لا تزال مدينة بشار وخاصة أحياء الدبدابه والفرسان والصبان وغيرها من الأحياء، تغرق في النفايات التي عمت شوارعها وحولتها إلى سلة كبيرة لاستيعاب القمامة المنتشرة في كل مكان، مظاهر مزرية شوهت شوارع بشار، وأحيائها الحضارية وجعلتها تصنف في عديد من المرات من بين الولايات التي تكثر بها الأوساخ، بسبب نقص الحس المدني، لدى سكان بشار الذين لا يرمون بالفضلات داخل سلة المهملات، في حين تنتشر الزجاجات البلاستيكية في كل الأماكن، بالرغم من كل المجهودات التي أعدت والإمكانيات التي سخرت وعلى أعلى مستوى، وأخرها قرار الوالي مع المديرية التنفيذية ورؤساء الدوائر والأميار.
وبين تماطل المسؤولين ولامبالاة المواطنين، فإن الوضع القائم الذي لم يتم التحكم فيه بعد، ينذر بوقوع كارثة صحية وبيئية، ولابد من اتخاذ إجراءات استعجالية وصارمه لتداركها، كون الأوساخ غزت شوارعها وباتت تهدد المحيط الصحي والطبيعي، مع انتشار للأوبئة والأمراض، التي باتت تشوه الواجهة العمرانية وغيرها من الآفات.
وبين مد وجزر، تتبادل مختلف الأطراف التهم وكل جهة تحاول تحميل الجهة الأخرى مسؤولية ما يحدث، بين المسؤول الأول بالولاية يندد بسلوكيات السكان في بشار ويصفها بغير الحضارية، وبين مواطنين يعلقون تفشي ظاهر الأوساخ والنفايات عبر مدنهم وشوارعهم، على عاتق البلدية والوالي الذي لم يكن صارما في التعامل مع الهيئات المكلفة بالتنظيف.
وقد عبر الكثير من سكان الولاية عن استيائهم جراء الانتشار الرهيب، لمثل هذه الأوساخ التي لم يعد يتحكم فيها أحد، وفي هذا السياق، قال المواطن بن جيمة أحمد بحي النور، أن انتشار الأوساخ عادة سيئة لا توجد إلا في بشار.
أما المواطنة فاطمة الزهراء غربي من حي السلام الدبدابة، فقد أكدت أن تراكم النفايات يعود إلى غياب ثقافة النظافة الجماعية في المجتمع وتغلب الأنانية، فالمواطن لم يعد يهتم بنظافة المحيط بل يهتم فقط بتنظيف بيته، ولا يكترث لأي شيء آخر وهو ما نلاحظه، حيث تقوم عدة ربات بيوت بتنظيف بيوتهن وترمين النفايات من النافذة أو الباب أو الشرفات أو ترمي النفايات، وتخرجها في أي وقت وليس في وقت مرور شاحنة النظافة، أضافت تقول.
وفي هذا الصدد، اقترحت محدثتنا سن عقوبات صارمة على كل شخص يرمي النفايات خارج الأوقات المحددة لذلك تكون في شكل غرامات مالية، لردع الناس وفرض الانضباط على عمال النظافة.
من جهتها، عبرت الأستاذ ة مكي، عن أسفها لما آلت إليه الأوضاع، فبعد أن كان سكان الجنوب يضرب بهم المثل في احترم قواعد النظافة، وعليه فقد دعت إلى معاقبة المواطنين الذين يساهمون في تدهور المحيط، وإعادة الاعتبار إلى شرطة العمران للتكفل بمثل هذه القضايا.
وقال بشير دحمان، أنه منذ قدوم الوالي سلماني والسيد حمليلي محمد هناك تحسن ملحوظ حيث تمر شاحنة النفايات بحيه والأحياء المجاورة يوميا، حيث حمل المسؤولية للمواطنين الذين لا ينظفون المكان عند رفع القمامات وأحيانا يرمون النفايات بعد مرور الشاحنة الخاصة برفعها في انتظار الشركة الجديدة للنفايات ساورة.
من جهته أفاد عبد الجبار، أن المتجول في العديد من الأحياء والمناطق المحيطة يلاحظ مشاهد غير لائقة لم تسلم حتى الأماكن والشوارع الرئيسية، ومحيط المساجد على غرار شارع الأمير عبد القادر والملفت للانتباه هو أن أعوان النظافة يشتغلون بطريقة غير منظمة، بالإضافة إلى غياب الوعي البيئي لدى المواطنين في ظل تحوَل عدد كبير من الفضاءات والمساحات إلى مصبات للفضلات، على حد قوله.
وأضاف أن المسؤولية تعود إلى الطرفين، إلى الهيئات المكلفة رسميًا وكذا إلى المواطنين بسبب غياب السلوكيات الحضارية.
ويرى سليمان العياشي، القاطن بحي الفرسان أن الحل لهذا المشكل فيكمن في تنظيم برامج خرجات مصالح جمع النفايات والتنظيف وتكييفها وفق ما تمليه عادات الجزائريين، أي دوريات في الصباح وتحميل المسؤوليات لكل من يخالف التعليمات مهما كان مواطن أو مصالح النظافة.
آراء مختلفة بين من حملوا السلطات المحلية ومصالح النظافة للبلدية، المسؤولية في انتظار الشريكة الجديدة وبين من يرون أن الخلل في سلوك المواطن، الذي لم يتمكن من الالتزام بمواقيت رمي النفايات والانضباط برمي أكياس مغلقة بإحكام، وغيرها من السلوكيات الحضارية التي تساهم في تحسين المنظر الحضري.
أكد السيد صالحي، مسؤول مصلحة جمع النفايات المنزلية، أن نسبة النفايات تعرف ارتفاعا كبيرا ولهذا الغرض فإن المصلحة وضعت برنامجا خاصا، تغطي كل مناطق البلدية وبمعدل من 3 إلى الأربع وعشرين ساعة.
وأضاف صالحي، أن مصلحته قامت بزيارات ميدانية خلال هذه الأيام، وبالرغم من تحسن الوضع عبر كثير من الأحياء، إلا أنه تأسف لسلوكيات بعض المواطنين، مشيرا إلى أن احد المواطنين الذين خرج من سيارته، وفتح صندوق السيارة ليخرج من حوالي عشرة أكياس، وقام برميها على الرصيف.
وقالت محدثنا، أن الكثير من المواطنين لا يحترمون أوقات رمي النفايات التي تسمح للشاحنات بجمعها.
وفي هذا السياق، أكد السيد صالحي، أن الشاحنات التي تقوم بنقل النفايات أصابها بعض العطل مما اضطر البلدية بالاستعانة بالخواص، وفيما يتعلق بالنفايات الصلبة التي عادة ما ترمى بعد الأشغال المنزلية، قال صالحي، أنها من مسؤولية صاحب البيت لنقلها خارج إقليم البلدية. واغتنم صالحي الفرصة ،لدعوة المواطنين إلى احترام مواعيد مرور الشاحنات المكلفة بجمع النفايات.
أطباء مستشفى «محمد بوضياف» يحذرون من خطر انتشار النفايات على الصحة والبيئة
دق أطباء مستشفى محمد بوضياف بالدبدابة ناقوس الخطر حول الأخطار الصحية والبيئة للنفايات المنتشرة، حيث يرى الكثيرون، أن المنطق الذي قد يعتمد عليه بعض الجزائريين وهو رمي النفايات بعيدا عن المنزل بخمسة او عشرة مترا، لن يقي الشخص المعني من الخطر ولا أولاده، حيث أن الروائح الكريهة الناتجة عن تعفن النفايات المنزلية بسبب الجراثيم، تساهم في ارتفاع الأبخرة المشبعة بالغازات السامة وانتشار الحشرات الناقلة للميكروبات والأوساخ، كالذباب، الناموس، الصراصير.
إضافة إلى الحيوانات الناقلة للأوبئة والأمراض: الكلاب والقطط الضالة - والفئران. وبالتالي فقد تسبب أمراضا تمس الجهاز التنفسي، والأمراض الجلدية، التشوهات الخلقية، السرطانات وغيرها من الكوارث الصحية والبيئية.
وفي الأخير، تبقى مشكلة النفايات المنزلية التي تهدد المحيط المعيشي لسكان عاصمة الجنوب الغربي قائمة، في انتظار إيجاد حلول ردعية، كما هو الحال عليه في الدول المتطورة التي تفرض على المخالفين غرامات مالية، وضرورة التحلي بالثقافة البيئة والسلوكيات الحضارية التي يجب ان تعمل الحركات الجمعوية على نشرها من خلال حملات توعوية تمس كل شرائح المجتمع.
لأن النفايات مسألة تعني الجميع، حتى لو تم رميها خارج المنزل، ولن يكون أي كان في منأى عن أضرارها الصحية والبيئة، لأن المحيط هو فضاء يتقاسمه الجميع ويتشاركون فيه، فإما النجاة معا أو الغرق سويا في النفايات، على حد قوله.