يفرض التصور القائم المبني على خوض إصلاحات جذرية وعميقة في الحياة الاقتصادية، تحرير الموارد وإتاحة المزيد منها لضخها في الآلة الإنتاجية، ومن المصادر التي يمكن التعويل عليها لإحداث الانفراج في تدفق السيولة، توسيع الوعاء الضريبي لتجاوز شح الموارد المالية، لكن ما زالت بعض الاختلالات تتغلغل في قلب المنظومة الجبائية المعروفة بأن نظامها «تصريحي» معرض للتحايل والغش، في وقت مازالت إدارة هذا الجهاز تفتقد إلى الآليات التقنية الحديثة، ولا تتوفر على الأدوات المادية الكافية، لتحصيل يتناسب مع الأموال المتداولة في منصة النشاطين التجاري والاقتصادي.
الضريبة على إجمالي الدخل تحتل نسبة 23 بالمائة، لأن تحصيلها دقيق ومنتظم، بفضل ارتكازها على نظام الخصم من المنبع، أما التحصيل الضريبي المتأتي من نشاط التجار والمتعاملين الاقتصاديين، يبقى جزء كبير منه لا تصل إليه أعين الرقابة، بسبب غياب الميكانيزمات اللازمة، في سوق مفتوح على نشاط مواز حيوي، العدو الخفي، فلا يمكن الاستمرار في غض الطرف، وتجاهل مسار ثروته بعيدا عن اتجاهها الطبيعي والسليم، لأن الظرف يحتم تجنيد جميع الموارد، لاستغلالها في الدورة الإنتاجية لخلق القيمة المضافة، والتخفيف من تداعيات الصدمة النفطية.
الجباية من الحلول الواقعية المطمئنة التي تمنح نفسا قويا في تمويل الاقتصاد، ولاستيعاب كل ما يوجد خارج سيطرة المنظومة المالية، يجب الشروع في تكييف النصوص التشريعية، لتحسين آلية التحصيل عبر ميكانزمات فعالة، تدعم بالمعلومة الإحصائية الدقيقة، لتوسيع نطاق الوعاء الضريبي وتبسيط أطره، حتى تكون الممارسة للأعوان من دون قيد أو عراقيل، قد تؤثر على أداء مهامهم على أكمل وجه، و لتمكينهم من مكافحة الغش الضريبي الذي يستشري بطرق احتيالية أو عبر التهرب الجبائي.
المورد البشري في قطاع الضرائب يتطلع لتوسيع نطاق الرقابة وتعميق تحدي التحصيل، ولتعزيز دوره يحتاج إلى التكوين المستمر، وتوفير حماية أكبر، ودعمه بالمعلومة الصحيحة والشاملة، التي تتطلب إعداد بطاقية وطنية لقطاع الضرائب، وإرساء نظام صارم للفوترة، بل هناك من يعتقد أن طرق إخضاع الضريبة وتأسيسها، يحتاج هيكلها إلى تحديث ومراجعة جذرية لتجاوز أي خطأ، بمعنى تجنب الوقوع في فخ سوء التقدير.