تجــارة المشروبـــات الطبيعيـة تزدهـر فـــي شهــر رمضــان

دخلاء يقتحمون تحضير «الشاربـات».. والمستهلك يبحـث عـن الأجـود

فضيلة. ب

 

 كلما حلّ شهر الصيام تزدهر تجارة المشروبات وعلى رأسها المشروبات التقليدية المفضلة لدى العديد من الأسر الجزائرية، وعلى وجه التحديد الشاربات المنعشة، لكن الملاحظ أنّ هذا المشروب لم يعد محتكرا من قبل محترفيه، عندما اقتحم هذه الحرفة العديد من الدخلاء الذين أحيانا يغشّون في عملية التحضير عن طريق استعمال نكهات اصطناعية ومواد حافظة، فكيف يقتني الجزائريون مشروبهم المفضل خاصة التقليدي، وهل يفضّلون شراء لوازمه من السّوق وتحضيره في المنزل أم العكس؟


 يخرج الباعة الموسميون بكثرة إلى سوق تستهلك العصائر والشاربات بمتعة وبشكل يومي، وهذا ما جعل هذه التجارة تتّسع وتنتعش خلال شهر الصيام، وهناك من التجار من يختار بيعها معبأة في قارورات أو أكياس بلاستيكية، وهناك من يمتهنون هذه الحرفة منذ عقود ويشتهرون بمنتوجهم ذو الجودة العالية على اعتبار أنه يُحضّر من الليمون والسّكر بعيدا عن الإضافات، كما تجد عند هذه المحلات عصائر أخرى يحضّرها للمستهلك تحت طلبيته وأمام مرأى منه، مثل عصير البرتقال والفراولة والموز، لكن طبعا أسعار المشروبات يختلف سعرها حسب جودتها، لأنّ تلك المعروضة على الأرصفة ومجهولة مصدر الصنع تسوّق بأسعار منخفضة.
ومن بين المحلاّت التي تعرض مشروبات ذات جودة عالية ومضمونة لأنها ذات تحضير فوري وتحت الطلب، نجد بعضها كائن في بئر مراد رايس وساحة أودان وحيدرة وبن عكنون وبوفاريك وما إلى غير ذلك، لأنها بدأت تنتشر خلال السنوات الأخيرة ويمكن التمييز بين المنتوج الجيّد من الرديء لذوي الخبرة.
وبخصوص قوة رواج المشروب التقليدي المتمثل في تجارة بيع «الشاربات» والذي تشتهر به مدينة الورود البليدة حيث تنتج الحمضيات، وعلى وجه التحديد بوفاريك التي تستقطب الزبائن من مختلف ولايات الوطن خاصة منطقة الوسط، بفضل مذاق الشاربات اللذيذ والمنعش للصائمين في شهر الصيام، ويمكن لزبائن الشاربات التفريق بين المشروع الطبيعي والمقلد المستعمل فيه مواد حافظة ونكهات اصطناعية. ولمعرفة وضعية السوق، تقربت «الشّعب» من التاجر عبد السلام مزياني الذي يمتهن صناعة الشاربات في شهر رمضان وطيلة أشهر السنة خاصة في فصل الصيف، لتتعرّف عن أسرار هذا المشروب التقليدي والعوامل التي تساهم في رواجه، فلم يخف أنه تعلّم تحضير عصير الشاربات من فاكهة الليمون من جدته التي تنحدر من مدينة بوفاريك، وفي البداية قال أنّ منتوجهم طبيعي مائة بالمائة، ويعد هذا العامل، أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت أغلبية الزبائن يختارون الإقبال على ما يعرضه، لأنه في الكثير من الأحيان يكون العرض أكبر من الطلب، حيث تنفد في ذلك اليوم المادة الأولية لتحضير الشاربات قبل حلول فترة المساء.
وتحت ضغط الطلب، صار هذا التاجر يستعين بزوجته ووالدته لمساعدته في تحضير كميات أكبر لتلبية طلب زبائنه الأوفياء، ولم يخف بأنها تجارة مربحة ورائجة، وتتطلّب مقادير محدّدة وموزونة. ومن أسرار نجاح الوصفة قال التاجر مزياني، أنه لا يميل إلى وضع كمية كبيرة من السّكر، وكما يحرص على إضافة القليل من الحليب للتخفيف من حموضة الليمون، وبهدف عدم تأثيرها على الجهاز الهضمي للمستهلك في شهر الصيام. وحذّر هذا التاجر من الشاربات المزيفة التي تعرض لدى بعض الباعة خاصة الفوضويّين المنتشرين عبر الأرصفة، لأنها تحضّر من مواد اصطناعية وملوّن، لا علاقة لها بالشاربات الأصلية، ومن الطبيعي أن تباع بسعر أقل بكثير من أجل جذب الزبائن بثمن منخفض وعرض يبدو استثنائيا.
أما المستهلك عبد النور بوعزة، كان يتأهّب لاقتناء قارورة من الشاربات من سعة 1 لتر، وعندما يزوره الضيوف، يشتري كمية أكبر، وأكّد من جهته بأنه، يتردّد بشكل يومي بعد الخروج من العمل على هذا المحل التجاري، لاقتناء الشاربات، وذكر بثقة أنه لا يمكنه تغيير المحل، على اعتبار أنه تعود على مذاقها اللذيذ، وإلى جانب ذلك يثق كثيرا في التاجر، لأنه زبون وفي، منذ 10 سنوات، وهو يقتني عصيرا طبيعيا لا يستبدله بأيّ شاربات أخرى معروضة في السوق.
والجدير بالإشارة فإنه يوجد العديد من التجار ممّن يعرضون عصير الشاربات، تجدهم يسوقون معها الحلويات الرمضانية من أجل ضمان ربح أوفر، وهذا ما وقفت عليه «الشّعب» في جولة قادتها لبعض محلّات بيع الشاربات، ولم تخف السيدة ياسمينة ذات الأربعة عقود، أنّ زوجها مدمن على «شاربات» و»زلابية» بوفاريك، ويتوجّه من العاصمة إلى هذه المدينة، ثلاث مرات في الأسبوع لاقتناء ما يشتهيه من «زلابية» و»شاربات» بوفاريك، وفي باقي أيام الأسبوع، تتكفّل بنفسها مهمة شراء الشاربات لأنه عصير أساسي وضروري على مائدة الإفطار، بطلب وإلحاح من زوجها وأطفالها، وحسب رأيها فإنّ الشاربات من تنكّه جلسة الإفطار، ولا يمكن الاستغناء عنها.
بينما السيدة نسرين لكحل، ذكرت أنها لا تثق كثيرا في بعض ما يعرض، وهذا ما يدفعها إلى شراء كميات معتبرة من الليمون وتحضير العصير يوميا في منزلها، وأحيانا يطلب منها بعض الأقارب والجيران تحضير هذا المشروب وتقدّمه لهم كهدية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19737

العدد 19737

السبت 29 مارس 2025
العدد 19736

العدد 19736

الجمعة 28 مارس 2025
العدد 19735

العدد 19735

الأربعاء 26 مارس 2025
العدد 19734

العدد 19734

الثلاثاء 25 مارس 2025