أرخيلة: مجازر 8 ماي 1945 جريمة دولة وإبادة جماعية لشعب أعزل

سهام بوعموشة

صف المحامي والباحث في الحركة الوطنية عامر أرخيلة، ما اقترفته فرنسا وصف المحامي والباحث في الحركة الوطنية عامر أرخيلة، مجازر في الثامن ماي 1945 بأنه جريمة دولة وإبادة جماعية لشعب أعزل، لأن جيش نظامي هو من اقترفها باسم الدولة الفرنسية،  حسب ما ينص عليه القانون الدولي، مشيرا إلى أن فرنسا ألغت كيان الدولة الجزائرية واعتبرتها مستوطنة تابعة لها.

أكد أرخيلة لدى نزوله ضيفا اليوم على جريدة "الشعب"، أن السلطات الفرنسية دأبت على وصف جريمتها بالحوادث والحرص على حصرها في يوم واحد وهو 8 ماي 1945، وفي مدن ثلاث قالمة، خراطة، سطيف وحسبه فإنها مغالطة التاريخية التي أريد لنا إعادة إنتاجها في كتبنا المدرسية والتاريخية وترديدها كلما حلت الذكرى، مما يمثل قفزا على الحقيقة ومس بتضحيات ومعاناة شعبنا.

 وتاسف على أن المؤرخين والساسة والمشتغلين في الإعلام، يعيدون اجترار ما قالته فرنسا من مصطلحات لا تؤدي المعني الحقيقي لما إقترفته من جرائم بوصف مجازر الثامن ماي مجرد أحداث، وهو تمييع في ذكر الأحداث، والذي بدأ في جوان 1945 في صدور الجريدة الرسمية قائلا أن المشكلة هي حرص فرنسا في سجلات الحالة المدنية، على تركها دون تطهير لأنه لم يتم تقييد الوفيات أو الضحايا في سجلات الحالة المدنية.

 وأضاف أن هذه المسألة ظلت مطروحة إلى غاية 1952 حاولت فرنسا تشكيل لجنة سرعان ما تراجعت عنها،  لذلك نجد في الحالة المدنية الجزائرية الكثير من الجزائريين سقطوا في ماي 1945 وظلوا أحياء إلى غاية سبعينات وثمانينات القرن الماضي، مما خلق إشكالات بالنسبة للأسرة من ناحية الميراث، الحالة المدنية، وكذا التعامل مع الوثائق التي تستوجب شهادة الوفاة، كما أن هناك من سجن في 1945 وبقي إلى غاية 1962.

وفي هذا الإطار أبرز الباحث في التاريخ، أنالوصف القانوني لهذه المجازر هو إبادة لأن الفاعل هو جيش نظامي معناه أنها جريمة دولة، كما أنه نتيجة المعادلة الدولية التي سادت والمتحكمة في العلاقات الدولية إلى جانب دول الحلف الأطلسي، حالت دون استمرار المحاكمات التي انطلقت في 1948 و1949، ضد أقطاب النازية دون أن تمتد هذه المحاكمات إلى جنرالات فرنسا الذين أمروا بالعمليات، ويتباهون بأنهم امتداد لأجدادهم، وأنهم أحفاد هؤلاء الجنرالات الذين ارتكبوا مجازر في حق الجزائريين.

وفيما يخص موقف القانون من القضاء على انتفاضة سلمية، أوضح أرخيلة أن القانون ننظر إليه من شقين الأول على المستوى الفرنسي في ميثاقها وقانونها وإعلانها لحقوق الإنسان  المنبثقة عن الثورة الفرنسية سنة1789، بحيث كانت تسعى لإعطاءه بعد عالمي، مضيفا أن حرية التعبير بأشكالها المختلفة"المسيرات السلمية، المظاهرات"  حق من حقوق الأشخاص، وقد نص عليه ميثاق الأمم المتحدة المصادق عليه في أكتوبر 1945 والإعلان العالمي لحقوق الإنسان في ديسمبر 1948، هي مضمونة قانونا سواء على مستوى القانون الداخلي للدولة أو القانون الدولي.

 لكن للأسف قال الباحث في التاريخ أن، المعادلة الدولية التي سادت بعد 1945 كرست الكيل بمكيالين، مذكرا أن فرنسا كدولة استعمارية تراهن على بقاء إمبراطوريتها ، كون قوتها في العالم مرهونة بالحفاظ على مواقعها في الدول التي استعمرتها، ثانيا أن الجزائر كانت مستوطنة بالنسبة لفرنسا معناه إلغاء كيان الدولة الجزائرية، وإلحاقها بقوة القانون الفرنسي وليس بقوة الواقع أو الجغرافيا أو التاريخ والحضارة لدرجة تكريس الجزائر جزء من فرنسا.

وأضاف أن هذا تم بمقتضى لجنة إفريقيا التي تأسست سنة 1838 للتحري عن الجزائر، التي قدمت تقريرها وعلى  إثرها أصدر ملك فرنسا مرسوم ملكي بمقتضاه  يلحق الجزائر بفرنسا سنة 1834، كما أدرج  المؤسس الدستوري في مادته 109 سنة 1848 الجزائر جزء لا يتجزأ من فرنسا، وختمت السلطة التشريعية من خلال إصدار الجمعية الوطنية الفرنسية سنة 1863 بقانون سمي قانون "سيناتوس كونسيلت" بمقتضاه ألحقت الجزائر بفرنسا.

ما يجري في فلسطين والصحراء الغربية دليل على عدم عدالة القانون الدولي

وحسب أرخيلة أن، ما قامت به فرنسي يدخل ضمن ميثاق الأمم المتحدة التي كرست مبدأ عدم أحقية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة التدخل، في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء قائلا أن الجزائر بالنسبة للمجتمع الدولي طبقا لهذه المادة هي شأن داخلي فرنسي، فيما بعد موقف القانون الدولي من الثورة الجزائرية المبني على أساس امتداد المجتمع الدولي لما أقره من لوائح لكن لم تنفذ، مشيرا إلى أن  ما يجري في فلسطين والصحراء الغربية دليل على عدم عدالة القانون الدولي.   

وفي رده عن سؤال حول مكانة مجازر ال8 ماي 1945 في الكتابات الأدبية، قال أرخيلة أن ما عرفته الثورة وقبلها المجازر هي مادة يمكن لأي لون من الألوان الأدبية والفكرية، السياسية والتاريخية أن تكتب فيها، مشيرا إلى صدور قصص صغيرة حول المجازر والمعارك، على مستوى المحلي تروي شهادات عيان لمجاهدين كانوا صناع تلك الأحداث، وهي كتابات موجودة على مستوى جامعة سطيف يمكن أن تكون بمثابة سيناريو لفيلم، وحسبه فإن نقل الشهادات الحية تحتاج لتشجيع أكبر.

وأكد في هذا السياق، أن الكتابات الأدبية تلعب دور كبير في شحذ الأذهان والحفاظ على الصور ومساعدة المؤرخ على استخلاص بعض الوقائع الحقيقية، والشعر كذلك، كما أن الأدب بمختلف ألوانه يمثل مادة خام للباحثين، ويمكن من خلالها قراءة وتحليل وإبراز الوقائع التاريخية وجرائم الإدارة الاستعمارية التي تميز بين البشر والحيوان والنبات في قصفها للمدن والمداشر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024