يعيش فلاّحو ولاية بومرداس حالة من القلق والتّطلّع لعودة الغيث بعد عدة أشهر من انقطاع الأمطار بسبب الظروف المناخية غير العادية، خوفا على محاصيلهم الزراعية خاصة بالنسبة لشعبة الحبوب التي بدأت تتأثر بنقص المياه في التربة، ممّا قد يؤثّر على المردود السنوي، فيما تتّجه الأنظار نحو انطلاق عملية السقي لإنقاذ بعض المنتوج الموسمي.
تحوّلت ظاهرة تأخّر نزول الأمطار في الأشهر الأخيرة إلى حديث الساعة بين مهنيي القطاع الفلاحي بالنظر إلى أهمية النشاط في التنمية المحلية الذي يشغل عشرات العائلات أهمها في إنتاج الخضروات، الفواكه بكل أنواعها وبالأخص الحمضيات وعنب المائدة، إلى جانب الزيتون وتربية المواشي التي يبقى مصيرها مرتبطا أيضا بالقطاع الفلاحي، ومدى توفر الأعلاف المستخلصة من الحبوب بكل أصنافه المتضرّر من شح الأمطار وضعف شبكة الري.
أمام هذه الحالة الطبيعية الاستثنائية، بدأ التفكير مبكّرا في عملية السقي الفلاحي، وإمكانية إنقاذ بعض المحاصيل الزراعية الرئيسية التي تبقى في حاجة ماسة إلى دعم بالمياه لإكمال الدورة، خاصة بالنسبة لشعبة الحبوب ولو على ضعفها من حيث المساحة وكمية الإنتاج التي لا تتجاوز 125 ألف قنطار سنويا ما بين قمح وشعير و10 آلاف قنطار من البقول الجافة مقارنة مع باقي الشعب الأخرى، إضافة إلى 590 ألف قنطار من الأعلاف الموجهة لتغذية الحيوانات والمواشي.
وقد أحصت مديرية المصالح الفلاحية لبومرداس أزيد من 22 ألف هكتار مساحة مسقية من أصل 63 ألف هكتار صالحة للزراعة، وهو ما يشكّل تحديا حقيقيا لضمان الكمية الكافية من المياه هذا الموسم في حالة استمرار حالة شبه الجفاف الذي يضرب المنطقة، وأيضا طريقة توزيعها بالتساوي انطلاقا من أنظمة السقي الحالية المرتبطة بكل من سد بني عمران، قدارة والحميز وبعض السدود الصغيرة المتواجدة في كل من الناصرية، سيدي داود ورأس جنات، على الرغم من ضعف المنسوب لهذه السنة في انتظار باقي أيام الفصل.
بالمقابل يجتهد الفلاحون النّاشطون في شعبة عنب المائدة المسيطرة على القطاع الفلاحي بنسبة 45 بالمائة محليا في طرق إنقاذ محصولهم لهذا الموسم، ولو أن هذه الشعبة إلى جانب شعبة الحمضيات ومختلف الأشجار المثمرة لم تتأثر كثيرا لحد الآن بالحالة الطبيعية حسب عدد من الناشطين لأنها في مرحلة ما قبل النضج، لكن مع ذلك بدأ الخوف يتسلّل إلى قلوبهم ومحاولة إيجاد بدائل أخرى لسقي المساحات المغروسة إما بالحواجز المائية التي لم تصل إلى درجة الامتلاء التام، أو اللجوء إلى عملية السقي بالصهاريج التي تزدهر بداية من شهر جوان إلى نهاية اكتوبر انطلاقا من آبار واد سيباو الذي تأثّر هو الآخر بقلة منسوبه، فيما يتجنّب الفلاحون من سقي مساحاتهم الزراعية المتواجدة على ضفاف الواد من المياه المتحجرة في مصبه النهائي بالحر بسبب ارتفاع درجة الملوحة لضعف تدفق المياه.
هذا ورغم الظّروف الصّعبة التي يعاني منها القطاع الفلاحي نتيجة قلة الأمطار وتأخرها، إلا أن الأمل لا يزال قائما في عودة الغيث مجددا حسب تصريحات المواطنين والفلاحين، الذين يستبشرون خيرا فيما بقي من أشهر السنة المعروفة بنسبة تساقطها الكبير على غرار مارس، أفريل وصولا حتى شهر ماي رغم التأثر الواضح لبعض المحاصيل.