ثوابت ومتغيّرات

بقلم: فنيدس بن بلة
02 فيفري 2020

تطابق كلي في وجهات النظر بين الجزائر وتونس للدفع بالعلاقات الثنائية إلى الأبعد والمرافقة دبلوماسيا في تسوية قضايا راهنة، منها بالخصوص ما يجري في ليبيا، والجهود المضنية التي تبذل لحل الأزمة سياسيا، يتولاها الفرقاء ولا يقبل فيها أي تهديد باستعمال القوة والتدخل الخارجي، دون نسيان قضية العرب الأولى، فلسطين، الني تتعرض لأخطر مناورة ومؤامرة، في محاولة يائسة لإجهاضها ضمن ما يسمى بـ»صفقة القرن».
هذا ملخص ما تضمنته المحادثات بين الرئيسين تبون وقيس، الذي اختار الجزائر وجهة أولى، ملتزما بوعده الانتخابي ووفاءً للعلاقات المتميزة بين البلدين، تجسدها اتفاقات تعاون ومذكرة تفاهم في مجالات حيوية تبقي على ثوابت الروابط الاستراتيجية الثنائية في محيط إقليمي متغيّر وتحديات تفرض التنسيق والعمل المشترك.
بشأن الملف الليبي، جدّدت الجزائر التأكيد على موقفها المبدئي الثابت، الذي رافعت من أجله عبر المنابر والندوات، متمسكة بدعم المسعى الأممي في تهيئة المناخ للإخوة الفرقاء في ليبيا للجلوس حول طاولة واحدة وتدارس القضايا الساخنة بحوار هادئ توافقي، يضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، دون اتكال على أطراف خارجية، تضرب على التناقضات وتخوض حربا بالوكالة غايتها الإبقاء على الوضع السياسي مهترئا وأزمة تزداد حدّة.
يستند موقف الجزائر تجاه الملف الليبي إلى تجربة سابقة نجحت فيها في مرافقة العمل السياسي لعلاج تعقيدات دول الجوار، حيث كانت محطة استقطاب لجولات الحوار المالي، أفضى إلى اتفاق سلام ومصالحة تحرص الأطراف المعنية على الالتزام به في سبيل استقرار بماكو. كما كانت محطة لجولات مفاوضات ليبية- ليبية، تأمل أن تستأنف قريبا للخروج بنتيجة تخدم استقرار البلد الجار الشقيق.
فيما يخص القضية الفلسطينية، انصبّ موقف الجزائر وتونس على المعطى الثابت، المتمثل في مساندة غير مشروطة لحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، تطبيقا للوائح الأمم المتحدة والقانون الدولي، مؤكديْن أن هذا الحق غير قابل للتصرف، وأن ما يروّج عن «صفقة القرن» هو محاولة يائسة لفرض أمر واقع، لا يخدم السلام المنشود.
الجزائر أكدت دوما وفاءها لسياستها الخارجية المساندة، دون قيد أو شرط، للقضية الأم، معتبرة أن المنطقة العربية لن تنعم بالسلام والاستقرار مادام حق الفلسطيني مهضوما وصرخته للانعتاق والحرية واستعادة السيادة الوطنية لا تسمع ولا يُستجاب لها. إنه صوت دوّى في الجمعية العامة الأممية، التي ترأستها الجزائر عام 1974، وزاد دويا بإعلان قيام  الدولة الفلسطينية من الجزائر عام 1988، التي تسعى جاهدة لانتزاع الاعتراف والإقرار به على أرض الواقع، متحدية مناورات ومؤامرات ولو كانت «صفقة القرن».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024