يعتبر نهج الثوار أوما يطلق عليه اسم «رود براهم» المتواجد بولاية قسنطينة احد الأحياء العتيقة بعاصمة الشرق والذي يعود تاريخ تشييده إلى الحقبة القديمة إذ لا تزال بناياته ليومنا هذا تتحدى كل الصعاب من انزلاق للتربة والأرض هذا إلى جانب كونها لم تعد صالحة للسكن ورغم هذا مازالت تأوي الآلاف من العائلات التي تعاني الأمرين دون أن تلقى التفاتة واضحة لها من السلطات المحلية و الولائية التي وجب عليها أن تأخذ معاناتهم على محمل الجد وبعين الاعتبار، رغم الشكاوى التي راسلوا بها لأكثر من جهة، كما أنهم لم يتركوا أي وسيلة إلا واستعملوها أو طريقة إلى وسلكوها عسى ولعل أن تصل شكواهم إلى الجهات المعنية المسؤولة أخرها كانت وقفة احتجاجية نظمها أفراد من قاطني الحي أمام مقر ديوان الوالي لمناشدته.
من خلال الزيارة الاستطلاعية التي قادتنا لهذا الحي العتيق للوقوف على حقيقة ما يتكبده قاطنوه بزيارة لاحظنا من الوهلة الأولى ازدراء الوضع في حين واجهتنا صعوبة و مشقة في التنقل عبره فهو يقع في منطقة جد منحدرة مليئة بالحفر والمطبات لكن المعضلة الكبرى هي وضعية البنايات المزرية التي تفتقر لأدنى شروط العيش الكريم فهي تواجه بالدرجة الأولى خطر الانهيار على رؤوس أصحابها في أي لحظة ودون أي سابق إنذار وهو الأمر الذي كشفت عنه الأحداث الواقعة في أعوام سابقة إذ تعرضت العديد من البنايات للانهيار مخلفة وراءها جرحى وخسائر جسيمة حيث أكد لنا العديد من سكان الحي أن معظم منازلهم مسجلة لدى مصالح البلدية بأنها مهددة بالسقوط وهو الأمر الذي تأكد منه بعد المعاينة التي قام بها خبراء بناء متخصصون قاموا بتصوير الحي مرات عدة ولكن دون جدوى أو نتيجة فعلية فلا تزال البنايات وسكانها على نفس الحالة منذ أكثر من ثلاثين سنة هذا ما جعل السكان يطرحون علامة استفهام كبيرة فيما يتعلق بحظوظهم بالاستفادة من برامج الإسكان الجديدة.
من خلال زيارتنا لبعض المساكن الهشة لاحظنا أن أغلبها تقطنها عائلات تحوي أكثر من ستة أفراد كلهم يعيشون داخل غرفة واحدة لا تكاد تزورها الشمس بل الأدهى من هذا أنه في بناية واحدة يقطن بها أكثر من 4 عائلات تجاوز عددهم الخمسة وعشرين فردا وهذا الوضع وقفنا عليه فعلا حيث يتشاركون جميعهم مرحاضا واحدا، أما كلمة مطبخ وحمام فهي عبارة عن مفردات لا تجد بينهم مكانا ولا يستعملونها أصلا في قاموسهم اليومي، فهؤلاء المواطنون يضطرون إلى استعمال الحمامات العمومية متحملين بذلك مصاريف زائدة هم في غنى عنها خاصة وأن عدد أفرادهم ليس بالقليل وهي الوضعية التي أرقت هؤلاء السكان البسطاء لاسيما منهم ذوي الدخل الضعيف و المحدود، من جهة أخرى يطرح قاطنو المنطقة مشكل التشققات الخطيرة التي أصابت بنياتهم نظرا لتعرضها الدائم والمستمر للانزلاق حيث أصبحت البعض منها وكأنها تعيش في العراء هذا إلى جانب الحوادث المتكررة التي يشهدها الحي من سقوط عدة شرفات بمن عليها من أدوات وحتى من أفراد، فضلا عن وضعية السلالم المهترءة التي لاتنفك وان تنهار في أي لحظة وهو الواقع المر الذي عايشته أكثر من عائلة تضررت جراء انهيار سقف منزلها كما أن سكان حي «رود براهم» وحسب ما صرحوا به لنا أنهم مضطرون إلى جانب هذه الوضعية إلى محاربة الثعابين والجرذان التي أصبحت تنغص عليهم يومياتهم لتزيد الأمور هذا دون الحديث عن الأمراض التنفسية التي يعانون منها بسبب الرطوبة العالية والوضعية الغير الصحية داخل بيوتهم وغيرها من المشاكل التي أرقت سكان منطقة رود براهم و أدخلتهم وسط حلقة مفرغة من النقائص وانعدام أبسط ضروريات العيش الكريم.
ومن خلال هذه الوضعية المزرية التي قدم على غرارها السكان العديد من الملفات لدى السلطات المسؤولة وذلك مند بداية التسعينات لهدف واحد وهو الإستفادة من سكنات لائقة سواء في إطار السكن الاجتماعي أو في إطار القضاء على السكنات الهشة بالولاية المهددة بالانزلاق والانهيار لكنهم لم يقابلوا إلا بوعود فارغة لامحل لها من الإعراب، لتمكن منهم اليأس في حين لازالوا ينتظرون حلول ساعة الفرج وإلى متى ستتمر المعاناة هذا وقد ناشدوا السلطات الولائية وعلى رأسها والي الولاية عساه أن يحقق مطلبهم في العيش الكريم