تعود ظاهرة الطوابير الطويلة أمام مراكز البريد ببلديات بومرداس لتصنع مشاهد مسيئة، التي لم تصل لحد الآن لطرح آليات عملية لتحسين مستوى الأداء وتسهيل مهام الأعوان بالشبابيك، ومن أجل تخفيف الضغط اليومي عن الزبائن الذين يشتكون هم كذلك من غياب السيولة أحيانا، تعطّل الموزّعات الآلية ومشكل التنظيم أحيانا أخرى.
أصبح موعد 20 من كل شهر علامة مسجّلة لبريد الجزائر باسم الطوابير الطويلة للمتقاعدين، الذين يصنعون مشهدا متكررا وقارا في نفس الزمان والمكان بداية من الساعة السادسة صباحا وأحيانا قبل، حيث يصطف الزبائن وأغلبهم من فئة كبار السن على أمل الحصول من منحة التقاعد التي تصب في هذا اليوم وفي وضع متكدس لا حديث فيه عن كورونا بعدما أنساهم الطابور وهاجس الوصول إلى الشباك قبل غلقه أو نفاد السيولة وخطورة الإصابة، وهم الذين ينتظرون أجرهم الشهري الزهيد بفارغ الصبر للتكفل بانشغالات عائلاتهم وسد حاجياتهم الاساسية.
المشهد هذه المرة كان بمركز بريد بغلية، حيث صادف مرورنا في الصباح الباكر اصطفاف عشرات المواطنين في طابور طويل أغلبهم من المسنين، وهذا قبل فتح أبواب المركز بحوالي ساعتين، وأعينهم مشرئبة نحو المارة الذين تفاجأوا بمعاناة المتقاعدين والطريقة المسيئة للحصول على معاشهم الشهري في زمن الرقمنة والتكنولوجيا والتطور الكبير لمستوى الخدمات، التي كان من المفترض أن تحمي كرامتهم وتقيهم شر الإصابة بفيروس كورونا في هذه الأيام.
ورغم المشاريع الكثيرة المعلنة من قبل المديرية العامة لبريد الجزائر وحدة بومرداس لتحسين مستوى الخدمات وتوسيع الشبكة الى مختلف مناطق وبلديات الولاية بما يقلص نسبة ارتباط كل مركز بعدد الزبائن، خاصة في الأحياء والمدن الكبرى التي تعرف مراكزها الرئيسية ضغطا يوميا، إلا ان نفس السلبيات تتكرر ولم تعد أغلب المراكز قادرة على مواجهة التدفق اليومي للزبائن الذي يتضاعف في هذه الفترة المتزامنة مع العطلة وموسم الاصطياف، في حين تبقى دعوة مسؤولي المركز الوطني للتقاعد ومسيري البنوك الموجهة لفئة المتقاعدين بإنشاء حسابات بنكية لصب المعاشات لتخفيف هذه المعاناة قليلة الاستجابة، لتستمر الوضعية رغم انعكاسها سلبيا على سمعة المؤسسة.