التقى أمس، رجال الفكر، العلوم، الفن والثقافة والمال والأعمال، ذوي التجارب الناجحة في المنتدى الدولي «فكرة» بفندق الأوراسي بالعاصمة، وأعطوا رؤيتهم الخاصة للتفاؤل وكيفية المضي قدما نحو مستقبل أفضل، يقوده الشباب أصحاب المشاريع والأفكار.
انعقدت الدور الثانية للندوة الدولية المخصصة لتبادل الأفكار واستشراف مستقبل البلاد، انطلاقا مما يستطيع انجازه كل فرد مؤمن بقدراته وإمكاناته، تحت رعاية الوزير الأول عبد المالك سلال، وناب عنه خلال الإشراف على أشغال الافتتاح، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد بن مرادي، الذي أثنى على «التفاؤل» المقترح كشعار رئيسي لها.
وقال أنه ليس أفضل من التفاؤل في عالمنا اليوم المتميز بالتناقضات والضغوطات والخوف من المستقبل، وأن الايجابية والتطلع إلى غد أفضل، كانت دائما قيما أصيلة لدى المجتمع الجزائري، من خلال إيمان شبابه في ال50 من القرن الماضي بقدرته على الانتصار على الاستعمار ونيل الاستقلال، وتفاؤله سنوات الـ90 بالخروج من العشرية السوداء ويقينه بأهمية المصالحة الوطنية والوئام لبناء جزائر قوية وآمنة.
وأكد في المقابل»أن عصر العولمة الذي نعيشه يتطلب يقظة ووعي ايجابي بأهمية التحديات، وتكييف الجهود من اجل تجاوزها» مفيدا «أن التأسيس لغد أفضل خيار تضعه الدولة» ليشير بعدها الى القيمة التي توليها الدولة لرأس المال البشري، باعتباره المحرك الأساسي للمؤسسة والاقتصاد الناجح.
وقال الوزير بن مرادي، أن الكفاءات البشرية بخلاف أصول المؤسسات غير قابلة للتبادل في عالم التبادل الحر، لأنها الوحيدة القادرة على خلق القيمة المضافة، وأدركت الشركات أن رأس مالها الفكر والمعرفة وليس الأصول المادية، فالمهارات المعرفية هي القادرة الوحيدة على ضمان الإنتاج يؤكد ذات المسؤول.
واستعرض بن مرادي جهود الدولة الجزائرية، لتنمية مواردها البشرية من خلال سعيها الدؤوب لاستدراك التأخر بجعل التربية والعلم من أهم أولوياتها، «فكانت المجانية والمنشآت من المحاور الأساسية في مختلف البرامج والمخططات من اجل منح شبابنا أفضل الوسائل للتعلم وتطوير المهارات المعرفية والتكنولوجية».
ولفت بن مرادي إلى أن السلطات عملت على تطوير نظامي التكوين والتمهين لخدمة المؤسسات، كما أعدت سياسة وطنية للبحث والتعليم في قطاع التعليم العالي لترقية المنظومة إلى المعايير الدولية، مع توسيع استعمالات تكنولوجيات الإعلام والاتصال لتوفير فرص جديدة للشغل.
ووصف المتحدث برنامج المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالبرنامج الطموح الذي يتيح للشباب أصحاب المشاريع التعلم المستمر واكتساب سلوكيات رجال الأعمال، والاندماج في عالم الشغل، وقال أنها تشكل أرضية هامة للاقتصاد الوطني وبديل عملي في حالة تراجع الاستثمارات الكبرى، وستتيح لهم من خلال مختلف القروض الميسرة والتسهيلات الجبائية من تطوير العمل بالبلاد وقدراتهم.
نماذج النجاح يقدمون رؤيتهم للتفاؤل
قدم المشاركون في المنتدى الدولي «فكرة» رؤيتهم للتفاؤل، الذي اختير عنوانا للدورة، بعدما استعرض هؤلاء الذي قدموا من مختلف البلدان الأوروبية والعربية إلى جانب بعض الأدمغة الجزائرية المتواجدة ببلاد المهجر تجاربهم وتفوقهم في مختلف المشاريع.
قاعدتهم جميعا كانت» الثقة والاعتقاد بعدم وجود مستحيل»، وشرح ذلك كزافي فان دير ستبان، الانثروبولوجي البلجيكي الذي اخترع سيارة كهربائية صديقة للبيئة سافر بها من داكار إلى بروكسل سنة 1988، وقال «عندما نكون أمام مشكل جميعا فلا خيار أمامنا إلا الاعتقاد أن هناك حل أكيد يجب علينا إيجاده وتطبيقه على أرض الواقع، وقال أن الجزائر لديها إمكانيات بشرية ومادية كبرى لتحقق التقدم في جميع المجالات والشباب بإمكانه فعل ذلك.
وبالنسبة لسليم عثماني رئيس مجلس إدارة شركة رويبة للمشروبات، لا يجب إضاعة الوقت في طرح السؤال كيف ننجح ونغير الواقع؟ وإنما الشروع في العمل مباشرة على الهدف الذي بدأ كفكرة أو حلم، ولا ينبغي حسبه الاختباء وراء العراقيل البيروقراطية أو ما شابه، وكلما كانت حواجز كلما كان الاستعداد للقفز فوقها.
أما المفكر مصطفة شريف، فيرى أن التفاؤل يعني الامتياز، والبحث عن إنجاز كل ما هو مفيد ومثال للمجتمع والدولة والحضارة الإنسانية، بالاعتماد على العلم والمعرفة، والانفتاح ومنح الفرص للشباب. ولم يختلف عنه العالم الفيزيائي الفرنسي بيار كولي، عندما قال أن التفاؤل بالنسبة له يعني الشباب، أكد أن الأنظمة التعليمية منوطة بالانتقال إلى تعليم الأطفال كيفية الإبداع والاختراع أكثر من حل المشاكل البسيطة المقررة في البرنامج الدراسي.