كلمة الرئيس الشاذلي بن جديد أمام المجلس الدستوري ١١/٠١/١٩٩٢ التي أعلن فيها عن استقالته من منصب رئيس الجمهورية الديمقراطية الشعبية
نص الخطاب كاملا:
«..أيها الإخوة، أيتها الأخوات، أيها المواطنون، لا شك أنكم تعلمون بأنني لم أكن راغبا في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية غداة وفاة الرئيس الراحل «هواري بومدين»، وما قبولي بالترشح إلا نزولا عند رغبة وإلحاح رفقائي، ويومها لم أكن أجهل بأنها مسؤولية ثقيلة وشرفا عظيما في آن واحد.
ومنذ ذلك الحين، وأنا أحاول القيام بمهامي بكل ما يمليه على ضميري وواجبي وكانت قناعتي أنه يتعين تمكين الشعب الجزائري من الوسيلة التي يعبر بواسطتها عن كامل ارادته، لا سيما وأن هذا الشعب الجزائري سبق له أن دفع ثمنا باهضا من أجل استرجاع مكانته على الساحة الدولية، لذا فبمجرد أن تهيأت الظروف عملت على فتح المسار الديمقراطي الضروري لتكملة مكتسبات الثورة التحريرية.
وها نحن اليوم نعيش ممارسة ديمقراطية تعددية، تتسم بتجاوزات كثيرة وسط محيط تطبعه تيارات جد متصارعة، وهكذا فإن الإجراءات المتخذة والمناهج المطالب باستعمالها لتسوية مشاكلنا، قد بلغت اليوم حد لا يمكن تجاوزه دون المساس الخطير والوشيك بالانسجام الوطني والحفاظ على النظام العام والوحدة الوطنية.
وأمام حجم هذا الخطر الداهم، فإنني أعتبر في قرارتي نفسي وضميري بأن المبادرات المتخذة ليس بإمكانها ضمان السلم والوفاق بين المواطنين في الوقت الراهن، وأمام هذه المستجدات الخطيرة، فكرت طويلا في الوضع المتأزم والحلول الممكنة، وكانت النتيجة الوحيدة التي توصلت إليها هي أنه لا يمكنني الاستمرار في الممارسة الكلية في مهامي دون الإخلال بالعهد المقدس الذي عاهدت به الأمة، ووعيا مني بمسؤولياتي في هذا الظرف التاريخي الذي يجتازه وطننا، فإنني أعتبر الحل الوحيد للأزمة الحالية يكمن في ضرورة انسحابي من الساحة السياسية، ولهذا أيها الأخوة وأيتها الأخوات، أيها المواطنون، فإنه ابتداء من اليوم، أتخلى عن مهام رئيس الجمهورية وأطلب من كل واحد ومن الجميع اعتبار هذا القرار تضحية مني في سبيل المصلحة العليا للأمة.
تحيا الجزائر والمجد والخلود لشهدائنا
الشاذلي بن جديد الجزائر ٠٦ رجب ١٤١٢ الموافق لـ١١ جانفي ١٩٩٢