رغم كل الوعود التي أطلقتها السلطات المحلية لإدراجهم ضمن عمليات الترحيل بعد إحصائهم في عام 2007 وتحيين ملفاتهم أكثر من 4 مرات، إلا أن سكان البيوت القصديرية بحي «باتيس» الواقع على مستوى بوشاوي البحري، ببلدية الشراقة، ينتظرون التفاتة جدية والوفاء بالوعد وترحيلهم الى سكنات لائقة، إذ تعاني أكثر من 400 عائلة في صمت منذ العشرية السوداء الأمرين على ضوء الحياة المزرية التي تطبع يومياتهم.
معاناة طال أمدها منذ عدة سنوات طبعتها حياة الشقاء والتهميش جرّاء الحالة الكارثية التي يعيشونها داخل منازل فوضوية مصنوعة من صفائح «الترنيت»، جعلت السكان يدقون ناقوس الخطر على أمل أن تجد استغاثتهم هذه المرة آذانا صاغية تضع حدا لآهاتهم المنبعثة من وضع معيشي صعب.
في هذا الصدد، تحدث المواطن عبد القادر في تصريح لـ»الشعب»، عن يوميات عشرات العائلات التي تعيش حياة البؤس داخل بيوت قصديرية يصارعون فيها الموت، خوفا من انهيارها على رؤوسهم بعد تصدع أسقفها وتآكل جدرانها. ولعل ما زاد من آلامهم، سياسة التهميش التي امتدت لتحرمهم من أدنى ضروريات الحياة، يومياتهم يلخصها سقف مصنوع من الترنيت و»مأساة» لم تبارح حياتهم.
في هذا السياق، أكد عبد القادر قائلا: «لقد أكلنا الصدأ من الصفيح والزنك فنحن نعيش معيشة مزرية، خاصة بعد تسجيل حالات إصابة بمرض الحساسية والربو وسط أبنائنا جراء الوضعية المأسوية التي نعيشها». إن الحي، يضيف ذات المتحدث: «تنعدم فيه أدنى ضروريات الحياة وأبسطها فالصفيح يقينا والأوحال تؤرقنا والقمامات تحاصرنا والجرذان تسكن معنا، زد على ذلك الآفات الاجتماعية بشتى أنواعها».
من جهة أخرى، عدد السكان جملة النقائص المسجلة على مستوى الحي الذي يفتقر لجميع المرافق الضرورية، حيث يضطرون للتنقل الى بلدية سطاوالي من أجل قضاء حاجياتهم اليومية وهو ما صعب من يومياتهم أكثر.
في هذا الإطار، طرح السكان بعض التخوفات التي باتت تلازمهم في كل مرة خاصة في الأيام الممطرة، تخوفا من وقوع كارثة قد تتسبب لهم في خسارة مادية وبشرية، خاصة وأن حيهم قد عرف خلال هذا الموسم تسرب كميات كبيرة من المياه إلى داخل منازلهم تسببت في إتلاف لوازم البيوت، خاصة الكهرومنزلية منها.
في المقابل تطرق محدثونا إلى الانتشار الرهيب للنفايات وللغبار خلال فصل الصيف حيث يصل حتى داخل منازلهم متسببا لهم في حساسية كبيرة يصعب تحملها، خاصة ما تعلق بفئة الصغار، لتبقى بذلك أغلب العائلات تتجرع مرارة العيش داخل هذه المنازل المصنفة ضمن مناطق الظل التي تغطيها أوراق الأشجار المحيطة به.
وضعية أرّقت حياتهم كثيرا وأثقلت كاهلهم، يعيشون بداخلها تحت هاجس الموت، يتملكهم الخوف من أي كارثة طبيعة قد تحدث كالزلازل، على اعتبار أنها مشيدة بطريقة فضوية لن تمكنها من الصمود أمام أي خطر، وضعية مأسوية أثارت استياء السكان كثيرا.
في هذا الإطار، يتساءل فيها في كل مرة السكان عن سبب عدم إدراجهم ضمن عمليات الترحيل التي مست الكثير من الأحياء القصديرية منذ أكثر من 10 سنوات، رغم أنهم يتمركزون بمنطقة حساسة كان من المفترض ترحيلهم ضمن عمليات إعادة الإسكان الأولى، ليبقى ملفهم عالقا ينتظر التفاتة السلطات المحلية.
في هذا المقام، وجه سكان حي باتيس الواقع ببوشاوي البحري بالشراقة، مقابل إقامة الدولة الساحل وقصر المؤتمرات عبد اللطيف رحال، رسالة الى والي الجزائر العاصمة، تحمل نداء استغاثة لاتخاذ كافة إجراءات التي من شأنها أن ترفعهم لحياة أفضل ولائقة، من خلال الوفاء بالعهود التي أطلقوها وترحيلهم الى سكنات جديدة بإدراج حيّهم ضمن عمليات الترحيل المقبلة ووضع حد لمعاناتهم، وذلك وفق البرنامج الذي تعمل عليه منذ زمن والخاص بالقضاء على كافة البيوت القصديرية المتمركزة بعاصمة البلاد، خاصة وأنه تم إحصاؤهم من طرف مصالح البلدية.
في انتظار إدراجهم ضمن عمليات الترحيل المقبلة، يبقى سكان الحي يواجهون مرارة العيش داخل هذه المنازل الضيقة وسط الروائح الكريهة المتسبب في انتشار البعوض ومختلف الحشرات الضارة، فعلى مدار سنوات طويلة بقيت العائلات حبيسة أوضاع مزرية بعيدا عن اهتمامات السلطات المحلية.