضمان حماية كل الفضاءات العمومية، بكل صرامة القانون، ضد كل أشكال الاستحواذ عليها أو الـمساس بها.
@ ترقية الشباب
إن ترقية الشباب ستؤخذ في الحسبان تماما في تحديد وتنفيذ كافة السياسات، سواء على الـمستوى الوطني أو الـمحلي، من خلال تنسيق أفضل فيما بين القطاعات.
وفيما يتعلق بالاستراتيجية الوطنية المتناسقة والـمندمجة لترقية الشباب التي تشتمل على البرامج التربوية والتكوينية، والحماية من الآفات الاجتماعية ومحاربة البطالة، وعلى العدالة في منح الـمساكن، والـممارسة الرياضية والترفيهية وغيرها من الأملاك الاجتماعية، سيتم إثراؤها من حيث أبعادها ومن حيث كيفيات تنفيذها.
وعلاوة على تشجيع نشاطات مبادلات الشباب بين مختلف مناطق البلاد، فإن إشراك الشباب سيتم ضمانه ضمن مسعى تساهمي في مجمل الـمشاريع والنشاطات التي تعنيهم.
وتجدر الإشارة إلى أن عناية خاصة ستولى لـمشكلة البطالة لدى الشباب، التي تظل مرتفعة بالرغم من أن نسبتها الوطنية الشاملة تتجه إلى الانخفاض. ولذلك، فإن الأجهزة الخاصة بإنشاء المؤسسات سيتم إثراؤها قبليا، بعمليات تكوين في مجال الـمقاولاتية لفائدة الشباب من حاملي الـمشاريع، وبعديا، عن طريق الـمرافقة في مجال التنظيم والتسيير. كما سيتم تجديد ترتيبات التشجيع على الاستثمار المستحدث لـمناصب العمل وترتيبات المساعدة على الإدماج المهني للشباب وإضفاء مرونة عليها.
أما برامج دعم الحياة الجمعوية للشباب فسيتم تعزيزه. فضلا عن ذلك، وبغرض تعميق الحوار والتنسيق حول كل الـمسائل التي تهم الشباب، سيقام مجلس وطني استشاري في إطار مسار تشاركي.
@• ترقية الـمرأة
إن السرعة التي ستتم بها التنمية الوطنية بكل أبعادها تتوقف على حدّ سواء، على مساهمة النساء بقدر ما تتوقف على مساهمة الرجال.
وبالتالي، فإن توثيق مكاسب الـمرأة الجزائرية وتحقيق أشواط جديدة من التقدم في حماية حقوقها ومشاركتها الكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأمة، من شأنها أن تجند مزيدا من الجهود والوسائل.
وعليه، فإن استراتيجية جديد لترقية الـمرأة واندماجها، سيتم إعدادها بالتشاور مع الـمنظمات النسوية على أساس الدروس الـمستخلصة من استراتيجية 2010 - 2014. وستدرج فيها مجالات واسعة من الكفاءات المتراكمة بفضل الاستثمارات المعتبرة المبذولة في ميدان التربية والتكوين، لفائدة كل مجالات الحياة الوطنية.
وبهذا الصدد، سيتم تعزيز سياسة إدماج الـمرأة في الدوائر الاقتصادية عبر تكييف أفضل لآليات الـمساعدة ودعم التشغيل والـمقاولاتية. كما ستتخذ ترتيبات عملية من أجل تمكين النساء من التوفيق بسهولة، بين مسؤولياتهن الـمهنية والتزاماتهن العائلية من خلال إنشاء دور الحضانة وتعميم التعليم ما قبل التمدرس.
كما ستتم محاربة ظاهرة العنف ضد الـمرأة، بما في ذلك من خلال تعزيز التشريع الـمتعلق بهذا الـمجال.
@ ترقية الثقافة
سيشتمل برنامج ترقية الثقافة على:
ـ تثمين تراثنا الثقافي عبر برنامج واسع لرد الاعتبار للمواقع ذات الـقيمة التاريخية والثقافية؛
ـ دعم الإنتاج والصناعة الثقافية بشتى أشكالها: كتاب، سينما، مسرح، موسيقى، برامج إذاعية وتلفزية؛
ـ تمكين الـمواطنين من النشاطات الثقافية من خلال الاستفادة الكاملة من النسيج الـمكثف للـمنشآت الثقافية الـمنجزة، أو الجاري إنجازها عبر كامل التراب الوطني؛
ـ برامج التكوين وتحسين الـمستوى الـمخصصة للحرف في الـمجال الثقافي والفني.
@• الرياضات
إن النشاط البدني يؤثر إيجابيا على صحة الـمواطنين ويحمل في طياته قيم التضامن، والاستحقاق والجهد، حيث يتعين بالضرورة تلقينه للأجيال الصاعدة. وهكذا، فإن ممارسة النشاطات الرياضية من قبل أكبر عدد ستصبح هدفا بارزا في السياسات العمومية.
وسترتكز دمقرطة هذه الرياضة الترفيهية على تطوير متوازن لكل الاختصاصات الرياضية وعلى ترقية الـمنشآت الجوارية.
وفي نفس هذا السياق، ستولى عناية خاصة للرياضة المدرسية والجامعية وتشجيع الرياضة النسوية.
من جهة أخرى، ستواصل الرياضة التنافسية الاستفادة من دعم الدولة عبر التعاون مع الاتحاديات الرياضية في مجال اكتشاف وتأطير الـمواهب الشابة، وتحسين شروط التحضيرات وتحسين مستوى التأطير التقني والاتحادي.
3 ـ بناء اقتصاد ناشئ
إن البرامج التي أطلقت من أجل رفع تحديات التنمية عبر تنويع قدرات بلادنا الإنتاجية واستحداث مناصب العمل في إطار استراتيجية التنمية الـمستدامة الشاملة والـمنصفة، سيتم تكثيفها.
كما أن التغيير الذي شرع فيه لنظام النمو سيتم تسريع وتيرته نحو تثمين كامل لقدرة الجزائر التي تعتبر بوضوح أعلى من الـمعدلات المحققة إلى حد الآن، وذلك انطلاقا من أن الهدف يتمثل في بناء اقتصاد ناشئ، يقوم على الـمعرفة وفي مستوى متطلبات إنتاجية وتنافسية السوق الدولية.
ولهذا الغرض، فإن الـمكانة الأساسية ستعود إلى إنشاء وتطوير المؤسسة، وترقية قدرات التسيير، وكذا دعم البحث، التنمية والإبداع.
وسترتكز استراتيجية التنمية على رفع القيود التي تعيق التوصل إلى تحقيق نمو قوي ومتواصل من خلال تحسين محيط الاستثمار على الأصعدة الإجرائية، والآجال والتكاليف، وكذا من خلال تنفيذ سياسات متجددة لترقية الـمؤسسة.
أما الحرص الدائم للمسعى، فيتمثل في إدراج التنمية الاقتصادية ضمن أفق حماية الـمكاسب الاجتماعية للشعب وتعزيز التضامن الوطني والتماسك الاجتماعي.
وهكذا، فإن التكاتف بين القطاعات والمتعاملين الاقتصاديين والشركاء الاجتماعيين سيتم تشجعيه ودعمه بغرض ضمان تمفصل أمثل بين حتميات الفعالية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
كما سيتعلق الأمر بمواصلة سياسة تهيئة الإقليم قصد ضمان تموقع منصف للنشاطات الاقتصادية عبر كامل التراب الوطني وتثبيت السكان في مواقع إقامتهم.
وفي هذا الإطار، سيتم الانطلاق في برامج جديدة خاصة بمناطق الهضاب العليا والجنوب.
@ إعادة التصنيع في البلاد
سيتم الشروع في سياسة قوية لإعادة التصنيع في البلاد كرهان أساسي بالنسبة للتحول الهيكلي للاقتصاد الجزائري، وتكثيف النسيج الاقتصادي، ورفع مستوى الثروة وعروض مناصب العمل.
ولهذا الغرض، ستأخذ هذه السياسة ثلاثة اتجاهات:
ـ دعم الإنتاج الوطني الذي يمكن، بل يجب في عديد المجالات أن يكون بديلا للواردات. وبهذا الشأن، سيتم إدخال مقاييس تقنية ومعايير لحماية الـمستهلك.
ـ استعمال الـمزايا الـمقارنة الـمرتبطة بالتحويل الـمحلي لـمواردنا الطبيعية من أجل توفير عرض تنافسي للمنتجات التحويلية أو شبه التحويلية ذات القيمة الـمضافة الـمرتفعة، التي يمكن تسويقها في السوق الوطنية والدولية.
ـ مباشرة وترقية مسار إنشاء النشاطات الاقتصادية القائمة على المعرفة حتى نكون في الـموعد مع تحديات الـمستقبل. ولهذا الغرض، سيوضع برنامج للمساعدة الخاصة للمشاريع الأولى التي يكونها الشباب من حاملي الشهادات.
كما سيتم تكثيف مسار إعادة نشر كبريات مؤسسات القطاع العام على القطاعات الكبرى الواعدة في شراكة مع كبار العالم في هذه المجالات.
من جهة أخرى، سيتم إيلاء عناية مستمرة لتطوير الـمؤسسة الصغيرة والمتوسطة، من خلال تسهيل إجراءات إنشائها وعمليات دعم مخططات تطويرها.
وسيتم تعديل القانون المتعلق بالاستثمار على نحو يكرس حرية الاستثمار وإنشاء الـمؤسسات ودعم الدولة للمشاريع الـمقاولاتية.
وفي نفس هذا الإطار، سيتم تحويل الوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار إلى قطب متخصص لتوجيه المستثمرين الـمحتملين نحو مشاريع واعدة، ومرافقتهم في إنجازها وتوفير الاستشارة لهم في مجال التنظيم والتسيير.
@ التنمية الفلاحية والريفية من أجل السيادة الغذائية
لقد أصبح الرهان الغذائي يثير الـمخاوف من حيث حتمية السيادة الوطنية. ويتعلق الأمر بالنسبة لبلادنا بمضاعفة الجهود لضمان تغطية الاحتياجات الغذائية الأساسية من الإنتاج الوطني وضمان ترقية العالم الريفي.
ولهذا الغرض، يظل من الواجب استغلال قدرات كبيرة بما يجعل الفلاحة تقوم بدورها الكامل ضمن استراتيجية التنمية الشاملة. وسيستمر الاهتمام بالتنمية الريفية وبعث الحياة من جديد في الفضاءات الريفية في إطار مسعى مندمج وقطاعي مشترك.
وسيهدف العمل في هذا الاتجاه على مدى الخماسية، في رفع الـمساحة الفلاحية الـصالحة بمليون هكتار إضافي عبر تثمين مساحات جديدة ولاسيما في الهضاب العليا والجنوب. كما ستتم مضاعفة الـمساحات الـمسقية لتبلغ في أفق 2019، خمسة وعشرين بالـمائة من الأراضي الـمستثمرة.
وفي هذا الإطار، فإن حماية الأملاك الغابية وتوسيعها، وتنمية السهوب، والحفاظ على النظم البيئية الطبيعية ومكافحة انجراف التربة والتصحر، ستستفيد من أولوية عالية الـمستوى.
وبما أن الدعم العمومي سينصب أيضا على معركة الـمردودية، فإن البحث الزراعي في هذا الإطار، سيستفيد من وسائل إضافية وسيوجه نحو تطوير أنواع وعينات ذات مردودية مرتفعة. فضلا عن ذلك، فإن التعميم الفلاحي سيكون تلقائيا مثلما سيتم تعزيز دعم الإنتاج. ويتعلق الأمر برفع الإنتاجية في فروع استراتيجية مثل الحبوب، واللحوم الحمراء والألبان والبقول الجافة.
وسيتم إيلاء عناية جد خاصة بتكوين الشباب وإدماجهم بفضل تسهيل حصولهم على أراض فلاحية ومرافقتهم في مباشرة وتطوير مستثمراتهم.
وفي نفس هذا الإطار، سيتم ضبط الأسواق الفلاحية والصناعة الغذائية من حيث مناهجها وتوسيع مجال تطبيقها بغرض ضمان مداخيل لائقة للمنتجين مع الحفاظ في نفس الوقت على القدرة الشرائية للمواطنين. زيارة على ذلك، فإن علاقات التكامل بين الفلاحين والـمربين من جهة، والصناعات التحويلية من جهة أخرى، سيتم تشجيعها.
وجدير بالإشارة أن الـمساهمة الـمالية للدولة في التنمية الفلاحية والريفية التي تقدر حاليا بمبلغ 200 مليار دينار في السنة، ستنتقل إلى 300 مليار دينار في السنة بالنسبة للبرنامج الخماسي الجديد.
@• الصيد البحري وتربية الـمائيات
بهذا الشأن، وقصد الـمساهمة في الأمن الغذائي للبلاد، فإن جهد تأهيل المنشآت المرفئية وضبطها، سيتم تكثيفه بهدف مضاعفة الإنتاج الوطني للصيد البحري وتربية الـمائيات مع السهر على صون الأملاك البحرية الوطنية، واحترام الـمعايير البيئية وحماية القدرة الشرائية للمستهلك الوطني.
وسينصب دعم الاستثمار في هذا الفرع من النشاط، على الصيد البحري، والصيد التقليدي وتربية الـمائيات، وكذا على الصناعات القبلية.
@• الـطـــاقــة
إن الأمر يتعلق بقطاع حيوي من الـمفروض أن يستجيب للاحتياجات الوطنية الطاقوية، وتمويل برامج تنويع اقتصادنا والمساهمة في التنمية الـمستدامة.
وبهذا الخصوص، سيتم تكثيف الجهد الوطني في نشاطات التنقيب والبحث قصد ضمان أمننا الطاقوي من خلال رفع احتياطاتنا من الـمحروقات وتثمين الأملاك الـمنجمية الوطنية.
علاوة على ذلك، سيتم التركيز خصوصا على تطوير الصناعات البتروكيماوية الأساسية بالنظر إلى قدرتها الـمدمجة بالنسبة لإنشاء نسيج صناعي متنوع.
واعتبارا لتطور حاجيات العائلات ومشاريع الـمستقبل الـمتعلقة بالطلب الناجم عن تنفيذ استراتيجيتنا الصناعية، ستولى عناية فائقة لإنجاز برنامج 2012 ـ 2017 في آجاله، لتوسيع قدراتنا الإنتاجية للكهرباء وبرامج إعادة تأهيل بناء مصافٍ للتكرير.
كما سيتم الانطلاق في البرنامج الوطني لتطوير الطاقات الجديدة والـمتجددة والفعالية الطاقوية، بكل مكوناته، من أجل رفع مساهمة حصة الطاقات الـمتجددة في الاستهلاك، من جهة، والتصنيع في البلاد عبر تطوير القدرات التكنولوجية وصناعة التجهيزات التي يتطلبها هذا البرنامج، من جهة أخرى.
وجدير بالذكر، أن لجنة وطنية للتنمية الـمستدامة سيتم تأسيسها، من أجل القيام، على ضوء التطورات الوطنية والدولية، بتقديم اقتراحات حول الأمن الطاقوي لبلادنا على الـمدى البعيد، والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر.
4 ـ تعزيز روابط التضامن الاجتماعي
@• سياسة السكن
سيتواصل دعم الدولة لهذا القطاع من أجل القضاء نهائيا، قبل نهاية الخماسية، على العجز الـمسجل في الـمساكن.
فعلاوة على إنجاز البرامج العمومية للمساكن الإيجارية، والـمساكن الحضرية الترقوية، والـمساكن الريفية الـمدعمة من قبل الدولة، فإن برنامجي السكن بصيغة البيع بالإيجار والسكن العمومي الترقوي سيتم توسيعهما بما يستجيب استجابة كاملة لـمجمل الـمرشحين القابلين للاستفادة منهما. ولذلك، سيتم تلقائيا تنفيذ مسعى لتعبئة قدراتنا الوطنية للإنجاز ودعم تطويرها.
وسيتم تعزيز الشفافية والعدالة في توزيع الـمساكن الاجتماعية، كما سيتم ضمان تخصيص جزء مناسب من هذه الـمساكن إلى الفئات الشبانية.
@ حماية الفئات الضعيفة
سيتواصل ضمان التكفل بالعائلات الـمعوزة من ميزانية الدولة. كما سيتم تعزيز وتحسين قدرات التكفل الإقامي وغير الإقامي بالأشخاص الـمسنين عديمي الدخل.
وسيتم أيضا تحسين التكفل بالاحتياجات الخاصة بالـمعوقين، سواء تعلق الأمر بالتربية والتعليم الـمتخصص للأطفال أو تعلق بالخدمات الاجتماعية أو الإدماج الاجتماعي الـمهني. مثلما سيتم تعزيز سياسة حماية الأطفال الـمحرومين من العائلات والقصر الـمسعفين.
@• ضمان ديمومة المنظومة الوطنية للتقاعد
سيستفيد المتقاعدون وذووهم من عناية شاكرة تقر بعطائهم. حيث سيتواصل سنويا اقتطاع 2 بالمائة من الجباية البترولية لتزويد الصندوق الوطني لاحتياطات التقاعد، بما يضمن ديمومة المنظومة الوطنية للتقاعد.
5 ـ الجالية الجزائرية في الخارج
سيتم تكثيف العمل تجاه جاليتنا في الخارج في أبعاده الثلاثة الـمتمثلة في حماية مصالحها وصون كرامتها، وتوثيق ارتباطاتها مع الوطن في كل ميادين الحياة الثقافية والاجتماعية، وتعبئة قدرتها العلمية والاقتصادية في خدمة الرقي والتنمية الوطنية.
وعلى الـمدى القصير، سيتم تشجيعها كمرحلة أولى في مسار تنظيمها بتجميع الـمقاولين والجالية العلمية والتقنية الجزائرية في الخارج في جمعيات كفيلة بأن تكون وسيطا للسلطات الوطنية الـمختصة والـمؤسسات الوطنية. وستشكل هذه الجمعيات النواة الأولى لـمجلس تمثيلي يتعين إقامته قبل نهاية الخماسية.
وسيتم تجنيد الشبكة الدبلوماسية والقنصلية تجنيدا كاملا لكي تكون في إصغاء لـجاليتنا، وتلبية حاجياتها وتوصيل اقتراحاتها في إطار شراكة ستتعلق بإنشاء مؤسسات وأخذ مساهمات في شركات جزائرية، وتحويل الكفاءات التكنولوجية والتسييرية وإنشاء أقطاب تنافسية.
وبصفتها قوة حية للأمة، فإن الجالية الجزائرية في الخارج، بوسعها أن تساهم مساهمة قيمة في مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي والعلمي والثقافي، مع الحفاظ على وضعها في بلدان الاستقبال. ولهذا الغرض، سيتم وضع طرق تنظيمية وتفاعلية مبتكرة.
@ عن تنفيذ برنامج النمو
سيتم إعداد مخطط خماسي 2014 - 2019 من أجل نمو قوي ومتواصل، ووضعه حيز التنفيذ وذلك بغية تحقيق الأهداف المسطرة في هذا البرنامج.
وسيوجه هذا البرنامج لتثمين العبر الـمستخلصة من الـمخططات السابقة، وسيرتكز على استراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد ومتناسقة، حيث سيكون موضوع استشارة واسعة مع الأطراف الفاعلة. وسيتم تعزيز الإطار المؤسساتي لتنفيذه، كما سيتم إدخال مساعٍ تشاركية متجددة، وكذا، وضع آليات دورية للتقييم.
أما الهدف الـمتوخى من هذا البرنامج، فيتمثل في تحقيق نسبة سنوية من النمو الاقتصادي تصل إلى 7%، قصد مواصلة تقليص نسبة البطالة ورفع مستوى معيشة الـمواطنين.
وستتمثل محاوره الأساسية في الآتي:
@ ديمومة الـمكاسب التي حققتها المخططات السابقة من خلال ضمان التحكم في صيانة وتسيير الـمنشآت التي تم استلامها؛
@ تحقيق قفزة نوعية في تهيئة الإقليم عبر، ذكرا لا حصرا، إنجاز الطريق السيار للهضاب العليا، وخطوط للسكك الحديدية في الجنوب، وتحويلات الـمياه من أجل توزيع أفضل لهذا الـمورد بين الـمناطق وتطوير النقل الجوي؛
@• حل مسألة السكن بصفة نهائية؛
@ تسريع وتيرة الاستثمارات في الفلاحة والصناعة والسياحة والصناعة التقليدية، بما في ذلك من خلال تطوير عمليات شراكة عمومية ـ خاصة على الصعيد الوطني ومع الخارج؛
@ تثمين الرصيد البشري بشكل أمثل ضمن أفق التطور العلمي والتقني وولوج مجتمع الـمعلومات والاقتصاد الرقمي؛
@ السياسة الخارجية
يندرج النشاط الدولي للجزائر ضمن امتداد الـمسعى الذي انتهج في هذه السنوات الأخيرة في مجال السلم والأمن، والشراكات الاستراتيجية والتضامن في الفضاءات التي تنتمي إليها وحيث تستوجب عليها مبادئها ومصالحها مكانة ودورا مرموقين. وسيكون هذا النشاط مطابقا لـميثاق ومبادئ الأمم المتحدة، وكذا مبادئ عدم الانحياز والـمنظمات التي تعد الجزائر طرفا فيها.
وسيكون تعزيز التعاون مع بلدان الساحل أحد الـمحاور التي تحظى بالألوية في السياسة الخارجية، حيث يتعلق الأمر بالـمساهمة مساهمة أفضل في توثيق الأمن والاستقرار في هذه المنطقة في إطار تمسك بلادنا بمبادئ عدم التدخل في شؤون الغير وحسن الجوار والتضامن؛ إذ أن التطورات في منطقة الساحل تؤثر مباشرة على التراب الوطني.
ومن جهة أخرى، ستواصل الجزائر دعمها للشعب الصحراوي من أجل ممارسة حقه الثابت في تقرير مصيره تحت إشراف الأمم المتحدة.
كما ستواصل تقديم دعمها الفعال إلى الشعب الفلسطيني لاستعادة السيادة على دولته وعاصمتها القدس الشريف.
وستظل متمسكة ببعث مسار بناء الصرح الـمغاربي الذي يعد خيارا استراتيجيا دائما لشعوب الـمنطقة وتوثيق روابط الأخوة والتعاون مع بلدان الـمنطقة.
وستعمل على إعطاء دفع للحوار السياسي مع كل البلدان العربية من أجل الـمساهمة في بعث العمل الـمشترك في خدمة الـمصالح العليا للشعوب العربية والأمن القومي العربي.
كما ستواصل تعميق التعاون الثنائي مع البلدان العربية التي لاتزال تزخر بقدرة معتبرة على عقد عمليات شراكة ذات فوائد متبادلة. مثلما ستستمر في تجسيد الشراكة الـملموسة والتضامن بين المجموعتين الإفريقية والعربية.
بل إن الجزائر ستعمل كل ما من شأنه أن يسمح بتقدم الأجندة الإفريقية في مجال السلم والأمن، وتحسين الحكامة، والاندماج الجهوي والقاري، وتطوير روابط لشراكة نوعية مع شركائها التقليديين وكذا مع آسيا، وأمريكا الجنوبية والبلدان الناشئة.
وستبذل جهدها لتطوير علاقات الأخوة والتعاون مع البلدان الإفريقية في كافة الـمجالات، وفي سبيل تعزيز الاتحاد الإفريقي.
كما ستواصل بذل جهودها في فائدة السلم والاستقرار والتعاون في حوض الـمتوسط.
أما الاتحاد الأوروبي، فسيتم تكثيف التعاون معه بما في ذلك التفاعل في إطار السياسة الأوروبية الـمتجددة للجوار، بما يفضي في أفق سنة 2020، إلى تجسيد منطقة التبادل الحر بين الجزائر وأوروبا ضمن شروط الإنصاف في الـمزايا.
كما ستولى عناية متواصلة لتعميق وتنويع التعاون مع البلدان الأوروبية الخارجة عن الاتحاد الأوروبي.
وبالنسبة لبلدان أمريكا والكراييب وآسيا وأوقيانوسيا، فإن الجزائر التي تقيم معها علاقات ودية وتعاون ما انفك يتميز بمزيد من الديناميكية، ستعمل على تطوير هذه العلاقات على صعيد التشاور السياسي وعلى صعيد الروابط الاقتصادية والثقافية.
وستواصل إجراء الـمفاوضات من أجل الانضمام إلى الـمنظمة العالمية للتجارة بهدف التوصل إلى اتفاق شامل يأخذ في الحسبان القيود الـموضوعية الـمرتبطة بالـمرحلة الراهنة لبناء اقتصادنا.
وانطلاقا من تجربتها القوية وقدرتها على الاقتراح الـمعترف بها، ستواصل الجزائر أيضا مساهماتها ضمن الأطر متعددة الأطراف ذات الصلة بالتحديات الشاملة: مكافحة الإرهاب والاتجار بالـمخدرات وغيرهما من أشكال الجريمة الـمنظمة، والتحكم في العولمة، والتغيرات الـمناخية، ونزع السلاح، وحوار الحضارات، والحكامة العالـمية.
وخلاصة القول،
فإن هذا البرنامج الـمتعلق بالعهدة القادمة، من شأنه أن يقر التغييرات التي أصبحت ضرورية بفعل التطور الذي تشهده بلادنا في الـميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولهذا، فإنه يقترح تجديد مسعانا من أجل مواصلة عملنا في مجال تحديث مؤسساتنا ومجتمعنا واقتصادنا.
وقد أريد له أن يكون انعكاسا لطموحات شعبنا وتطلعاته الجديدة إلى ما يجعله فاعلا حقيقيا في مستقبل يسوده الازدهار والعدالة والإنصاف.
ولا شك أن تنفيذ هذا البرنامج مع انخراط الجميع وجهودهم سيجسد لا محالة الرؤية إلى جزائر قوية مزدهرة في كنف التآخي.