يشكل الاستثمار المحلي أحد الركائز الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية، إذ يسهم في تحفيز النمو، خلق فرص العمل، وتنويع مصادر الدخل، وفي ظل التحدّيات الاقتصادية الراهنة، أصبح من الضروري التركيز على استغلال المؤهلات الاقتصادية المتاحة في مختلف الولايات، من خلال توفير بيئة استثمارية جاذبة تعتمد على التسهيلات الإدارية، والعقار الصناعي والفلاحي، إلى جانب تطوير البنى التحتية.
وفي ظل توجه الجزائر نحو تنويع اقتصادها، تشهد عدة ولايات ومن بينها ولاية ورقلة، حركية متسارعة في نمو مجال الاستثمار، بما يعكس الاستراتيجية الجديدة للدولة في دعم الاستثمارات المستدامة، ويأتي هذا في إطار تعزيز البيئة الاستثمارية وجذب المشاريع التي تساهم في التنمية المحلية وتوفير فرص العمل.
ملتقى لتباحث فرص الاستثمار المتاحة
وبهذا الصدد احتضنت ولاية ورقلة خلال شهر فيفري المنصرم ملتقى جهويا للاستثمار نظمته الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، بمشاركة واسعة من المستثمرين والمسؤولين المحليين لمباحثة آفاق الاستثمار وفرصه الواعدة المتاحة بهذه الولاية ورقلة وعبر عدد من الولايات المجاورة منها غرداية، تقرت، الوادي.
وقد شهد هذا الملتقى الجهوي “مؤهلات وفرص استثمارية واعدة لنمو اقتصادي مستدام”، حضور عدد من المتعاملين الاقتصاديين، المستثمرين، ورجال الأعمال من داخل وخارج الولاية والمسؤولين المحليين لولايات ورقلة وتقرت وغرداية والوادي، كما شكل فرصة هامة لعرض الإمكانات الاقتصادية التي تزخر بها هذه المنطقة، ومدى إمكانية تحقيق فرص استثمارية جديدة من خلال التسهيلات الممنوحة للمستثمرين، خاصة في مجالات العقار الصناعي والفلاحي.
ومن جانبه أكد والي ورقلة عبد الغني فيلالي، خلال هذا الملتقى على أهمية تحسين مناخ الاستثمار عبر تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير العقار المناسب للمشاريع الاقتصادية، مشيرا إلى أن الولاية تسعى إلى تنفيذ برامج تنموية تعزز من قدراتها الاقتصادية وتفتح المجال لمشاريع جديدة في قطاعات حيوية.
وقد شهد الملتقى الاقتصادي الأخير تسليط الضوء على عديد المؤهلات الاقتصادية المتاحة عبر هذه الولاية، خاصة في ظل التسهيلات المقدمة من السلطات المحلية لتعزيز مناخ الاستثمار، بما في ذلك منح العقارات الصناعية والفلاحية، وتبسيط الإجراءات الإدارية، فضلا عن دعم المشاريع ذات القيمة المضافة.
وخلال فعاليات هذا الملتقى أعلن المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار عمر ركاش عن ثمانية مشاريع استثمارية جديدة، تغطي قطاعات متعددة، مثل الصناعات التحويلية والتخزين والنقل، والتي من شأنها خلق فرص عمل وتحفيز النشاط الاقتصادي في المنطقة.
وأشار أنه إضافة إلى المشاريع المطروحة في ورقلة، تعمل السلطات على تطوير برنامج استثماري جديد في المدينة الجديدة حاسي مسعود، بالتنسيق مع وزارة السكن والعمران، هذا البرنامج يهدف إلى تحديد الأنشطة الاقتصادية المناسبة للمدينة، وفتح المجال أمام المستثمرين لاقتراح مشاريعهم عبر المنصة الرقمية للمستثمر، مما يعزز من فرص الاستثمار في المنطقة.
ومن بين المشاريع البارزة التي تم الإعلان عنها، يأتي مشروع مصنع السكر فرع “تفاديس” التابع لشركة “مدار القابضة” على مستوى ولاية ورقلة، الذي يمثل إضافة نوعية للاقتصاد الجزائري، حيث يهدف إلى إنتاج مئات الآلاف من الأطنان من السكر الأبيض المكرر ومنتجات ثانوية مثل دبس السكر ولب الشمندر، هذا المشروع الضخم، الذي يمتد على مساحة 300 هكتار، من المتوقع أن يوفر حوالي 1000 منصب عمل، مما يجعله من بين أهم الاستثمارات الصناعية في المنطقة، بالإضافة إلى ذلك شهد هذا الملتقى تسليم مقررات لسبعة مشاريع أخرى، من شأنها أن توفر أكثر من 2000 فرصة عمل.
كما أعلن خلال فعاليات الملتقى عن إطلاق المنصة الثانية للعروض العقارية الموجهة للاستثمار، بهدف دعم المشاريع المستقبلية، وتوفير بيئة مناسبة للمستثمرين وتعزيز جهود السلطات المحلية في استقطاب الاستثمارات.
تجدر الإشارة إلى أنه وعلى الرغم التحدّيات والرهانات الكبيرة المطروحة في مجال دعم وتعزيز فرص الاستثمار، إلا أن هذا الملتقى شكّل محطة مهمة لمناقشة هذه العراقيل واقتراح حلول فعّالة، من بينها إطلاق المنصة الثانية للعروض العقارية الموجهة للاستثمار الفعلي والجاد، وهي خطوة تعزّز الشفافية وتتيح للمستثمرين فرصا واضحة لتطوير مشاريعهم.