ما تزال أجزاء من شرفات العمارات القديمة بالعاصمة، تسقط على الأرصفة محدثة هلعا «كبيرا» في أوساط المارة الذين اعتادوا السير في تلك الاتجاهات للالتحاق بمناصب العمل أو مقاعد الدراسة وغيرها مفضلين الابتعاد عن المنطقة الخطيرة حتى لا يتعرضوا لإصابات جراء حجم الحجارة الضخمة المنطلقة من فوق.
إن كانت مثل هذه الحوادث المخيفة قد تراجعت بشكل ملحوظ في العربي بن مهيدي والبريد المركزي وعميروش وعبان رمضان جراء أشغال الترميم الواسعة لتلك البنايات، وهذا بإصلاح واجهاتها فإن الأحياء الأخرى تهدد الناس يوميا وهذا ما يشهده حي الإخوة بليلي من تهاون متواصل حيث بلغت أطراف من عمارتي رقم 88 و90 درجة متقدمة من الهشاشة.
في كل مرة يستيقظ الناس على انهيار أجزاء من الشرفات بسماع دوي مخيف الكل يضع يده على قلبه خلال تلك اللحظة خوفا من إصابة أي شخص غير أنه في كثير من الأحيان لا تسجل أي حالة تذكر، مما يبعث الارتياح في نفوس ساكني هذا الحي.
يكفي اليوم أن يقوم المنتخبون المحليون بإطلالة لهذا الحي ليطلعوا حقا على المأساة الواقعة هناك بسبب الإهمال الذي لحق بالبنايتين وعدم التكفل بهما من الجهات المسؤولة.
الأمر هنا لا يتعلق بالتشخيص فقط أو الترويج لهذا المشكل في كل مرة، بل أن هناك العديد من المراسلات المحررة مسجلة لدى مكتب استلام الوثائق لدى بلدية الجزائر الوسطى يعود تاريخها إلى 2016، لكن للأسف لا حياة لمن تنادي لم ترد المصالح المعنية على تلك الكتابات المودعة لديها إلى غاية يومنا هذا.
في غياب هذا التواصل مع انشغالات المواطن وعدم الالتفات إلى قضاياه اليومية فإن إخطار الآخر ونعني بذلك اطلاع البلدية على ما يجري سواء عن طريق لجان الأحياء أو الجمعيات أصبح عملا لا يليق وحتى مزعج لدى البعض بدليل أن شرفات عمارات الإخوة بليلي توجد في وضعية خطيرة جدا.. غير أن الأصوات المرتفعة والمحذرة من مغبة وقوع حوادث لا تؤخذ بعين الاعتبار، فمنذ 4 سنوات دق السكان ناقوس الخطر، انطلاقا من شعورهم بروح المسؤولية وحرصهم على حماية الأرواح من كل مكروه.
هذا التفاعل النابع من السلوك الحضاري لم يلق الاستجابة عند الآخر إلى درجة كأن الأمر لا يعنيهم بتاتا، أو -لا قدّر الله - ينتظرون حدوث الكارثة حتى يتدخلون والغريب في كل هذا أن هؤلاء يقولون بأن عمليات إصلاح البنايات تابعة لولاية الجزائر.
هذه حجة باطلة «السكان لم يطالبوا بتلك الأشغال الكاملة وإنما هم بصدد تنبيه المسؤولين المحليين بالوضعية الراهنة ومطالبتهم بالإسراع في التكفل بها فورا دون أي تأخير، إلا أن هؤلاء يحيلونهم على ولاية الجزائر لا ندري لماذا ؟ هل هناك سوء تفاهم أم شيء آخر لا نعرف خلفياته ؟ ماذا يكلف زيارة رئيس بلدية إلى ذلك الشارع لمعرفة حقيقة تلك العمارات ؟ ليرى بنفسه خلافا لما ينقل له من معطيات أو معلومات غير دقيقة.
ففي بناية لصيقة بمسجد حمزة في الطابق الثاني لا يتوفر أحد المنازل على سياج حديدي للشرفة لا لشيء لأنه إنهار نتيجة تآكل أرضيته الأسمنتية وامتصاص كميات هائلة من المياه وحاليا لا يستطيع أصحابه الخروج إليه منذ سنوات طويلة، وتم إرسال صور،لكن دار لقمان ما تزال على حالها.
مع مرور الوقت توسعت دائرة الانهيارات، كان آخرها الأسبوع الماضي فقط عندما سقطت حجارة ضخمة على الرصيف في ساعات متـأخرة من الليل ولا تتوقف هذه الظاهرة في هذا الشارع الذي تحوّل إلى هاجس بالنسبة للمارة الذين يحاولون تفادي السير تحت تلك الشرفات خاصة مع وجود مدرسة قرآنية للأطفال، وروضة، ومرافق أخرى، فإلى متى هذا الانتظار الذي طال أمده من أجل ترميم الشرفات ؟.