وصلت محطّة الخدمات نفطال لتوزيع الوقود المتواجدة بالمدخل الغربي لبلدية دلس بمنطقة «تاقدامت» درجة متقدّمة من التهاون، وتدني مستوى الخدمات المقدمة للزبائن، الذين يدخلون يوميا في مناوشات مع العمال المتثاقلين في تقديم الخدمة ومسبّبين طوابير طويلة للمركبات، حسب عدد من المواطنين الذين صادفتهم «الشعب» في المكان، حيث حاول بعضهم الاحتجاج، وغلق المدخل الرئيسي للتعبير عن الغضب والمعاناة، ولفت انتباه مسؤول الوحدة الذي لم يحرك ساكنا من مكتبه.
تحوّلت محطة الخدمات العمومية لمنطقة تاقدامت إلى مضرب مثل بين المواطنين وأصحاب المركبات الخاصة ونقل المسافرين في التهاون والتحايل على الزبائن بمختلف الطرق، حيث أصبح الكثير من الزبائن يتحاشى دخولها إلا للضرورة القصوى حسب أصداء جمعتها «الشعب» وشهادات مسجلة في المكان، بسبب سوء التسيير وتراجع كبير لمستوى الخدمات مقارنة مع المحطات التابعة للخواص التي تعرف نشاطا كبيرا وأداءً سريعا وراقيا، حسب تعبير مواطنين محصورين داخل مركباتهم لأكثر من 45 دقيقة لملء خزان السيارة، خاصة وأن الأغلبيتهم مسافرون من خارج الولاية لا يعرفون نوعية الخدمات المقدمة، لكنهم مضطرون لمتابعة السير البطيء للطوابير الطويلة التي خرجت في سلسلة متواصلة إلى الطريق العام في مشهد يتكرر يوميا دون تدخل لإدارة المؤسسة من أجل معالجة الخلل والاستماع إلى شكاوي الزبائن.
وقد صادف وجودنا في المحطة أو بالأحرى وجدنا أنفسنا محصورين في طابور طويل تحت أشعة الشمس الحارقة، في انتظار دورنا كباقي الزبائن الذين بدأوا في التحرك والخروج من سياراتهم ومن أجسادهم بعد توقف تام للخدمات دون إشعار الزبائن أو إبداء نوع من اللباقة وتوزيع ابتسامة من قبل بعض العمال، الذين يشعرون الزبون كأنه «يلتمس صدقة» حسب تعليقات المتواجدين بالمكان، وكان بعضهم بعائلاتهم وأطفالهم ينتظرون في ظروف مقلقة للغاية والبعض الآخر مستعجلا في سفريته.
وبعد خروج بعض الزبائن للتحقق من سبب توقف الطابور، تفاجأنا لوجود عاملين فقط يتنقّلون بين الموزّعات الأربعة وحتى بيع قارورات غاز البوتان في الزاوية البعيدة، مع وجود صاحب جرار يملأ خزانات مادة المازوت بسعة 200 لتر للواحدة، وزبائن آخرون يتزوّدون عن طريق القارورات رغم منع القانون لذلك، وهنا بدأت درجة الضغط ترتفع وسط المتواجدين في المحطة، الذين حاولوا تكديس مركباتهم وغلق المدخل من أجل التعبير عن سخطهم ممّا يجري، خاصة وأن هذه السلوكات تتكرر يوميا في محطة عمومية كان من الواجب أن تكون أنموذجا في مستوى الخدمات المقدمة نظرا لوجودها في نقطة حساسة بالمخرج الغربي لمدينة دلس، وفي مفترق الطريق الوطني رقم 24 المؤدّي إلى عاصمة الولاية والطريق الوطني رقم 25 باتجاه ولاية تيزي وزو.
مسؤول الوحدة:
«أعملي بالمكتب.. لا أعلم ما بالخارج»
كان من السّهل إيجاد مسؤول المحطة أو المسير مثلما قدّم نفسه لنا عند دخولنا لمكتبه رفقة بعض الزبائن دون إشعاره بأنّنا صحفيّين، حيث حاولنا معرفة أسباب الخلل الموجود في المحطة ومشاكل الطوابير اليومية التي أصبحت حديث العام والخاص، وسؤال أيضا عن سبب غلق آلة التوزيع الرئيسية المخصصة لمادة المازوت التي يتزوّد منها أصحاب الشاحنات والجرارات الفلاحية، ما تسبّب في حشر عشرات المركبات في موزعين فقط، فكان جوابه: «أنا أقوم بالأعمال الحسابية هنا في المكتب ولا أستطيع مراقبة كل العمال المتواجدين في الخارج، فما عليكم إلاّ رفع شكوى للإدارة أو التبليغ عن طريق سجل الشكاوى إذا شاهدتم تجاوزات من قبل العمال كالمحاباة والتقاعس في العمل حتى يتحمل كل واحد مسؤوليته»، في حين أرجع سبب غلق الموزّع الرابع إلى «وجود تلوث في مادة الوقود بعد شكاوي المواطنين، ولذلك تمّ غلق غلقها منذ شهر حتى إصلاح الخلل»، لكن في الحقيقة هي خارج الخدمة منذ أزيد من خمسة أشهر حسب الزبائن.
كما سألناه عن سبب وجود عاملين فقط يقومون بخدمة عدد كبير من الزبائن في محطة رئيسية كهذه، تحجّج مسؤول المحطة بظروف الحجر الصحي الذي أدّى إلى تقليص عدد العمال مؤقتا، لكن بعض الزبائن الآخرين واجهوه بالحقيقية، وهي أنّ المحطة منذ سنوات تسير بنفس المنوال، فرغم جود عشرات العمال بالمؤسسة إلاّ أن المحطة تسير فقط بعاملين يسهرون على تقديم خدمة بطيئة جدا للزبائن، خاصة وأن هناك تعليمة وزارية تجبر العاملين في المؤسسات الاقتصادية وحتى الإدارية الذين استفادوا من العطلة الاستثنائية بالعودة إلى مناصبهم باستثناء النساء الحوامل وممّن لديهن أطفال صغار.
وبالتالي: «لا نعتقد أن هذه الإجراءات تنطبق على محطة خدماتية أساسية عمالها كلهم رجال يعلق صاحب مركبة متذمر من الحجج الواهية ومبررات العجز»،، وعلّق ثاني ساخرا: «هي محطة لرفع ضغط الدم والسكر وليس للتزود بالوقود». فيما ناشد آخرون وحمّلونا مسؤولية رفع الانشغال عن طريق منبر جريدة «الشعب» إلى الرئيس المدير العام لمؤسسة نفطال من أجل التدخل، وإيفاد لجنة للوقوف على واقع هذه المحطة.