فاجعة جديدة هزّت قرية أنباج بمنطقة بوعنان في إقليم فجيج بالمغرب، بعدما لفظ شاب عشريني أنفاسه الأخيرة داخل أحد مناجم الباريت، في حادث مأساوي أعاد إلى الواجهة الوجه القاتم لثروة معدنية تُدرّ الملايير على الأسواق الدولية، لكنها لا تجلب لسكان المنطقة سوى الفقر والمآسي.
الحادث ليس استثناءً، بل نتيجة حتمية لظروف عمل بدائية وخطيرة، حيث يُستخرج الباريت باستعمال مواد متفجرة كالبارود في غياب شروط السلامة والوقاية، بينما تتعامل السلطات مع هذه الأنشطة ببرود غير مفهوم، تاركةً شباب المنطقة يغامرون بحياتهم في مناجم أشبه بـ «قبور مفتوحة تحت الأرض».
المفارقة الصادمة أن المغرب يُصنَّف ضمن الدول المصدّرة للباريت نحو الأسواق العالمية، لكن أبناء فجيج، الذين يعيشون فوق هذه الثروة، يواجهون البطالة والتهميش، ولا ينالون من خيراتها سوى نصيبهم من الجنازات المتكررة.
الغضب الشعبي تعاظم بعد وفاة الشاب الأخير، حيث ارتفعت أصوات سكان المنطقة مطالبين بفتح رخص الاستغلال بشكل قانوني ومنظم، مع توفير ظروف عمل آمنة وضمان أن تعود عائدات الثروة المعدنية على الساكنة، بدل أن تبقى حكراً على شركات وأطراف تستفيد من عرق وأرواح الفقراء.اليوم، لم يعد ممكناً تجاهل السؤال الجوهري: إلى متى ستظل ثروات فجيج تُستخرج لصالح الأسواق الدولية، بينما يدفن أبناؤها تحت الرّكام؟ ألم يحن الوقت لتحويل هذه الثروة من مقبرة مفتوحة إلى رافعة تنموية تعيد الكرامة لشباب المنطقة؟