أكّد مدير الصحة والسكان بولاية تيبازة “جسيم عمراني” على أن مصالحه بصدد إعداد قوائم اسمية للصيادلة حاليا لإعداد برنامج مداومة ليلية متواصلة عبر مختلف البلديات تطبيقا لتعليمة وزير القطاع الواردة مؤخرا مشيرا إلى أنّ مصالحه تحفّز المستثمرين الشباب حاليا لفتح صيدليات ببعض البلديات النائية التي لا تزال تفتقد لمثل هذه المرافق الصحية الضرورية.
وفي ذات السياق، قال مدير القطاع بأنّ الولاية تحوز حاليا على 219 صيدلية مقابل 28 بلدية وتبقى بعض البلديات بالرغم من ذلك محرومة من خدمات الصيادلة ومن ثمّ، فإنّ مساع حثيثة يتم بذلها حاليا لتحفيز المستثمرين على فتح صيدليات جديدة بذات البلديات بغرض تقديم خدمة صحية أحسن للمواطن موازاة مع إنجاز عدد لا يستهان به من العيادات العمومية عبر مختلف بلديات الولاية، كما لمّح مدير القطاع الى أنّ المناوبة الليلية يضمنها حاليا عديد الصيادلة وهي بحاجة إلى تنظيم وبرمجة أكثر فاعلية وتحكما في المستقبل القريب، بحيث يرتقب بأن يشرع في برنامج عملي يعنى بهذا الموضوع بداية الشهر المقبل.
غير أنّ الواقع المعيش يشهد بأنّ ذات المناوبة تشهد تذبذبات ليس من السهل ضبطها بين عشية وضحاها باعتبار الأمر يقتصر حاليا على صيادلة يعدون على أصابع اليدين عبر مختلف بلديات الولاية ويتعلق الأمر بالتحديد بأولئك الذين تقع محلاتهم بالقرب من مقرات الأمن أو ربما الحواجز الأمنية بحيث يحتاط مجمل الصيادلة لعمليات اجرامية محتملة يصعب التحكم في عواقبها، لاسيما فيما يتعلق بالتحكم في تسويق الأدوية المهدئة وكذا الأموال المحصل عليها، فيما يضطر أحد الصيادلة بمدينة فوكة بالتعامل مع زبائنه بالهاتف ليلا مع تقديم الأدوية لهم عن طريق النافذة بالرغم من كون محله لا يبعد عن مقر الشرطة القضائية سوى ببعض الأمتار، فقط في حين لا يجد صيدلي آخر حرجا في ضمان مداومة ليلية دائمة بمحاذاة الحاجز الأمني لمدينة الدواودة بالنظر لتوفر الظروف الأمنية وشروط ممارسة المهنة.
الأمر نفسه بالنسبة لصيدلي آخر ينشط بمدخل مستشفى “فارس يحي” لمدينة القليعة غير بعيد عن نقطة المراقبة التي تبقى على مدار 24 سا تحت حراسة عناصر الأمن، مما يترجم تخوف الصيادلة من التحرشات والغارات الإجرامية المحتملة التي لا تخل منها المنطقة ولا يزال الهاجس الأمني يؤرق العدد الأكبر من الصيادلة الذين يدركون جيّدا عظمة الخدمة المقدمة للزبائن خلال الفترات الليلية، إلا أنّ هؤلاء لا يزالون متخوفين من تعرضهم للسوء بحيث يجتهد العديد من الصيادلة الآخرين بباقي مدن الولاية في تقديم الخدمة للزبائن إلى غاية ساعة متأخرة من الليل تماشيا وحركة المارة فيما يضطر هؤلاء لغلق محلاتهم حين تنقطع حركة المرور ويعمّ الهدوء أرجاء المدن ومنهم من يداوم على العمل إلى غاية منتصف الليل، كما أنّ آخرين لا يتجاوزون الساعة العاشرة أو الحادية عشر كلّ على حسب موضع عمله، وتبقى خدمة صرف الوصفات للمريض بذلك بحاجة إلى إعادة نظر جذرية من لدن الوصاية.
على صعيد آخر، أجمع مجمل المواطنين من ربوع الولاية على كون عمل الصيادلة يعتبر في الوقت الراهن تجاريا أكثر منه خدماتيا، من ثمّ فقد إقترح معظمهم اعتماد صيدليات عمومية تسند لها مهام صرف الوصفات الطبية داخل العيادات متعددة الخدمات التي تضمن خدمات الاستعجالات وكذلك الأمر بالنسبة للمستشفيات، وحينها لن يجد المريض عقبة أمامة في مسألة اقتناء الدواء خلال الفترات الليلية مشيرين إلى عدم امكانية نجاح مشروع المداومة المقترح من قبل الوصاية باعتبار الصيادلة لا يزالون متخوفين من الهاجس الأمني. كما أنّ العديد منهم قد لا يضمن مناوبته في الكثير من الحالات بالنظر إلى غياب أجهزة المراقبة ومن ثمّ فإنّ هذه الخطوة تعتبر في نظر محدثينا ممن ألفوا نقل المرضى إلى العيادات الصحية خلال الفترات الليلية غير مجدية تماما ولا يمكنها حلّ الاشكال القائم في هذا المجال وقد تكون الخطوة مفيدة وناجعة حينما يتعلق الأمر بالمداومة خلال أيام العطل والأعياد الرسمية خلال الفترات النهارية حين يعمد العديد من الصيادلة إلى غلق محلاتهم دون ضمان الحد الأدنى من الخدمة، ذلك ما وقفنا عليه عن كثب خلال أوّل نوفمبر الجاري وكذلك يوم عاشوراء بالعديد من مدن الولاية، ومن ثمّ فإنّ قضية المداومة التي يصبو القطاع إلى تنظيمها لصالح الزبائن المرضى يرتقب بأن تجد أمامها عدّة عقبات يستحيل إيجاد حلول لها بين عشية وضحاها.